تأجيل تقاعد الطائرات القديمة أجدى من شراء جديدة
الكويت " المسلة " … قال تقرير لشركة ألافكو لتمويل شراء وتأجير الطائرات إن انخفاض أسعار النفط في الفترة الأخيرة أثار القلق بشأن احتمال تأجيل طلبات شراء طائرات جديدة ذات استخدام كفؤ للوقود، والتي من المقرر تسليمها خلال السنوات القادمة، ذلك لأن الاستمرار في تشغيل طائرات ذات استخدام أقل كفاءة للوقود في ظل الأسعار المتدنية للنفط سيكون أكثر جدوى من حيث التكلفة من الحصول على طائرات جديدة، وخاصة تلك الطائرات التي تتضمن تقنيات حديثة.
وأضاف: لكن من غير المرجح أن يشكل ذلك رادعا على المدى الطويل لطلب طائرات جديدة أكثر اقتصادية في استخدام الوقود، إذ إن الطائرات الجديدة ذات التقنيات الحديثة تطلق كميات أقل من الملوثات وتتميز بتكاليف صيانة أقل وتوفر للراكب تجربة سفر أفضل، والأهم من ذلك أن تلك الطائرات الجديدة ستدعم نمو شركات الطيران. فمن غير المتوقع أن تؤثر أسعار النفط المنخفضة في طلبات الطائرات الجديدة، إلا أن الطائرات القديمة ستبقى في الخدمة لفترة أطول لتلبية الطلب القوي على خدمات السفر.
وتابعت «ألافكو»: أما بالنسبة لسوق تأجير الطائرات، فأدّى انخفاض أسعار النفط إلى تعزيز الطلب على الطائرات المستعملة، فقد أشار بعض مؤجري الطائرات الى ارتفاع في عوائد الايجار على الطائرات المستعملة المتوسطة في العمر، وذلك على خلفية تنامي الطلب على تلك الطائرات. فشركات التأجير التي تتوقع استمرار أسعار الوقود عند مستوياتها المتدنية الحالية لفترة طويلة قد تلجأ لتأجيل أو إلغاء طلبات شراء الطائرات الجديدة ذات التكنولوجيا الحديثة، وتعيد التركيز على الطائرات الموجودة في الخدمة حاليا. ولكن في ظل تقلبات أسعار النفط واحتمال ارتفاعها مجدداً، سيتجه الكثير من المؤجرين إلى الطائرات الجديدة ذات الاستخدام الكفؤ للوقود.
ومع أن أسعار النفط المرتفعة سابقاً قد ساهمت إلى حد بعيد في التوجه المتزايد نحو زيادة كفاءة استخدام الوقود في سوق الطيران، إلا أن الطلب على الطائرات ذات التكنولوجيا الجديدة يتأثر بعوامل أخرى أيضاً، فقد أدى الهبوط الأخير لأسعار النفط إلى تحسن كبير في ربحية شركات الطيران، ومع التوجه نحو شراء طائرات ذات استخدام كفؤ للوقود يمكن أن تحقق هذه الشركات المزيد من التخفيض لتكاليف التشغيل، الأمر الذي سيؤدي إلى رفع الربحية إلى مستويات أعلى.
عوامل أخرى
وعدا عن أسعار النفط، هنالك عوامل أخرى تؤثر في قرار الحصول على طائرات ذات تكنولوجيا متقدمة، منها:
• تكاليف الصيانة: الطائرات ذات التكنولوجيا الجديدة تتمتع بدرجة أعلى من الموثوقية وتخفض من تكاليف الصيانة.
• العوامل البيئية: الطائرات ذات التكنولوجيا الجديدة تخفض انبعاثات الكربون وتحدّ من درجة الضجيج.
• راحة الركاب: الطائرات ذات التكنولوجيا الجديدة توفر للركاب تجربة طيران أكثر راحة وذات جودة عالية.
• توسيع واستبدال الأسطول: من الطبيعي أن تحتاج شركات الطيران لشراء طائرات جديدة لتوسيع أساطيلها الحالية، أو لاستبدال طائراتها التي انتهت فترة صلاحيتها للتشغيل.
• الاستراتيجية طويلة الأجل: يعتمد الاستثمار في الأسطول بالتوقعات الطويلة الأجل وليس بحركة أسعار النفط على المدى القصير.
• تكلفة التمويل: عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة تتحسن فرص شراء الطائرات الجديدة بسبب انخفاض تكاليف التمويل، والعكس صحيح.
