Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

مكتبة الإسكندرية تُصدر تقرير مريت غالي عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في 1952 

ورشة عمل حول التغيرات البيئية والمناخية وانعكاساتها على الجغرافيا السياسية في مكتبة الإسكندرية

 

سلسلةشرفات

الإسكندرية “المسلة” ….. صدر عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية العدد الخامس من سلسلةشرفات” بعنوان: “تقرير عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية (القاهرة 1952)”، الذي ألفه السياسي ورجل الدولة مريت بك غالي في أغسطس عام1952 . ويقدم العدد الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية.

 

حقائق وأزمات

ويقول الدكتور مصطفى الفقي إن ما شجع مكتبة الإسكندرية على تقديم هذا النص الرائع للقراء المصريين والعرب الآن هو أنه يشير إلى حقائق وأزمات ما زالت قائمة حتى وقتنا الحالي، أو ربما اتخذت أشكالاً أخرى غير التي كانت عليها ولكن بنيتها ما زالت كما هي، لذا وجب علينا إعادة النظر فيما كُتب سابقًا لعله يهدينا إلى بعض سبل حل أزماتنا الحالية.

 

الحالة الاجتماعية

ويؤكد الفقي أنه يسهل على المطَّلع على هذا التقرير أن يدرك الأزمات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى التي كانت تنوء بها مصر عشية ثورة يوليو، حيث يدرك غالي تمام الإدراك أن أزمة مصر الحقيقية ليست في تحلل الحياة السياسية في الحقبة الليبرالية أو عدم استقرار الحكم، بل إن السياسة ليست إلا عرضًا للحالة الاجتماعية التي هي بالأساس انعكاس للتنظيم الاقتصادي. ففي النهاية ليست السياسة إلا توزيعًا للقيم والموارد على المجتمع من خلال عناصر الحكم / السلطة. لذا لا يتناول الوضع السياسي لمصر إلا قليلاً أو على حسب دلالاته على الوضعين الاجتماعي والاقتصادي. وبهذا يخرج تقريره من سياق الجدالات الآنية والتالية، وربما المستمرة، حول العهد الملكي ومدى أفضليته عن عهد الثورة.

 

ويقول الفقي إن مريت غالي ينتمي إلى طراز فريد من رجال الدولة الذين شهدتهم مصر في المرحلة السابقة على ثورة يوليو والتالية لها. ويضيف: “لقد أدركت مريت غالي شخصيًّا في ثمانينيات القرن الماضي، وشاركت معه في إعداد (الموسوعة القبطية)، كما قمنا – هو وأنا – بشن حملة رسمية وشعبية على الملصقات الدينية على السيارات الخاصة، وقد تحقق لنا ما أردنا. لقد كان مريت غالي بحق ظاهرة محورية في منظومة الإصلاح حول منتصف القرن العشرين”.

 

عوارض الأزمة

يأتي هذا التقرير في ثلاثة فصول؛ يتناول الأول عوارض الأزمة؛ وهي: مستوى المعيشة، الميزان التجاري، ومالية الدولة. ويركز الفصل الثاني على أسباب الأزمة؛ وهي توزيع الثروة، وتخبط السياسة، وعجز أداة التنفيذ. بينما يناقش الفصل الثالث مقترحات لعلاج الأزمة؛ من خلال عدة محاور هي: تنمية الزراعة، الإصلاح الزراعي، تشجيع التصنيع، توزيع الإيراد القومي، الهجرة وتنظيم النسل، وإصلاح الأداة الحكومية.

 

ويذهب غالي إلى أن أزمة مصر الأساسية هي ذلك التفاوت ما بين معدل الإنتاج ومعدل نمو السكان الذين يستهلكون وينتجون في الوقت نفسه. وهو ملمح ما زلنا نرى آثاره إلى الآن. وبالتالي يؤكد التقرير على إشكالية النمو السكاني في الوقت الذي كان فيه عدد سكان القطر المصري ما يربو بقليل عن عشرين مليون نسمة.

 

الاستهلاك والانتاج

 

ويسهب غالي في إيضاح الأزمات الهيكلية التي عانت مصر منها آنذاك، فيما يتعلق بشرح قوتي الاستهلاك والإنتاج. ودون أن يسميها، يستخدم مؤشرات رقمية وإحصائية للتدليل على تلك الأزمات وشرح أوضاع المجتمع المصري. وكان على وعي كامل بأن مصر لا تعيش في العالم منفصلة عن غيرها، بل إن اقتصادها جزء من اقتصاد دولي. واللافت في مقارنته على صغرها أنه لا يستغرق في التركيز على الفجوة الحضارية بين الشرق والغرب، بل يركز على الأسباب المادية للنهوض أو النكوص الحضاري.

 

وسبل الحل عند غالي بسيطة ومرتكزة بالأساس على إعادة تشكيل هيكل الاقتصاد والاجتماع في مصر من خلال التغلب على عقدة نقص الإنتاج في مقابل تصاعد عدد السكان. ولعل أسرع توصياته تنفيذًا هو قانون الإصلاح الزراعي الذي صدر بعد حوالي شهر من تقرير غالي، والذي أعاد توزيع الملكيات الكبرى على صغار الفلاحين، وقدم نمط الزراعة التعاوني بين الدولة والفلاح. كذلك توصيته بالاهتمام بالتصنيع في سياق التكامل مع الزراعة. فقد شهدت مصر في عقدي الخمسينيات والستينيات أكبر طفرة تصنيعية في عهدها الحديث.

 

مريت بك نجيب بطرس غالي

جدير بالذكر أن مريت بك نجيب بطرس غالي ولد في مدينة القاهرة في 10 مايو عام 1908، وهو ابن نجيب باشا غالي، وحفيد بطرس باشا غالي. وقد حصل على ليسانس الحقوق، ودبلوم مدرسة العلوم السياسية من جامعة باريس عام1929 ، ليلتحق بعدها بالعمل الدبلوماسي في وزارة الخارجية المصرية. كما تولى منصب وزير الشئون البلدية والقروية في وزارة أحمد نجيب باشا الهلالي الثانية عام1952 . وقد انصب اهتمام مريت بك غالي كذلك على دراسة الآثار؛ حيث قام بتأسيس جمعية الآثار القبطية، وشغل منصب عضو المجلس الأعلى للآثار عام1938 ، ورأس مجلس إدارة جمعية الآثار القبطية منذ عام 1935 حتى عام 1988. وكان عضوًا كذلك بعدد من الجمعيات منها: الجمعية العلمية الجغرافية المصرية، وجمعية الاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، والمجمع العلمي المصري عام1960 ، وعضوًا في لجنة المساعدة الطبية للحبشة، وعضو مجلس نواب ما قبل ثورة 1952. وفوق كل ذلك كان كاتبًا ومؤلفًا للعديد من الكتب الخاصة في السياسة والاقتصاد باللغات العربية، والإنجليزية، والفرنسية، وأشهرها على الإطلاق كتابه “سياسة الغد”، مما أهله لحمل نيشان الاستحقاق من الدرجة الأولى.

 

واللافت للنظر في سيرة مريت بك غالي هو الدور الأهم الذي لعبه في السياسة الخارجية المصرية، خاصة في العلاقات المصرية الأثيوبية على مدار أربعة عقود، وهو دور غير رسمي، وكان مدخله الأساسي فيه مكانته في المجتمع القبطي المصري، وصلته الوثيقة ببطريرك الكرازة المرقسية. وقد تبلور دور مريت بك غالي في العديد من المواقف بدءًا من الثلاثينيات إلى نهاية السبعينيات.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله