تحقيق وتصوير : مصطفي محمد فنوش
بعد أن تتجاوز وادي الكوف تستقبلك مدينة مسة النائمة علي سفوح الجبل الأخضر تعانق عبق التاريخ وملاحم جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي واشتهرت عبر التاريخ بزرعه أجواد أنواع العنب في بلادنا وعرف أهل مدينة مسه بالطيبة وأكرم الضيف .
حيث انطلقت جمعية عين الصقر للتراث بمدينة مسه مع بداية عام 1994م وكان الهدف من تأسيسها الإشراف علي دورة لتحفيظ وتجويد القرآن الكريم حيث تم أنشاء المركز ورأت أسرة الجمعية أن تكون البداية بحملات للنظافة وحملات للتشجير وشجعت أهالي المنطقة علي المساهمة بجمع المقتنيات الشعبية وإقامة معرض لها للمحافظة عليها وتعريف الزوار بالمقتنيات التي أبتدعها أجدادنا وقت الحاجة إليها , مع زرع علاقة التواصل مع موروثاتنا للأجيال القادمة وتعريفهم بمحتوياتها المادية والروحية مع غرس ثقافة صلة الرحم ومد يد العون لكل محتاج وتجاوزت الطموحات المساعدات الداخلية.
حيث استجابة جمعية عين الصقر للتعاون مع غرفة التجارة بالجبل الأخضر وحينما بدأت الجمعية تعرف علي مستوى الجبل الأخضر بصفة خاصة والوطن بصفة عامة وبعد انضمام العديد من شباب المؤسسات التعليمة رأت إدارة جمعية عين الصقر بأن الوقت قد حن لاستغلال أوقات فراغهم لما يعود عليهم بالمنفعة والثقافة وتشجيع روح المغامرة وارتياد المجهول من خلال رحلات استطلاعية واستكشافية لمنطقة الجبل الأخضر الهدف منها البحث والتنقيب والتجميع لكافة المقتنيات الشعبية قبل أن تتعرض للإتلاف.
بفعل عوامل الزمن من ناحية وعدم استعمالها من قبل أصحابها من ناحية أخرى حيث تم جمع عشرات من الأدوات والمعدات التي كان يستخدمها الأجداد عبر مئات السنين وتم من خلال أعضاء متخصصين في الجمعية , ترميمها ووضعها في أماكن تتناسب وقيمة تلك القطع النادرة داخل المعرض المخصص داخل الجمعية للمقتنيات والتحف التراثية ويعد هذا الجهد الرائع المبذول من أسرة جمعية عين الصقر الأهلية هو تأكيد للهواية الوطنية أمام طوفان العولمة التي يسعي لإذابة الثقافات والموروثات للشعوب الأخرى .
خلقت جمعية عين الصقر جسور تواصل مع الجهات الرسمية والأهلية منذ أنشاؤها وذلك بالتعاون المثمر مع الهيأة العامة للأوقاف بمدينة البيضاء حيث نظمت دورات لتحفيظ القران الكريم أثناء فترة الصيف كذلك تتعاون جمعية عين الصقر مع الباحثين من الجامعات والمراكز العلمية ومصلحة الآثار فيما يخص المقتنيات والأدوات التراثية , كذلك تعرض جمعية عين الصقر لمئات من الصور إلي تتناول الموروث الشعبي وتفتح جمعية عين الصقر أبوابها لكافة الزوار في المناسبات والأعياد مما جعل الشركات السياحية ومكاتب السفر في كافة مناطق بلادنا تضع زيارة عين صقر ضمن أولوياتها للزائرين ” لمدينة قورينا “شحات حيث تحضي هذه الجمعية بالإعجاب من قبل الوفود السياحية والزائرين للمناطق الأثرية والسياحية في منطقة الجبل الأخضر .
بمجرد دخولك إلي معرض جمعيه عين الصقر حتي يستقبلك الأستاذ محمد بوزيد الغماري رئيس الجمعية حيث تعانقك ابتسامته قبل أن يستقبلك بكلمات الترحيب وأنت تتجول في جوانب المعرض ينتابك شعور بأنك محط أعجاب العاملين في الجمعية وهم شباب يفتحون قلوبهم قبل أبواب جمعيتهم للزائرين وحينما يحدثك الأستاذ محمد بوزيد تشعر بطلاوة وحلوة حديثة وبأنك أمام حكيم يعرف مسالك ودروب الحياة ويملك ثقافة عالية حينما يحدثك عن أهمية وجود الجمعيات الأهلية في المجتمع ودورها الفعال فجمعية عين الصقر تقدم مساعدات للمحتاجين والمرضي…
وقد سألني خلال زيارتي للمعرض أحد المعاقين كان يسأل عن الأستاذ محمد بوزيد ويحمل في يده ورقة من طبيب تحتوى مجموعة من الأدوية وهو لا يعرف رئيس الجمعية وقمت بنقله إلي الجهة الأخرى من المعرض حيث كان يشرح لمجموعة كبيرة من أعضاء منتدى بنغازي الثقافي الاجتماعي وحينما شاهده أخذه علي جانب من جوانب المعرض وإرسال معه أحد أعضاء الجمعية للصيدلية القريبة من مقر الجمعية وشهدت المريض يعود يحمل كيس الدواء وهو يشكر الله ورئيس الجمعية ويغادر مقرها في غاية السعادة , مما دفع ذلك أحد أعضاء منتدى بنغازي الثقافي الاجتماعي وهو من رجال الأعمال بتخصيص قيمة مالية في صك باسم جمعية عين الصقر مع مطالبته بعدم ذكر أسمه حتى للحاضرين من زملائه أعضاء المنتدى .
وحينما يحدثك عن التطوع فهو يسمو بالفكرة عن برنامج مساعدات ورؤى اقتصادية إنما يرى في التطوع فكرة أخلاقية تعكس علاقة الشراكة بين أفراد يتقاسمون العيش والفهم الثقافي المشترك , وأن كان التطوع يخفف من فاقة أو عوز فإنه بالمقابل يبني قدرة داخلية لدى المتطوع تجعله قادر علي فهم فن إدارة التطوع وتجعل منه لدى الأفراد أو المنظمات ليس مجرد جهود فيزيائية أو مالية بل تتخطاها إلي بناء شراكة من المهارات والمعرفة وبعيدة عن الحسابات الاقتصادية وذلك بتطور التطوع مع المعرفة وثقافته إلي بناء علاقات أنسانيه قائمة علي الاحترام المتبادل للاختلاف الثقافي فالمتطوع ملزم أخلاقيا ومهنيا بتقديم مهاراته ومعارفه بصورة تلقائية.
فالمتطوع يتضمن الالتزام الطويل الآجل وهو التزام الوجود ضمن شروط جديدة داخل بيئة جديدة استلزمت التطوع فعلي المتطوع ضمن الشروط الجديدة أن يطور من فهمة لعلاقات البيئة الجديدة بما يؤسس لفهم أكثر تطورا يسمح بتبادل المعارف والخبرات ويوفر له كافة الإمكانيات المادية والمعنوية والتي تهيئة لتقديم العمل التطوعي الناجح , الحديث معه ذو شجون يثري الفكر ويدخل الراحة علي النفس حيث تتكون لديك قناعة بان وطن يملك رجال مثله يعانقون الشمس ويسابقون الزمن نحو مستقبل أفضل لابد من أن يصل إلي شاطئ الأمان ويلحق بركب التقدم بفضل أبنائه الحقيقيون .