خلال جلسات مؤتمر "الديمقراطية في القرن الحادي والعشرين" بمكتبة الإسكندرية
السادات : التحدى الاقتصادى أخطر التحديات التى تواجه مصر
الإسكندرية "المسلة" …. شهدت مكتبة الإسكندرية فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر الدولي "الديمقراطية في القرن الحادي والعشرين"، الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية في الفترة من 9 إلى 11 ديسمبر 2015، ويشارك فيه نخبة من الخبراء والأكاديميين والسياسيين وعدد من رؤساء الدول السابقين.
وقال عمرو موسى؛ الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، أننا الآن في مرحلة عنق الزجاجة، فإما أن نخرج منها أو نعود، مبينًا أن العودة تكون بتكرار الأخطاء السابقة وفهم الأمور من منطق انتهى العمل به. وأكد على أهمية التطلع لآفاق جديدة والالتفات لقواعد التنمية ومن خلال الاستثمار والتشغيل والتصنيع والعدالة الاجتماعية.
أما عن البرلمان الحالي، أكد أنه يجب أن نتقبل ما انتجته الانتخابات البرلمانية وأن نفكر في كيفية إدارة هذا البرلمان، فمن الممكن أن يكون هذا البرلمان هو القادر على تيسير الحياة السياسية وإعادة تشكيلها.
وتناولت الجلسة الأولى لليوم الثاني الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتحدث فيها كل من الدكتور حسام بدراوي؛ الطبيب والسياسي وعضو مجلس الشعب سابقًا، الدكتور صلاح نصراوي؛ الكاتب العراقي، الأستاذة آمال المعلمي، والدكتور جورج اسحاق. وأدار الجلسة الدكتور أيمن الصياد.
وتطرقت آمال المعلمي إلى تجربة ديمقراطية ناشئة في المملكة العربية السعودية، وهي "مجلس الحوار الوطني"، والذي يهدف إلى مناقشة القضايا الوطنية في إطار من الحرية والتطلع إلى المستقبل، كما يقدم برامج تدريبية لتعليم مهارات التواصل والحوار. ولفتت إلى أن طريقة اختيار الموضوع الذي يتم مناقشته تعد أحد أهم مظاهر ممارسة الديمقراطية، حيث يتم اختيار الموضوع عن طريق التصويت على الموقع الالكتروني للمجلس.
وقالت إن التغيير في المملكة العربية السعودية يأتي من الأعلى إلى الأسفل، ويقدم مجلس الحوار في هذا الإطار عدد من التوصيات التي يتم اقتراحها على القادة. وأكدت أن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى زيادة الوعي بأهمية الديمقراطية وإكساب مهارات الحوار وإنشاء شباب يحترم العملية التعليمية.
من جانبه، قال الدكتور حسام بدراوي إن تجارب بعض الدول تشير إلى أن الديمقراطية لم تحقق الهدف من التغيير وأن الديمقراطية الهشة تستخدم في بعض الأحيان لتحقيق الدكتاتورية. وتساءل عما إذا كنا نقوم الآن وبعد ثورتين بإصلاح وضع خاطئ من الأساس.
وشدد على شغفه بالتعليم، وأنه يرى أنه أهم أداة لتغيير الوضع الحالي في مصر، مبينًا أننا لا يجب أن نقوم بعملية "إصلاح" بل "تغيير شامل وإعادة ابتكار". وأكد أننا يجب أن نستخدم أدوات المستقبل في الحديث عن الديمقراطية، وألا نعتمد على نماذج يتم نقلها دون أخذ خصائص مجتمعنا في الاعتبار.
وقال إن التغيير سيتم من خلال أربعة نقاط؛ وهي: التعليم، تطبيق القانون، وتنفيذ رؤية إصلاحية عالمية للمستقبل، موضحًا أن الثورات لن تتوقف إلا بإحداث إصلاح جذري في التعليم والصحة والاقتصاد.
وأكد الدكتور صلاح نصراوي على أن التحذيرات الحالية من أن يصبح مصير الدول العربية كمصير العراق يدفعنا لدراسة التجربة العراقية والتفكر في تداعياتها. وأكد أن ما حدث في العراق يعد زلزالاً حقيقيًا أثر في مجريات الأمور الحالية سلبًا وإيجابًا، ولكن لا يجب أن نستخدم تلك التجربة لإجهاض محاولات الديمقراطية في المنطقة، فالتغيير الذي حدث في العراق جاء من الخارج، ولم يأت بموافقة عراقية.
وأكد أن نظام صدام حسين كان شمولي ودكتاتوري وكان لابد أن يزول، كما أن العراق كان يعاني من مشاكل الأقليات والصراع على السلطة، فهل كان من الممكن حل تلك المشكلات بطرق سلمية؟
وشدد على أن الحل يكمن في الاستفادة من تجارب العالم وإقامة "صفقة تاريخية" بين مكونات المجتمع والأحزاب السياسية والجماعات، نخرج منها بعقد اجتماعي وسياسي جديد، مبينًا أن الفكرة قد لا تنجح في العراق ولكن يمكن تطبيقها في الدول العربية الأكثر استقرارًا.
من جانبه، تحدث جورج اسحاق عن حركة "كفاية"، مبينًا أنها جاءت كنتيجة لحالة الاحباط واليأس وخيبة الأمل في المجتمع المصري، وأكد أنها كانت حركة وليست حزبًا سياسيًا، واستطاعت أن تمثل ضمير الأمة وتصل إلى 24 محافظة. وقال إن الهدف من الحركة كان تحقيق تداول السلطة، إصلاح الوضع القانوني، الفصل بين السلطات، إطلاق الحريات العامة، مكافحة الفساد، الاهتمام بالبحث العلمي وتوحيد الصف الوطني.
وأكد إننا يجب أن نفكر في شكل الديمقراطية الحالي، هل تستمر الديمقراطية بشكلها البرلماني أم نلجأ للديمقراطية التشاركية، فصندوق الانتخاب قد لا يخرج بما نتمنى، لذا يجب تغيير أساليب اختيار من ينوب عن الشعب، واقترح وجود مجلس يتم اختيار أعضاءه من المؤسسات والمجالس والمجتمع المدني.
وناقشت الجلسة الثانية الأحزاب السياسية في مصر، وتحدث فيها كل من الدكتور رفعت السعيد، الدكتور محمد أبو الغار، الدكتور أحمد سعيد، والأستاذ محمد أنور السادات. أدار الجلسة الدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية.
وأكد الدكتور رفعت السعيد على ضرورة التجديد الديني وبحث ما يحدث على الساحة الإسلامية، مشددًا على أننا يجب أن نتحلى بالجرأة وأن نتجاسر ونفكر في علاقتنا بالحاكم وتجديد رؤيتنا لتلك العلاقة. وقال إن الديمقراطية معركة مستمرة، تتقدم وتتراجع، كما أن فكرة الديمقراطية في مصر تتعرض للعديد من التحديات في عدة جوانب، ومن أبرزها التدخل الأجنبي على الأحكام القضائية في مصر، وهو ما أطلق عليه الديمقراطية المخادعة، أو الديمقراطية السلبية.
وأضاف أن المكون الفكري للديمقراطية ليس مسألة وقتية، نحن نتعامل مع الديمقراطية وفق مخزون تاريخي؛ الذي يقوم على فكرة أن نقول شيئًا ونفعل عكسه. وأكد أننا لازلنا نقوم بتمجيد الحاكم، ونقوم بتطبيق نماذج نجحت في الغرب دون الالتفات لهوياتنا وخصائص مجتمعاتنا.
وأكد أنه لا يمكن قيام حزب سياسي حقيقي دون أن تكون المرأة أحد مكوناته. وأضاف أن الوضع السياسي الحالي يهدده الرأسماليون الذين يتحكموا في الاقتصاد والإعلام ويريدون التحكم في التشريع أيضًا. ولفت إلى وجود أزمة اقتصادية خانقة، ويجب أن نصل إلى مساومة تاريخية لتحقيق الاستقرار وتقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وقال إن بعض الدول الديمقراطية لا تستطيع أن تفي بوعودها بتوفير حقوق الأقلية، مما أدى إلى نفور العديد من المواطنين من المشاركة في الحياة العامة. وشدد على أن الانسحاب من الحياة العامة وفقدان الثقة في الأنظمة هو الذي يزيد فرص قيام الجماعات المتطرفة.
وتحدث الدكتور محمد أبو الغار عن الأحزاب السياسية بعد ثورة 25 يناير 2011، مبينًا أن القوانين أتاحت فرص أكبر لإنشاء الأحزاب، إلا أن تلك الأحزاب الناشئة اضطرت أن تخوض المعركة الانتخابية بعد أربعة أشهر من تشكيلها، مما أثر على أدائها في المستقبل.
وانتقد أبو الغار القوانين التي طرحت في عام 2015، وإلغاء نظام القوائم النسبية، والممارسات السياسية التي حدت من تمثيل الأحزاب في البرلمان. وأشار إلى وجود عوامل أخرى أدت إلى إضعاف الأحزاب السياسية؛ ومنها قلة الموارد، وضعف الإرادة السياسية، وغياب الديمقراطية داخل الأحزاب.
وتحدث الدكتور أحمد سعيد عن تجرية حزب المصريين الأحرار، مبينًا أنه قبل ثورة يناير 2011 لم يثق الناس في الأحزاب السياسية، لكن الوضع تغير بعد الثورة، وحققت انتخابات عام 2011 مشاركة غير مسبوقة من الشعب. وأضاف أن دور الأحزاب قبل ثورة 30 يونيو كان انتقاد الإخوان المسلمين، وبعد الثورة لازالت الأحزاب ضعيفة ولم تقدم اسهامات فعالة في المجتمع، وذلك لأنها لم تكن أحزاب حقيقية نابعة من الشارع.
وقال إننا لا نعاني من أزمة اقتصادية بقدر ما هي أزمة ثقافية. وشدد على أهمية دمج الشباب في العملية السياسية، فلا يمكن أن يكون هناك ديمقراطية دون حرية رأي.
وفي كلمته، قال الأستاذ محمد أنور السادات أن الأحزاب السياسية ضعيفة ومفككة، مبينًا أن المشكلة تكمن في أن الناس، خاصة الشباب الذين آمنوا بالثورة، قد أصابهم الإحباط، كما أن ثقافة التنوع والتطوع في العمل السياسي غير منتشرة في العمل السياسي مصر كما هو الحال في العمل الخيري. وأضاف أن الناس فقدوا الثقة في بعض الأفراد الذين تحولوا إلى نجوم بفضل الإعلام، كما أن هناك قيود على أنشطة المجتمع المدني. وأكد أن التحدي الاقتصادي من أهم وأخطر التحديات التي تواجه مصر الآن.
وأكد على أهمية استبدال هذا العدد الكبير من الأحزاب القائمة بعشرة أحزاب قوية وفعالة وقادرة على تمثيل الشعب المصري، ويمكن أن يتم ذلك من خلال الاندماج أو أن تحل بعض الأحزاب نفسها. وشدد على أهمية أن تعمل الأحزاب على إعادة ثقة الناس فيها، خاصة هؤلاء الذين عزفوا عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة، حيث بلغت نسبة المشاركة أقل من 20%.
وأضاف أن أول قانون سيعرض على البرلمان هو قانون العدالة الانتقالية وقانون دور العبادة.