أبوظبى …. يتقدّم قطاع الطيران بخطى متسارعة وثابتة نحو قيادة الاقتصاد الوطني ما بعد النفط من خلال زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للدولة بنسبة تصل إلى 15% وذلك بعد الإنجازات والنجاحات التي حققتها الدولة في صناعة الطيران خلال السنوات الأخيرة. وترتفع نسبة المساهمة هذه إلى 20% بحلول العام.
ويعتبر قطاع الطيران من القطاعات الاستراتيجية الرئيسة التي تستهدفها الخطط الحكومية التي تسعى لبناء اقتصادي قوي ومستدام، قائم على تنويع مصادر الدخل الوطني، وبناء اقتصاد ما بعد النفط.
وترتكز محاور نمو قطاع الطيران في الدولة على توسع ونمو الناقلات الوطنية التي باتت تلعب دوراً كبيراً في صناعة النقل الجوي العالمي سواء من خلال توسعها في الوصول إلى وجهات جديدة أو من خلال استحواذها على طلبيات ضخمة أما المحور الثاني فيرتكز على توسع المطارات المحلية بهدف زيادة قدرتها الاستيعابية سواء من حيث الحركة الجوية أو أعداد المسافرين أما المحور الثالث فيرتكز على التصنيع حيث تعتبر شركة مبادلة الأنموذج الناجح والأبرز في هذا المجال وخاصة أنها باتت مزوداً مهماً لكبرى شركات التصنيع في العالم.
وفتحت شركات الطيران المحلية أبواباً واسعةً من الفرص التجارية وتنطلق يومياً من الدولة رحلات جوية منتظمة إلى أكثر من 300 مدينة عالمية، ووضعت الناقلات الوطنية خططا للتوسع تتضمن شراء طائرات وتوسيع شبكة الوجهات.
وأعلنت « طيران الإمارات» أخيراً عن شراء 36 طائرة إيرباص ايه 380 العملاقة. منها 20 طائرة مؤكدة، وخيار لشراء 16 طائرة أخرى. على أن تبدأ عملية التسليم في عام 2020.
وقال خبراء ومسؤولون متخصصون في قطاع الطيران المدني: إن التجربة الإماراتية في قطاع الطيران باتت تشكل خريطة طريق بالنسبة إلى العديد من الدول التي تطمح للارتقاء بهذا القطاع، مشيرين إلى أن النموذج الإماراتي يعتبر من أنجح النماذج إن لم يكن أنجحها وخاصة أنه حقق قفزات نوعية ساعدته على اختصار الزمن ووضعته على رأس العديد من المؤشرات العالمية خلال فترة زمنية قصيرة.
إنجازات
وأكد سيف السويدي المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني أن الطيران المدني يشكل اليوم عصباً رئيساً في استراتيجية الدولة لاقتصاد ما بعد النفط مدعوماً بكثير من الإنجازات الفعلية على الأرض ودوره البارز في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يسهم اليوم بنحو 15% من ناتج الدولة الإجمالي، ونتوقع نمو هذه النسبة إلى 20% بحلول العام 2030. ليس فقط في توسيع ونمو المطارات وشركات الطيران ولكن أيضاً في مجال التصنيع الذي بدأت أولى ثماره من خلال شراكات مع كبرى الشركات المصنعة في العالم ليمتد إلى ورش الإصلاح والصيانة وغيرها من خدمات الطيران المدني.
وأضاف السويدي إن ما يؤكد أهمية القطاع في صنع المستقبل الاقتصادي لدولة الإمارات في مرحلة ما بعد النفط هو مواصلة ضخ الاستثمارات في المشاريع التطويرية والتوسعية في القطاع بعيداً عن تقلبات أسعار النفط، مؤكداً أن مشاريع التطوير الرئيسة للمطارات سواء في دبي أو أبوظبي قائمة وتسيير وفقاً لمخططها ولن تواجه أي تحديات تمويلية؛ لأن مخصصاتها متوافرة، الأمر الذي يعكس أهمية هذا القطاع الذي يعد أحد القطاعات التي تحقق دخلاً مباشراً للحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، ومساهمته المباشرة وغير المباشرة في الاقتصاد.
