السياحة العربية.. والحيطة المايلة !!
بقلم الكاتب الصحفى :سعيد جمال الدين
• ..وتستمر الجهود المصرية لجذب المزيد من السياحة العربية.. ورغم تنوع وسائل الجذب التى تتبعها وزارة السياحة سواء من حملات ترويجية أو تسويقية أو إعلانية، أو استضافة إعلاميين أو مسئولين أو شخصيات عامة تستهدف من خلالها نقل ما يدور من تطور سياحى فى مصر إلى أقرانهم أو أصدقائهم أو سردها فى وسائل النشر المختلفة.. إلا أن القوافل السياحية تبقى دائما وسيلة فعالة للتعرف عن قرب على متطلبات واحتياجات السوق العربى والسائح العربى .. وهو ما تسعى وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة تنفيذه خلال الأيام المقبلة .
• وكما هو متوقع فإنه من المنتظر أن تواجه القوافل فى جولاتها سؤال سيطرح دائما عليهم سواء من المتخصصين أو الإعلاميين لماذا دائما السوق العربى هو " الحيطة المايلة للسياحة المصرية " فالأسعار للسائحين العرب مرتفعة فى الإقامة والانتقالات والخدمات وتعرض العديد منهم لعمليات ابتزاز واضحة من قبل الشركات والفنادق السياحية والبازارات وتطبيق سياسية التمييز التى لا يعترف بها القائمين على صناعة السياحة فى مصر رغم نقل هذه الشكاوى للمسئولين إلا إنها دائما وابدآ تذهب أدراج الرياح ؟ .
• كما سيتم طرح تساؤل أيضا هل العرب تعرفهم مصر وقت الأزمات السياحية وما هو الجديد الذى سيتم تقديمه لهم من أجل تغيير اتجاه بوصلتهم السياحية إلى المناطق المصرية بدلا من تونس ولبنان والمغرب بالرغم من بعد المسافة للأخيرة فى الوقت الذى يجدون فى هذه الدول كل المتع والترفية السياحى فضلا عن انخفاض أسعار الإقامة والخدمات السياحية التى تقدم لهم ؟ .
• هذه الأسئلة المتوقعة يجب على القائمين على القوافل السياحية إعداد ردود مقنعة و الإجابة عليها بكل وضوح وشفافية حتى لا نخسر السوق العربى مثلما أوشكنا أن نفقد اتزاننا السياحى والأسواق الأوربية والأسيوية وذلك إذا تأكدنا يقينا أن الجميع عاقدون الأمل على السياحة العربية التى عادة بكون لهم الغلبة فى ما تبقى من " الموسم السياحى الشتوى" والذى نأمل أن يكون بحق موسماً للسياحة العربية فى مصر.
• ولهذا فانه يجب العمل على تقديم المزيد من التيسيرات تتمثل فى ضرورة تسهيل إجراءات الحصول على تصريح الدخول إلى مصر لحاملى الجنسيات العربية فيمكن منحها ـ على سبيل المثال ـ عند الوصول إلى مطار القاهرة, فإذا كنا نسمح للجنسيات الإيطالية أو الألمانية أو الفرنسية بالدخول بالبطاقة الموحدة أو بجواز السفر فمن الأولى ألا تكون هناك قيود على دخول العرب, وأن تكون هناك متابعة دقيقة للتأكد من الكفاءة والسرعة فى تنفيذ التسهيلات الإجرائية بمنافذ الوصول, وكذلك ضرورة تسهيل وتذليل جميع الإجراءات الجمركية والأمنية خاصة بالنسبة لزيارة السيارات على الحدود فى طابا ونويبع والعقبة وكل سواحل البحر الأحمر, فإزالة هذه الصعوبات تعود بالفائدة الكبيرة على السياحة العربية, ويجب أن نتخذ من أسبانيا قدوة لنا فى هذه الجزئية على وجه التحديد حيث يدخلها بالسيارات15 مليون سائح أوروبى سنويا, فبالإضافة إلى صعوبة إجراءات التفتيش بالنسبة للسائح العربي, فإن ذلك يوجد لديه مشكلات نفسية عديدة منذ بداية دخوله إلى مصر قد تنعكس فى الإحجام عن المجيء إليها, لذلك فإن تبسيط الإجراءات ضرورة بحيث لا يتوقف للتفتيش إلا الأشخاص المشتبه فيهم فقط.
