حلف الناتو يعاقب أردوغان
بقلم الكاتب الصحفى : جودت هوشيار
في اكتوبرعام 2012 لجأت تركيا الى حلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لمساعدتها في حماية حدودها بعد أن سقطت بضع قذائف عشوائية من سوريا على مناطقها الحدودية في ذروة التوتر بين أنقرة ودمشق. وقد استجاب الحلف للطلب التركي وقامت كل من الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا في كانون الثاني / يناير 2013 بنشر ست بطاريات صواريخ باتريوت – بطاريتين من كل دولة – مع الوحدات العسكرية المكلفة بتشغيلها، على طول الحدود التركية مع سوريا في مناطق قهرمان مرعش وشانلي اورفا وأضنة.
وقبل عدة أيام قررت كل من الولايات المتحدة والمانيا سحب صواريخهما مع طواقمها من تركيا وعزت ذلك الى انتفاء الحاجة اليها.
ما الذي حدث؟ ولماذا يسحب حلف الناتو صواريخه من تركيا؟
تقول واشمطن وبرلين في بياناتهما الرسمية ان تركيا لم تعد بحاجة الى تلك الصواريخ، لأن احتمال قيام النظام السوري – الغارق قي ازمته الخانقة – بمهاجمة تركيا جد ضئيل، كما لا يوجد اي تهديد جدي من اطراف اخرى في المنطقة..!
هذا هو التبرير العسكري المعلن من قيل واشنطن وبرلين، ولكن السبب الحقيقي ليس عسكريا، بل سياسي في المقام الأول، ويكمن في استياء الولايات المتحدة والمانيا وبقية دول حلف شمال الأطلسي من أزدواجية السياسة التركية الخارحية ومن تنصل أنقرة من عملية السلام مع الكرد .
وان تركيا لا تحارب اليوم داعش على نحو جاد، بل تشن حربا شعواء على حزب العمال الكردستاني وتستخدم القوة المفرطة، التي تؤدي الى وقوع ضحايا بين المدنيين وتشريد مئات العوائل في المناطق الكردية في تركيا واقليم كردستان.
أما تنصل تركيا من عملية السلام مع الكرد فأنه يعود الى أسباب انتخابية ويهدف الى الأيهام للناخبين بأن حكومة حزب العدالة والتنمية تحارب الأرهاب على جبهتين لحشد التأييد الجماهيري الذي فقدته في الأنتخابات التشريعية الأخير التي جرت في السابع من حزيران / يونيو الماضي.
والحقيقة أن أنقرة تحارب حزب العمال الكردستاني فقط ولا تتحرش يتنظيم (داعش) الا لذر الرماد في العيون، رغم أن القوات الكردية هي القوة الأكثر كفاءة ومقدرة وشجاعة في قتال داعش، وتحمي المنطقة وأوروبا من خطر هذا التنظيم الأرهابي، وهي حقيقة ناصعة تؤكدها التصريحات المتكررة للعديد من الزعماء والقادة الغربيين من مدنيين وعسكرين.
سحب منظومة صواريخ باتريوت يدل دلالة قاطعة على فقدان الثقة بزعماء الحزب الحاكم في تركيا، فالحلف لم يسحب منظومات صواريخ الباتريوت من أي بلد آخر في المنطقة، رغم أن تركيا وهي العضو في حلف الناتو، لا تمتلك منظومة صواريخ باتريوت او ما يناظرها، قادرة على رصد وتدمير الصواريخ الباليستية في الجو، بخلاف عدد من الدول العربية التي تمتلك صوارخ باتريوت (مصر، السعودية، الأردن، الأمارات، الكويت)
قرار (الناتو) – المغلف بعبارات دبلوماسية – عقاب علني لحكومة حزب العدالة والتنمية التي فقدت مصداقيتها في نظر حلفائها الغربيين، كما ان سياستها الخارجية التي تتصف بالأزدواجية، أدت الى عزلة تركيا عن معظم دول الشرق الأوسط.