وقال: إن الامارات تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي يساهم بدور فاعل في دعم النمو المتسارع لقطاع الطيران، وزيادة إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي، باعتباره أحد القطاعات غير النفطية التي تتزايد أهميتها للتنوع الاقتصادي وتوفير الوظائف، إذ إن مطارات الدولة تحولت إلى مركز ربط رئيس بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب، وخاصة أن 80% من سكان العالم الذين يتجاوز عددهم سبعة مليارات نسمه يعيشون على بعد 8 ساعات أو أقل من الإمارات.
وأكد جمال الحاي نائب الرئيس في مطارات دبي أن قطاع الطيران يعتبر أحد القطاعات المهمة التي يتم الرهان عليها لاقتصاد ما بعد النفط، ويعتبر من الأمثلة الناصعة على نجاح استراتيجية التنويع الاقتصادي في الدولة مشيراً إلى أن صناعة الطيران المدني باتت اليوم أحد المحركات المهمة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتساهم فعلاً بأكثر من 15% من اقتصاد الدولة وبنحو 28% من اقتصاد دبي.
وقال الحاي إن قطاع الطيران في الإمارات نجح في تجاوز التحديات ومواصلة النمو وهو الأمر الذي يظهر من خلال الأرقام التي تحققها المطارات المحلية من حيث عدد المسافرين وحجم الحركة الجوية التي تشهد نمواً عاماً مشيراً إلى أن الإمارات تفوقت على العديد من دول العالم في نمو حركة النقل الجوي، متجاوزةً كل التحديات الناجمة عن الأزمات الاقتصادية العالمية وتمتلك اليوم سبعة مطارات دولية وأربع ناقلات جوية ودخلت بقوة في عصر مطارات المدن المتكاملة من خلال مطار دبي الدولي الذي يعتبر مدينة قائمة بذاتها بالإضافة إلى مطار دبي ورلد سنترال الذي سيصبح أكبر مطار في العالم عند اكتماله علاوة على استخدام المطارات لأفضل الأجهزة والمعدات الحديثة
نمو
وتوقع الحاي أن يسجل مطار دبي ارتفاعاً في أعداد المسافرين يتراوح من 6 ـ 8% في العام 2018 بفضل الأهمية التي تحظى بها دبي كونها مركزاً عالمياً للنقل الجوي والسياحة والتجارة والأعمال، محافظاً على موقعه على قائمة أكبر مطارات العالم بأعداد المسافرين الدوليين للعام الثالث على التوالي، مشيراً إلى أن النمو في أعداد المسافرين الذي يحققه مطار دبي سنوياً يؤكد أنها في الطريق للوصول إلى أكثر من 100 مليون مسافر بحلول 2020.
وأشار إلى أن قطاع الطيران في الإمارات وبحسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي تمكن من توفير 691 ألف وظيفة، حتى نهاية العام 2016، في الوقت الذي بلغ فيه إسهام القطاع بالناتج المحلي الإجمالي للدولة 47 مليار دولار (172.4 مليار درهم) بنهاية العام نفسه.
وأضاف إن قطــــاع الطيران يعتبر من المكونات الاستراتيــجية الداعمة للنمو الاقتــــصادي وقد عملت الرؤية الحــكيمة لقيادتنا على إرساء أسس البـــنية التحتية السلــيمة والأنظمة والاستثمارات المناسبة لتوفير المنتجات المبتكرة وتجربة العملاء المتميزة وكلها عناصر تساهم معاً في بناء مركز عالمي مرموق للطيران مشيراً إلى أن الناقلـــات الوطنية اكتسبت سمعة عالمية وساهمت في تدعيم الاقتصاد المحلي. وأثبت قطاع الطــــيران أنه عامل تحفيز أساسي للعديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وقال الدكتور خالد المزروعي الخبير في قطاع الطيران: إن قطاع الطيران والنقل الجوي يحتل مكانة مهمة في استراتيجية الدولة لتنويع الاقتصاد الوطني، ويظهر ذلك جلياً في ظل الاستثمارات الكبيرة في توسعات الناقلات الجوية والمطارات والبنية التحتية اللازمة لها، انتقالاً إلى مرحلة جديدة، هي الدخول في مجال الصناعات الجوية التي حققت خلال فترة قصيرة قفزات كبيرة تمثلت في الخطوات والشراكات الاستراتيجية التي بدأتها شركة مبادلة للاستثمار لتأسيس منظومة تصنيع عالمية انطلاقاً من الإمارات. وأضاف إن إسهام النفط في اقتصاد الإمارات شهد تراجعاً خلال الفترة الأخيرة مقابل قطاعات أخرى، ويصل حالياً إلى نحو 30%، وخلال السنوات المقبلة هناك خطط لتقليل الاعتماد على النفط ليصل إسهامه إلى 20% عام 2021، لافتاً إلى أن هذه الخطط استندت إلى بدائل عدة منها الصناعات الجوية.