تنافسية الطائرات
وعندما تكون أسعار الوقود منخفضة، يصبح تمديد فترة استخدام الطائرات الموجودة في الخدمة حالياً أكثر جدوى من حيث التكلفة من شراء طائرات جديدة. هذه المقولة صحيحة بشكل خاص بالنسبة للطائرات ذات التكنولوجيا الحديثة، فمع انخفاض أسعار الوقود قد تصبح الطائرات ذات الاستخدام الكفوء للوقود أقل جاذبية، وذلك لأن شركات الطيران تقوم في ظروف كهذه بإعادة تقييم جدوى استثمار أموال طائلة ودفعات تأجيرية كبيرة للطائرات الحديثة مقابل الحصول على وفورات في الوقود.
ولذلك، فإن شركات الطيران قد تتجه إلى تمديد استخدام الطائرات القديمة، أو الاستثمار في طائرات مستعملة، طالما ظلت أسعار النفط منخفضة:
• تأجيل تقاعد الطائرات القديمة: تسارعت وتيرة إحالة الطائرات القديمة إلى التقاعد، وخاصة الطائرات ذات الأربع محركات خلال فترة الارتفاع الكبير في أسعار الوقود ما بين عامي 2010 و2014. ولكن في ضوء هبوط أسعار النفط في الفترة الأخيرة، أصبح من الممكن الاستمرار في استخدام مثل هذه الطائرات لبضع سنوات إضافية، وقد تزايد عدد الطائرات التي تخضع حالياً لصيانة كثيفة من أجل تمديد فترة تشغيلها. على سبيل المثال، سوف تمدد شركة يونايتد إيرلاينز فترة تشغيل جميع طائراتها من طراز بوينغ 767B، التي كانت قد قررت إحالتها إلى التقاعد سابقاً.
• استثمارات جديدة في الطائرات المستعملة: في ظل انخفاض أسعار النفط أصبح لدى شركات الطيران حوافز أكبر لشراء طائرات مستعملة أو استئجارها أو إعادة الاستثمار فيها، بدلا من زيادة أحجام أساطيلها بإضافة طائرات جديدة.
ويبدو أن تدني أسعار الوقود بدأ يؤثر بشكل ايجابي على سوق تأجير الطائرات المستعملة، وخاصة تلك التي تكون في منتصف عمرها. وقد لاحظ بعض المؤجرين، الذين يركزون على الطائرات التي هي في منتصف عمرها، زيادة في عمليات التمديد أو إعادة التأجير لفترات تصل إلى عشر سنوات.
هذه الظروف يمكن أن تدعم القيمة السوقية واسعار التأجير للطائرات المستعملة. وتقول شركة أسند العالمية لاستشارات الطيران ان الفترة الأخيرة شهدت بعض التحسن في قيم الطائرات الموجودة في الخدمة حالياً، لكنها تضيف أن أسعار التأجير شهدت ارتفاعا أكبر مما شهدته قيم الطائرات. وترى «أسند» أن شركات الطيران ربما ستكون مستعدة لدفع إيجارات أعلى للتوسع عن طريق تأجير طائرات مستعملة خلال الفترة القصيرة المقبلة، غير أنها قد تكون مترددة في شرائها بسبب المخاطر المتعلقة بالقيمة المتبقية للطائرات على المدى الطويل. وذكرت «أسند» كذلك أن التحسن الأكبر في هذا المجال هو ما شهدته الطائرات متوسطة العمر من طراز إيرباص 320A وبوينغ 737B، مع تقلص الأعداد المتوافرة من هذه الطائرات المرغوبة جدا.
تردد محدود ومؤقت
ويرى بعض المحللين أن استمرار تدني أسعار النفط لفترة طويلة، يمكن أن يؤدي إلى تأجيل أو إلغاء تسليم الطائرات الجديدة ذات الكفاءة في استخدام الوقود. وقد يؤدي ذلك إلى عدم استعجال شركات الطيران في الاستثمار بالطائرات الحديثة، حسبما يتضح من حالات التأجيل التي شهدتها هذه الصناعة مؤخرا. فعلى سبيل المثال، قامت أميركان إيرلاينز بتأجيل تسليم 35 طائرة من طراز إيرباص neo 320A، ذات التصميم الجديد، في شهر يونيو 2015، ليتم تسليمها في خلال الفترة من 2021 إلى ،2023 بدلا من الفترة من 2017 إلى 2018، وكانت الشركة قد قامت في وقت سابق من السنة بتأجيل تسليم 5 طائرات من طراز بوينغ 787B دريملاينر حتى سنة 2017 و2018، حيث كان من المقرر تسليم هذه الطائرات خلال سنة 2016.
