عمان"المسلة "….. كان لأحداث الربيع العربي تأثيرها المباشر وغير المباشر على الصناعة السياحية في المنطقة العربية، حيث غدت المنطقة في المرتبة الاخيرة بعدما كانت في صدارة دول العالم بمكانتها السياحية.
ويجيء يوم السياحة العربية الذي يحتفل به الاردن يوم غد الاربعاء تحت شعار " تنمية السياحة العربية البينية" في مسعى لإعادة الحيوية والألق لسائر مكونات النشاط السياحي بالمنطقة العربية عقب ما لحقها من دمار وخراب نتيجة للأوضاع غير المستقرة في عدد من البلدان العربية.
ومن خلال الاحتفالات بهذه المناسبة بدأت بلدان عربية في تطوير برامجها السياحية ومواجهة التحديات والعقبات السياحية والاقتصادية لتكون المنطقة العربية مقصداً سياحياً مشتركا، اذ تناولت دراسة أعدتها المنظمة العربية للسياحة حملت عنوان (تنمية السياحة العربية البينية: العقبات والحلول) للدكتور فيصل شياد للعام 2014، أظهرت ان تنمية السياحة البينية العربية تتطلب توفير عوامل عدة، اهمها: وجود رغبة حقيقية في تفعيل القطاع السياحي، كما أظهر تقرير منظمة السياحة العالمية بأن اعداد السائحين القادمين لمنطقة الشرق الاوسط عام 2014 وصلت الى 50 مليون سائح مقارنة بحوالي 52 مليونا للعام 2013.
وأصدر المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) تقريره العام الماضي تحت عنوان "النمو من خلال الصدمات" والذي استوحي اسمه نتيجة تعرض قطاع السياحة لعدة صدمات صحية وكوارث جوية بالإضافة للأزمات المتلاحقة في العالم مثل عدم توفر الأمن والارهاب في بعض الدول.
وجاء في خلاصته ان الدول العربية التي تضمنها تقرير تنافسية السياحة والسفر لعام 2015 اعطى دولة الامارات العربية المتحدة المرتبة الاولى على مستوى اربع عشرة دولة عربية شاركت في التنافسية تليها قطر، فيما جاء الاردن في المرتبة السابعة ومصر في المرتبة التاسعة.
الخبير السياحي رئيس قسم إدارة السياحة والسفر في الجامعة الأردنية الدكتور ابراهيم بظاظو يفسر هذه المؤشرات ويبين ان ما حدث من تراجع في السياحة بقوله "قبل احداث الربيع العربي كانت تقارير الامم المتحدة الصادرة من منظمة السياحة العالمية تشير الى ان المنطقة العربية تحتل المرتبة الاولى من حيث النمو السياحي على مستوى الاقاليم الاخرى، لكن بعد احداث الربيع العربي تراجعت النسبة الى ان وصلت المرتبة الاخيرة على مستوى الاقاليم السياحية العالمية بسبب انعدام الامن والاستقرار والاضطرابات الامنية والعسكرية التي اصابت العديد من الاقطار العربية، ما انعكس سلبا على نمو السياحة".
واوضح ان الدول التي شهدت نزاعات عسكرية بشكل مباشر كسوريا والعراق واليمن وليبيا تضررت بشكل مباشر لانعدام الحركة السياحية منها واليها، فيما تعرضت دول اخرى بطريقة غير مباشرة لانعدام قدوم السياح لديها بسبب اعتماد دول على أخرى.
وأشار الى ان الاردن مثلا من الدول التي تعتمد في سياحتها على "الفرصة المعترضة" كما يسمى علميا، لأنها تعتمد على السياح القادمين من سوريا ولبنان ومصر والذين يأتون الى الاردن، ولذلك تأثر بطريقة غير مباشرة، لانعدام الحركة السياحة القادمة الى تلك البلدان.
ولفت الى ان بلدانا في الوطن العربي والشرق الاوسط عموما تأثرت في معظمها سلبا بسبب الاضطرابات المختلفة، وهناك دول استفادت بشكل كبير ومباشر من هذه الاحداث على غرار تركيا وقبرص والامارات، فتأثرت ايجابا وانتعش اقتصادها واستثماراتها من حيث اعداد الغرف الفندقية وحجم الحركة السياحية القادمة اليها، وهناك دول اخرى مثل الاردن تأثرت بشقين؛ فهناك تأثيرات ايجابية مباشرة في رفع حجم السياحة العربية القادمة الى الاردن، وانخفاض ملموس في اعداد السياح الاجانب؛ لأن الاردن محطة امن واستقرار لأقطار الوطن العربي، لكنه تأثر سلبا في السياحة الدولية القادمة اليه بحسب بترا.
وفيما يتعلق بأنماط السياحة بين ان هناك انماطا تأثرت ايجابا في السياحة العلاجية والتعليمية وازدادت ونمت وتطورت في الآونة الاخيرة، اما انماط السياحة التراثية والثقافية والاثرية فانخفضت اعدادها بشكل ملموس في الاردن من حيث اعداد القادمين اليه، اضافة الى ان رواد السياحة الثقافية هم من الاجانب، واما السياحة العلاجية فروادها العرب، مشيرا الى ان القطاع السياحي لا يجب الحديث عنه بشكل عام وانما يجب الحديث عن انماطه السياحة.
أستاذ الاعلام في جامعة اليرموك الدكتور خلف الطاهات بين أن من بين اسباب التراجع السياحي في المنطقة العربية بشكل عام والاردن خاصة فشل بعض الحكومات في ادارة موضوع الاعلام السياحي، وهو انعكاس لفشل سياسات الاستثمار الحكومية.
ومع ذلك اشار الى توفر الارضية الصلبة والقوية لصناعة السياحة والاستثمار في الاردن الا انها مهملة بسبب عدم الجدية في اعطاء السياحة اولوية ضمن اولويات اجندة القضايا المحلية، بدليل ان حجم الاستثمار الاعلامي في الترويج الاعلامي للأردن يكاد يكون محدودا او موسميا.
واكد اهمية التثقيف السياحي في المناهج الدراسية والبرامج الاكاديمية، وزيادة الصفحات المتخصصة في الاعلام الاردني، مشيرا الى انها موسمية وليست جزءا من استراتيجية الدولة في التثقيف السياحي كما هو في التثقيف السياسي.
ودعا الى استثمار ثقافة الشباب اللغوية وفي التسويق السياحي، فالمسؤولية تشاركية ومجتمعية، إضافة الى زيادة الاهتمام بالمواقع الاثرية والسياحية بما ينعكس ايجابا على الترويج وصناعة الاعلام السياحي.
وبين انه للنهوض بالسياحة يجب ان نثق بإمكاناتنا التراثية والتاريخية والسياحية الهائلة والضخمة، ويجب عدم إثقال السائح من حيث الأسعار والضرائب، ومن الاهمية ايضا تكثيف الدورات التثقيفية والارشادية في الاعلام السياحي في المدارس والجامعات، والتدريب على صناعة المؤتمرات، وإعطاء الصورة المشرقة للأردن بما يليق به.
يذكر انه تم اعتماد يوم السياحة العربي بتاريخ 25 شباط من كل عام في اجتماع المجلس الوزاري العربي للسياحة بدورته السابعة عشرة، والتي عقدت بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتاريخ 28 تشرين الثاني 2014، وتخليدا لدور الرحالة العربي ابن بطوطة في رحله وترحاله.