وقال: إن هذا الاهتمام الذي توليه الدولة لقطاع الطيران جاء امتداداً لرؤية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه وإدراكهم منذ البداية أهمية هذا القطاع الحيوي باعتباره واحداً من أهم العوامل الضرورية لازدهار الدولة وتحويلها إلى مركز تجاري وسياحي دولي كبير مستعد بثقة للدخول في حقبة ما بعد النفط.
شراكة
وأضاف: إنه خلال السنوات المقبلة، ووفقاً لاتفاقات الشراكة التي تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، وفي ظل الموقع الاستراتيجي للإمارات، وخططها الطموحة، فإننا نتوقع تغييرات نوعية وتوسعات أكبر في مجال الصناعات الجوية. وذكر أن نمو قطاع الطيران ينعكس على العديد من القطاعات الاقتصادية وخاصة القطاع السياحي وقطاع التجزئة لذلك يراهن على هذا القطاع أن يكون له دور كبير في اقتصاد ما بعد النفط.
وقال ميكائيل هواري، رئيس شركة إيرباص أفريقيا والشرق الأوسط: إن قطاع الطيران في دولة الإمارات يعد من القطاعات المحورية في استراتيجية التنويع الاقتصادي التي اعتمدتها الدولة منذ عقود طويلة، الأمر الذي يعكسه حجم الاستثمارات الهائلة التي توجهها الدولة إلى هذا القطاع لأهمية دوره في قيادة النمو بالسنوات المقبلة.
التاكسي الطائر
من المتوقع أن تدخل أول خدمة في العالم للتاكسي الطائر بدون طيار من دبي حيز التنفيذ والإطلاق الفعلي خلال ما يتراوح بين 4 و5 سنوات بحسب سيف السويدي مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني.
وقال إن عمليات إعادة هيكلة أجواء الدولة وبرامج الهيئة العامة للطيران المدني لرفع كفاءة الملاحة الجوية بالإمارات بدأت تؤتي ثمارها متوقعا أن تؤدي هذه الإجراءات إلى وفورات لشركات الطيران العاملة بالدولة تقدر بنحو 37 مليون درهم خلال العام الجاري وأن تزداد هذه الوفورات تدريجياً في الأعوام المقبلة.
37.5 %
أشارت خطة مطار دبي الاستراتيجية 2017- 2025 إلى أنه من المتوقع أن ترتفع حصة قطاع الطيران إلى 195 مليار درهم، أي ما يوازي 37.5% من إجمالي الناتج المحلي لإمارة دبي، وتوفير نحو 745 ألف فرصة عمل بحلول العام 2020.
كما تتوقع الخطة ارتفاع إجمالي أعداد المسافرين عبر مطارات دبي إلى 143 مليون مسافر في 2020. فيما توقعت صحيفة تلغراف البريطانية أن يحتل مطار دبي الدولي المركز الأول في العالم خلال عشر سنوات من الآن إذا استمر معدل نموه الحالي.
ويتصدر مطار دبي الدولي مطارات العالم من حيث أعداد المسافرين الدوليين، ويحتل المرتبة الثالثة من حيث إجمالي حركة الركاب الدولية والمحلية. لذلك يسعى مطار دبي إلى تحقيق الصدارة من حيث إجمالي حركة المسافرين، لا المسافرين الدوليين فقط.
