السياحة والسياسة ومفهوم جديد للعلاقات الدولية
اغلاق الشركات التركية بروسيا ..والدور المطلوب
سرعة التحرك المصرى فى السوق السياحى الروسيى مسئولية وطنية
الفرصة مهيأة لتأسيس كيان سياحى فى مواجهة التكتلات والبداية من موسكو
بقلم : عبدالناصر احمد
لم تشهد الساحة الدولية فى اى وقت مضى استخدام السياحة لتصفية خلافات سياسية مثلما يحدث الان فقد ادئ تسارع الاحداث وتشابكها الى تفريغ السياحة من مضمونها كاداة لنشر السلام وامتزاج الثقافات والتعرف على الحضارات من خلال الزج بها فى الخلافات السياسية وتحميلها ما ليس فيها من خلال تأجيج المشاعر لدى المواطنيين فى دولة ضد اخرى وادخال السياحة كسلاح فى الحروب السياسية التى اتخذت من الاقتصاد سلاحا رئيسيا فى العصر الحديث.
وعلى الرغم من ان القضية التى اود ان اطرحهاهنا متعلقة بمسالة سياحية وتجارية بحتة الاانه كان لابد من الاشارة الى ما يحدث على الساحة السياسية والسياحية حتى يدرك الجميع مسئوليته، وان الموضوع ليس مجرد تعاقدات سياحية بين شركات او فنادق لان الموضوع اصبح اكبر من ذلك، والظروف فرضت على الجميع المواجهة والا الانسحاب من الساحة الى الابد.
واقول تلك المقدمة التى يبدو للبعض انها قاسية ولكن الامر جد مهم ويحتاج الى سرعة فى التحرك وتذليل للعقبات، ويحتاج قبل كل ذلك الى اعلاء الوطنية والمصلحة العامة قبل المصالح الشخصية، رغم ان المصالح الشخصية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمصلحة العامة فى تلك القضية.
فالقضية التى تحتاج الى تحرك فورى مكثف ومتكاتف بين القطاع الخاص والحكومة وهى وجود السياحة المصرية فى السوق الروسى واتخاذ موقعها الطبيعى من خلال آليات تضمن استمرارية هذا الوجود مع تغير الظروف السياسية التى تتيح الممنوع وتمنع المتاح احيانا، فبعد قرار روسيا اغلاق الشركات التركية العاملة فى السوق الروسى اصبحت الفرصة مهيأة للقطاع السياحى المصرى لاسترداد حقوقه التى كانت ضائعة بين شركات المافيا السياحية والتربيطات الدولية ومع غياب تكتل مصرى سياحى ظلت الشركات التركية هى البوابة الرئيسية للسياحة الروسية الوافدة الينا عبر عشرات السنيين.
فلا يعقل ان يكون السوق الاهم والاكبر بالنسبة للسياحة المصرية رهينة لشركات من جنسيات اخرى فنسبة السياحة الروسية التى تأتى الينا عن طريق الشركات التركية التى تم اغلاقها بقرار سياسى 90٪ من اعداد الروس الزائرين لمصر.؟ فهل لايمثل ذلك شئيا حتى يهب القطاع السياحى المصرى لعمل شىء.؟ ام ان الامر لايعنيه وخاصة مع وجود مؤشرات لعودة السياحة الروسية والانجليزية الى مصر فى اسرع وقت ممكن وخلال الشهر الحالى ..!
وان كان القطاع السياحى الخاص يبحث عن مخرج للازمة فان الفرصة مهيأة تماما لان سيطرة الشركات المصرية على السوق الروسى والتعامل مباشرة مع المنظمين الروس، او حتى مع السائحين الروس انفسهم سوف يحقق ارباحا اضعاف ما كان يحصل عليها الجانب المصرى من الرحلات الروسية عبر الشركات التركية.
وهنا لابد من التأكيد على ضرورة وقوف الدولة وراء القطاع الخاص السياحى فى تحركه واستعادة حقوقه الضائعة فى السوق الروسى من منطلاقات سياسية واقتصادية طبقا لقواعد اللعبة التى حددتها الدول الاخرى عندما ارادت ضرب الاقتصاد المصرى عن طريق السياحة، وتصفية حسابات جزيرة القرم وضرب داعش فى سوريا ضد روسيا على حساب السياحة المصرية بضرب عصفورين بحجر واحد لتعطيل المسار الوطنى للدولة المصرية التى عطلت احلامهم التخريبية فى المنطقة العربية.
وللاسف كما تعودنا لايمكن للمسئولين فى بلادنا انجاز اية مشروعات فى الوقت المناسب الا اذا كان هناك تدخل مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولذلك يجب عقد اجتماع عاجل تحت رعاية الرئيس وبحضور حكماء السياحة وعلى رأسهم "سمير حلاوة" صاحب اول مبادرة لطرح مشروع اقامة تكتل سياحى مصرى فى مواجهة التكتلات العالمية منذ نشأتها، و "الهامى الزيات" رئيس اتحاد الغرف السياحية الذى كان شريك اساسى فى جميع المحاولات، و "احمد الخادم" عضو لجنة الازمات الدولية للسياحة، و "عمرو صدقى" الرئيس الدولى السابق لاتحاد شركات السياحة الامريكية، و " حسام الشاعر "رئيس غرفة شركات السياحة السابق والوكيل السياحى لاكبر تكتل سياحى اوروبى، بالاضافة الى قيادات وزارة السياحة والطيران والخارجية، ولابد من الاستعانة بالسفراء والمستشارين السياحيين السابقين فى روسيا لوضع حجر الاساس لشركة قابضة للسياحة المصرية من القطاع الخاص، وبدعم من الدولة ممثلة فى القيادة السياسية …
ولماذا لا نعيد تجارب الماضى حين كانت مصر رائدة فى مجال الكيانات من منطلق وطنى اقتصادى عندما تم فتح مكاتب للشركات الكبرى كشركة مصر للسياحة فى اكبر دول العالم، ومن بينها روسيا حيث كانت الشركة تنظم جميع الرحلات الى مصر وكانت ايضا تنظم رحلات الحج للمسلمين الروس وتم اغلاقه من قبل مسئولين منزوعى الوطنية والخبرة ..!
وان كان الامر يجب ان يتم فى وقت قياسى لايتعدى الاسبوع الان الامر يحتاج على المدى البعيد لفكر استراتيجى يضمن استمرارية التواجد المصرى فى الاسواق الدولية، وذلك من خلال قيام اصحاب شركات السياحة والفنادق المصرية الذين يحملون جنسيات دول اخرى لتأسيس افرع للشركات بجنسياتهم الاجنبية حتى لايتم اغلاقها فى حالة حدوث خلاف سياسى مستقبلى.
وللرئيس عبدالفتاح السيسى اقول لان الامر وان كان يتعلق بالسياحة فأن المواقف اثبتت انه لايمكن فصل السياسة عن الاقتصاد والسياحة، وهو ما يستدعى الاهتمام بهذا الامر من قبل الرئيس نفسه حتى لو كانت المسئولية المباشرة للقطاع الخاص، ولكن لابد من الدعم الكامل من القيادة والدولة حتى وان استلزم الامر مشاركة ما بشكل او بأخر ولكن دون تدخل فى الادارة مثلما يحدث فى شركات الادارة ..!