
المسلة – بوابة السياحة العربية
بقلم : الدكتور السر علي سعد محمد
اكاديمي سوداني
في مجتمعاتنا، يُربى الذكر منذ نعومة كرامته على أن الرجولة لا تكتمل إلا حين “يفتدي”، وحين يُؤثر، وحين يظلّ صامتًا في حضرة الاحتراق. يُعلَّم أن يكون عمود البيت، وإن كان البيت كله متكئًا على ألمه. أما الأنثى، فتُلقَّن من فجر الحياء الأول أن العطاء دون حدود هو معيار الأنوثة، وأن التضحيات هي زينتها الأجمل، وأنها كلما ذابت أكثر، صارت أنثى “أصلية”
هكذا تنشأ أجيالٌ تؤمن أن الإيثار قدر، لا خيار.
أن المحبة لا تكتمل إلا حين تضع الآخرين فوق نفسك، وأن السعادة الحقيقية… تضحية مستمرة
في جلسات العزاء، نسمع عن الأب الذي قضى عمره في الصمت والكفاح، ولم يشكُ يومًا. وفي الأعراس، نمتدح الأم التي “ضحّت بحياتها” لأجل أولادها. لا أحد يسأل: هل كانوا يريدون ذلك؟ هل كانت رغبتها أم واجبًا مفروضًا عليها؟
في كل قصة نجاح رجل، هناك أنثى محذوفة من السطر.
وفي كل حكاية امرأة ناجحة، هناك جملة ناقصة تبدأ بـ”رغمًا عن…” ولا تنتهي.
الغزالي قال إن الإيثار من كمال الإيمان،
لكن مجتمعاتنا أخذت الحديث، ونسيت التوازن.
صار يُطلب من المرأة أن تصمت من أجل بيتها، ومن الرجل أن يصبر من أجل شرفه، ومن العاشق أن يتحمّل لأجل الحب، ومن الفقير أن يرضى لأجل “القسمة والنصيب”
وحين تموت الأحلام، نقول: “ما قصّرت”.
وحين تذبل الروح، نقول: “هذا أصله طيب”.
ولا أحد يسأل عن ثمن الطيبة حين تصبح أسلوب نجاة، لا خيارًا نقيًا.
في صالونات الفكر، يتحدّثون عن المساواة والتمكين، لكن في البيوت، ما زال الإيثار علامة رجولة. أن يتزوج الرجل دون حب “ليرضي العائلة”، أن تسكن المرأة مع حماتها “لأجل الزوج”، أن تصمت الفتاة عن طموحها لأن “الزوج لا يحب المتعلمات كثيرًا”.
وكلما سألت عن نفسك… قيل لك: “أناني!”
لكن الحقيقة؟
ليس الأناني من يسأل عن حقه، بل من يطلب من غيره أن يتنازل بصمت لأجله.
#الإيثار #الرجولة_الحقيقية #الأنوثة_والتضحية #ثقافة_مجتمعية #حقوق_المرأة #تمكين_المرأة #الوعي_المجتمعي #كسر_الصور_النمطية #الحب_والتضحية #الاختيار_مش_واجب #صوت_المرأة #نقد_اجتماعي #وعي_جديد