100 %
حافظت دولة الإمارات على تصدرها دول العالم في درجة معايير الأمن والسلامة المطبقة في قطاع المطارات وشركات الطيران والقطاعات المرتبطة بها، حيث يقترب مستوى السيطرة والتدقيق الأمني بمطارات الدولة من 100% في حين أن المتوسط العالمي يتراوح بين 70 و75%.
وقال سيف السويدي مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني إن قطاع الطيران في الإمارات حقق إنجازات عديدة، من أهمها التزامه أعلى المعايير الدولية في أمن الطيران وفقاً لمعايير المنظمة الدولية للطيران المدني «ايكاو» مشيراً إلى أن الإمارات أصبحت تشكل نموذجاً يحتذى به في مجال تطبيق أرقى معايير أمن وسلامة المطارات والطائرات ليس على النطاق الإقليمي فقط ولكن على المستوى الدولي كما أنها توفر كافة أشكال الدعم بالخبرات والمعلومات لرفع مستويات الأنظمة المطبقة بمطارات المنطقة حيث قدمت العديد من المبادرات الرائدة في هذا المجال.
ومن جهة أخرى أظهر تقرير صادر عن «إيرلاين ريتنغ دوت كوم» للعام الجاري 2018 أن طيران الإمارات وشركة الاتحاد للطيران جاءتا ضمن قائمة أكثر 20 شركة طيران أماناً في العالم.
نمو متسارع
شهد قطاع الطيران الخاص في الإمارات بشكل عام وفي دبي بشكل خاص نمواً متسارعاً خلال السنوات الماضية مدعوماً بالنمو الاقتصادي والسياحي الذي تشهده الدولة، حيث ساهم انتقال شركات الطيران الخاص إلى مطار آل مكتوم في نمو القطاع بشكل متسارع.
وقالت شركة «برايفت جت تشارتر» إحدى أكبر شركات الوساطة المستقلة في قطاع تأجير الطائرات الخاصة في العالم، إن معرض «اكسبو 2020» سيكون نقطة فارقة في قطاع الطيران الخاص وطيران الأعمال في المنطقة. واستطردت الشركة أن دبي تستثمر بشكل واسع في تطوير قطاع الطيران عموماً والطيران الخاص تحديداً وأن ذلك يستتبع توسعة مطاراتها لتكون على أتم الاستعداد لاستضافة الحدث المرتقب، الأمر الذي يعود بفوائد كبيرة على هذا القطاع.
وقالت الشركة إن اكسبو 2020 سيرفع من وتيرة تشغيل الطائرات الخاصة لكون نسبة واسعة من الأثرياء والشخصيات المهمة الذين سيزورون المعرض سيستخدمون طائراتهم الخاصة أو أنهم سيستأجرون طائرات خاصة لهذا الغرض.
762
كشفت الهيئة العامة للطيران المدني عن أن إجمالي عدد الطيارين المواطنين المسجلين لديها وصل إلى 762 طياراً مواطناً بالإضافة إلى 82 مراقباً جوياً فيما وصل عدد منظمي الرحلات الجوية إلى 10 مواطنين.
ويأتي النمو في عدد المواطنين العاملين في قطاع الطيران نتيجة تكثيف البرامج التدريبية التي تنفذها الناقلات الوطنية لرفع نسبة التوطين في هذا القطاع حيث أطلقت «شركة طيران الإمارات» برنامجاً لتدريب الطيارين المواطنين المبتدئين منذ عام 1992، ومن جانبها، أطلقت «شركة الاتحاد للطيران» في عام 2007 أول برنامج لتأهيل الطيارين الجدد من مواطني الدولة، لقيادة الطائرات التجارية في الأكاديمية الدولية للطيران في العين حيث خصص الجزء الأول من الدورة التدريبية للدراسة النظرية والعملية داخل الصفوف، تليها الرحلات التجريبية التدريبية الأولى في «كلية الاتحاد للطيران» في مدينة العين.