• فالظروف أصبحت مهيأة لتدفق السياحة العربية إلى مصر, لكن لا يمكن ترك المسألة للظروف ولابد من وضع إستراتيجية متكاملة لجذب السائحين العرب, خاصة أن هناك أسواق منافسة تستعد لدخول هذا السباق خاصة أسواقا سنغافورة وماليزيا وتركيا وأندونيسيا وغيرها من الأسواق التى يجب الاعتداد بها ووضعها فى الحسبان عند وضع خطة تنشيط السياحة العربية فى مصر من خلال إزالة جميع العقبات أمام السائح العربي, وأولاها تمييز بعض الجنسيات غير العربية عنه فى أسعار الإقامة بالفنادق. فعندما يجد أن السائح الأجنبى يتم التعامل معه بسعر أقل منه, فإن ذلك يولد لدى السائح العربى حاجزا نفسيا له مردودة السلبى دون شك, ومن هنا فنحن نؤكد أن توحيد سعر الفنادق سواء للعرب أو المصريين أو الأجانب سوف يكون له انعكاسات إيجابية تتمثل فى مزيد من الجذب السياحى إلى مصر, فيجب أن تكون هناك أسعار للأفراد وأسعار للمجموعات السياحية وفقا لحجم التعامل مع كل منهما, وعلى ذلك يتم تحديد السعر دون الدخول فى أى فروق فى الأسعار بالنسبة للجنسيات, وفى هذا الصدد ينبغى ألا نغفل أن السائح العربى هو الأكثر إنفاقا على أية حال, كما أنه يأتى مع أسرة كبيرة العدد فى أغلب الأحيان يتزايد حجم إنفاقها فى أوجه كثيرة, سواء فى نواحى ترفيهية أو تناول الأطعمة أو التسوق, ومن هنا فإن توحيد سعر الإقامة بالفندق سوف يتم تعويضه من أوجه أخري, ومن هنا أيضا فنحن لا نبالغ إذا قلنا إن ذلك سوف يؤدى إلى زيادة قد تصل إلي50% فى نسبة التدفق السياحى العربى إلى مصر.
• أن أخطر المشكلات التى تواجه السياحة العربية على الإطلاق والتى ينبغى التغلب عليها بشكل حاسم وهى نقص التوعية السياحية لجميع الفئات المتعاملة مع السائح العربى بصفة خاصة, فالتعامل مع السائح إما أن يكون عامل جذب وإما أن يكون عامل طرد, وفى حقيقة الأمر فإن هناك إحساسا يسيطر على السائح العربى بأنه مجالاً للاستغلال والغش التجارى خاصة فى السلع السياحية فى البازارات ومحلات العاديات السياحية والتمييز السعرى والتحرشات الجنسية من قبل الكثيرين من المتعاملين معه, ويؤدى ذلك بالقطع إلى نتائج سلبية تتمثل فى إحساسه بأنه ليس فى وطنه الثاني, لذلك فإن التوعية السياحية سواء من خلال وسائل الإعلام أو غيرها من أهم الإجراءات التى ينبغى التركيز عليها, وفى الإطار نفسه يأتى التدريب عالى المستوى لأفراد الحراسات المكلفة بالعمل بالمناطق السياحية حول كيفية التعامل مع السائحين.
إن التعرف على خصوصية السائح العربى ضرورة قبل التعامل معه, فمن المعروف لدينا أن له طبيعة خاصة تماما, فهو لا يرغب فى التقيد ببرامج سياحية بل يقوم بنفسه بتخطيط هذا البرنامج الذى بلائمه ويلائم أسرته, ويركز من خلال هذا البرنامج على التسوق, ومن المعروف أيضا أن السائح العربى يتميز بقوة شرائية عالية ولا تأتى زيارة المعالم السياحية ضمن أولوياته بدرجة كبيرة, لكنه يعشق السياحة النيلية, ومن هذا المنطلق ينبغى التعامل معه بزيادة أعداد المتنزهات على النيل وتنشيط المهرجانات والإكثار منها خلال فترة وجوده فى مصر, ويتواكب مع ذلك أيضا ضرورة توفير وسائل النقل المكيفة والمريحة بأسعار معتدلة غير مغالى فيها وبشكل عام فالسائح العربى لا يأتى ضمن أفواج سياحية لكنه يأتى مع عائلته وتصاحبهم عائلات أخري.. فهل من مصلح يمكن أن يهديه الله لإصلاح هذا الخلل ؟ّ!.. إنى أريد الإصلاح ما أستطعت .. وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .. وعلى الله قصد السبيل .