وعلى الرغم من التردد في الاستثمار في الطائرات الجديدة خلال الفترة الأخيرة، فإنه من غير المرجح أن يكون هناك توجّه بعيداً عن شراء الطائرات ذات التكنولوجيا الجديدة. أولا، لعل من الأكثر احتمالا أن يتم تأجيل تسليم الطائرات الجديدة وليس الإلغاء تحسبا لعودة أسعار النفط للارتفاع من جديد. وبصرف النظر عن تحركات أسعار النفط، سوف تنظر شركات الطيران في موضوع شراء طائرات ذات التكنولوجيا الجديدة بسبب ما توفره من منافع تتعلق بالبيئة والصيانة وراحة الركاب. ولعل الأهم من ذلك أن طلبات شراء الطائرات الجديدة تعكس نمو شركات الطيران، حيث ان معظم الطائرات الجديدة ستستخدم لأهداف النمو وليس لاستبدال الطائرات القديمة.
وهناك دلائل واضحة على أن شركات الطيران لا تزال تقبل على طلب الطائرات الجديدة وبخاصة الطائرات الأكثر كفاءة في استخدام الوقود على الرغم من استمرار تراجع أسعار النفط. الملاحظ أن 70 في المئة من الطلبات التي حصلت عليها كل من إيرباص و بوينغ خلال سنة 2014 تم التعاقد عليها خلال النصف الثاني من السنة، الأمر الذي يعني أنه لم يطرأ أي تراجع في الطلب على الطائرات الجديدة مع اتخاذ أسعار النفط مسارها التنازلي، ويلاحظ أيضا أن حوالي ثلاثة أرباع تلك الطلبات تتعلق بطائرات ذات التكنولوجيا الحديثة.
وبالعكس، يمكن أن تغتنم شركات الطيران فرصة ارتفاع الأرباح نتيجة لانخفاض أسعار الوقود لتمويل شراء طائرات جديدة. يقول الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) ان مجموع أرباح شركات الطيران العالمية قد ارتفعت لتصل إلى حوالي 16 مليار دولار في عام 2014 من 10.6 مليارات دولار في السنة السابقة، ويتوقع أن تبلغ الأرباح للسنة الحالية 29 مليار دولار مع استمرار انخفاض أسعار النفط. من هذا المنطلق، يمكن لارتفاع الأرباح أن يساعد شركات الطيران على زيادة أحجام أساطيلها وتحديثها عن طريق شراء طائرات ذات تقنيات جديدة.
وقد أشارت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن شركات الطيران حول العالم ستخفض انفاقها على الوقود بحوالي 70 مليار دولار في هذا العام مقارنة بالعام الماضي، أي بحوالي الثلث. إلا أن نتيجة ارتفاع الدولار مقابل العملات الأخرى وبسبب العقود الآجلة للوقود التي تخضع لها بعض شركات الطيران، سيكون التأثير النهائي على الوفورات أقل بحوالي 35 مليار دولار.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لشركات الطيران أن تستفيد من انخفاض العلاوة على أسعار الطائرات الجديدة. فقد تخلق ظروف الأسعار المتدنية للنفط ضغوطا باتجاه تخفيض العلاوة التي دأبت الشركات المصنّعة للطائرات على إضافتها على أسعار الطائرات ذات الاستخدام الأكثر كفاءة للوقود.
وفي البيئة الحالية لأسعار النفط المنخفضة، تجد شركات تأجير الطائرات نفسها أمام خيارين استراتيجيين. المؤجرون الذين يتوقعون بقاء أسعار النفط عند مستوياتها المتدنية الحالية لفترة زمنية طويلة قد يعملون على توجيه أسطولهم نحو الطائرات الموجودة في الخدمة حاليا، فهؤلاء المؤجرون يمكن أن يستفيدوا من تحسن هوامش أرباح التشغيل في ظل الأسعار الحالية للوقود نظراً لارتفاع قيم وايجارات تلك الطائرات، إلا أن أي ارتفاع في أسعار النفط قد يضغط لتخفيض تلك الهوامش. أما المؤجرون الآخرون فقد تعكس استراتيجيتهم تركيزا مختلفا، حيث سوف يتوجهون نحو التركيز بشكل أكبر على الطائرات الجديدة ذات الاستخدام الكفؤ للوقود، وهذه الاستراتجية الأخيرة تعتبر أكثر أمانا، حيث تأخذ بعين الاعتبار ما تتسم به أسواق النفط من عرضة للتقلب وعدم اليقين.
Al Qabas