المريخ الأردني واستعادة السياحة
بقلم : د.باسم الطويسي
يواصل الفيلم السينمائي الأميركي (المريخي: أعيدوه إلى الوطن) نجاحاته في دور العرض وفي تحقيق الايرادات، ويسجل مؤشرات فارقة كواحد من أفضل الأفلام فنيا وجماهيريا خلال آخرعامين. المهم بالنسبة لنا أن الفيلم يعيد اكتشاف منطقة وادي رم للمرة الثالثة باعتبارها منطقة سياحية عالمية وينقلها من وادي القمر الى المريخ الأردني.
الفيلم الذي صورت أكثر من نصف مشاهده في صحراء وادي رم الوردية ذات المشاهد الخلابة التي تحاكي تضاريس الكوكب الأحمر من إخراج ريدلي سكوت وبطولة مات ديمون ومن إنتاج 2015. وهو فيلم خيال علمي ومغامرات له جاذبية خاصة يحكي قصة مستقبلية تقع بعد عشرين عاما. بعد أن تتعرض مركبة فضائية لعاصفة عاتية تفقد على أثرها أحد رواد الفضاء الذي يعتبره طاقم المركبة في عداد الموتى، إلا أن رائد الفضاء (مارك واتني) يعيش بعد إصابته ويكتشف أنه وحيد على الكوكب الأحمر، وهنا يبدأ اشتباكه مع إرادة الحياة والبقاء ضمن إمكانيات محدودة للحياة، حيث يدخل رائد الفضاء التائه في اشتباك ثنائي؛ الأول مع ظروف الكوكب الغريب وينجح في الزراعة على الكوكب الذي يعتقد أنْ لا حياة عليه. حيث يحشد المخرج عشرات المشاهد المدهشة من صحراء وادي رم بين كثبان الرمال وتشكيلات الصخور الوردية. والاشتباك الثاني في محاولات رائد الفضاء الاتصال بالأرض من أجل العودة للوطن وهي المهمة التي تجد دعما عالميا حتى يتحقق هذا الأمر بعد أكثر من عامين.
الفيلم يوفر فرصة نادرة لإعادة اكتشاف الامكانيات السياحية للأردن، وعلينا أن نتذكر أن الاكتشاف الأول لوادي رم جاء من خلال بوابة السينما في الفيلم العالمي الشهير (لورنس العرب) في مطلع ستينيات القرن الماضي، كما هو الحال في الأثر الكبير الذي تركه فيلم المغامرات (إنديانا جونز) الذي صورت مشاهد منه في مدينة البترا وكانت له آثار ايجابية لا تقدر بثمن في تسويق الأردن سياحيا.
الاكتشاف الثاني لوادي رم في الثمانينيات من القرن الماضي حينما شهد تنمية سياحية عشوائية في التسعينيات، ولما كان الموقع الواسع يشكل مزيجاً سياحياً فريداً يُعد شاهداً على تراث الطبيعة الفريدة وتراث الحضارات والثقافات فقد شهد تعديات واسعة، لعل من أهمها الأضرار التي لحقت بالمعالم الطبيعية نتيجة الاستخدام الجائر للسيارات ومسارات الرحلات والتخييم والأنشطة غير المنظمة وتراجع التنوع الحيوي النباتي والحيوان، فيما ما يزال الموقع بكرا ولم تكتشف طاقته وإمكانياته السياحية بشكل كامل، بل ما يزال يكتنز مفاجآت لهواة سياحة المغامرات وتراث الطبيعة ويوفر دهشة غير مسبوقة لبرامج سياحية غير جديدة.
هناك فرصة جديدة لإعادة اكتشاف وادي رم سياحيا للعالم مجددا مع صعود هذا الفيلم الذي شاهده عشرات الملايين في أسابيعه الاولى، وحقق نحو ربع مليار دولار إيرادات خلال هذه الفترة. صحيح ان هناك محاولات جادة مؤخرا من وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة لتطوير أدواتها في التسويق السياحي، لكن للاسف وبعد مراجعة عشرات الكتابات والتحليلات النقدية للفيلم في الصحافة الأجنبية نجد إشارات محدودة للمشاهد الخارجية للفيلم التي صورت في وادي رم وتشكل المشاهد الفارقة في بنية الفيلم.
ثمة حاجة ملحة لتطوير أجندة وطنية في استثمار الأحداث والمناسبات العالمية التي قد تنعكس إيجابيا على جاذبية الأردن سياحيا، وتحديدا في تطوير القدرات الوطنية في التعاطي مع الإعلام العالمي والمساهمة في المحتوى الإعلامي العالمي وفي توظيف الإعلام الرقمي والإعلام الاجتماعي في لفت الانتباه للمقاصد السياحية المحلية. ثمة فرص هائلة موجودة وكل ما تحتاجه أن نزيد من مساهمتنا في تعريف العالم بالأردن.
نقلا عن الغد