سوق عكاظ معلم ثقافى يبرز الأطعمة والألبسة التي تشتهر بها المملكة والخليج العربي
الطائف "المسلة" …. أبرز سوق عكاظ، تعدد الثقافات المحلية " في صناعة الأطعمة والألبسة وما له من علاقة بصناعة العطورات والأبخرة الشرقية وتركيباتها " التي تشتهر بها المملكة والخليج العربي، وتنتشر على جنبات جادة سوق عكاظ التي يمتد طولها 1500متر، بازارات وأكشاك وحوانيت، تبيع تلك المصنوعات الحرفية والمشغولات اليدوية .
ورصدت جولة وكالة الأنباء السعودية " واس " تلك المصنوعات والمشغولات في مشهد يبرز الزخم الثقافي الذي تزخر به المملكة ومنطقة الخليج العربي، منذ التاريخ القديم لإنسان هذه الجزيرة العربية الذي واجه – بفضل من الله – التحديات البيئية والجغرافية والتقلبات المعيشية والاقتصادية، بما يتمتع به من ذكاء فطري، فصنع الإنسان العربي خبزه بيده، وخاط ثوبه بيده، وخصف نعله، وصنع من أصواف ماشيته ما يسكنه، في عملية تسمى " السدو " التي تنتشر هذه الأيام على جنبات سوق عكاظ، بجانب صناعة الأطعمة والمشروبات والأبخرة .
وأوضح عيضه اليامي " بائع سيوف وخناجر " على جادة السوق، أن هذه الأدوات القديمة التي كانت تستخدم في الماضي، لم يعد لها وظيفة في الوقت الراهن بفضل من الله ثم بفضل الأمن الذي نتفيأ ظلاله، منذ توحيد الجزيرة العربية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – وإلى عهدنا الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – ، لافتا النظر إلى أن هذه الأدوات الحربية التي تشمل السيوف والخناجر والرمح، أصحبت تستخدم في عصرنا الحاضر في الألعاب الشعبية والعرضات التقليدية، ومراسم الزواج .
وأفاد اليامي بأن الزوار يحرصون على شراء السيوف والخناجر " الجنبيات " والشباري، والفردات، والبالات، والدروع الحربية، التي تصنع محليا بواسطة الصنّاع الذين توارثو المهنة عن آبائهم وأجدادهم، مبيناً أن ارتفاع أسعارها مرتبط بالخامات التي تستخدم في صناعتها من الذهب والفضة والبلاتين والنقوش التي تزين تلك الأدوات، وما تطعم به من الأحجار الكريمة، والفضة واللؤلؤ، مشيرًا إلى أن القبضة الخلفية تستخدم من عاج الفيل أو زرف قرن وحيد القرن أو قرن الجاموس أو الغزال أو الخشب النفيس من نوع السيسم والساج، كما يستخدم المعدن النفيس في تغليف القبضة بحسب طلب المشتري .
وتشير ضحى الدوسري" بائعة عطورات وأبخرة شرقية " إلى أن زوار السوق يرغبون في شراء الأبخرة والعطورات التي تصنع من النباتات الطبيعية كا الخزاما والياسمين والورد الطائفي، وتتفاوت أسعارها بحسب نوع النبات المقطر في تصنيع العطور، فالورد الطائفي يتميز جودته حسب القطفة الباردة أو القطفة الأولى، ما يرفع سعر بيعها، بجانب ما يتم تقطيره من النباتات الأخرى، أو التي يمكن أن تتم عبر تركيز الرائحة، ويتم تركيب العطورات بالطريقة الحديثة التي تنتشر في أغلب الأماكن التسويقية، لافتة إلى أن هذه الطريقة " تركيز الرائحة " تشهد رواج في أسواق بيع العطورات الشرقية والغربية .
وفي ناحية أخرى على جنبات جادة سوق عكاظ تتوزع " بازارات " صناعة بيوت الشعر، والملابس التقليدية، التي يصفها سالم العطوي، بالعمل المضني الشاق الذي كان يحدد ملامح شخصية المرأة العربية الأصلية في رغبة طلب الزواج منها، ويشير إلى أن سوق عكاظ أتاح للجيل الذي لم يلتحف السماء ويفترش رمال هذه الجزيرة العربية مشاهدة البيوت التي كان إنسان هذه الأرض يرتحل بها من مكان إلى آخر، على ظهر ناقته، لا يستغرق بناءها ساعات معدودة، تقيهم الشمس الحارقة وقت " القيظ " وتدفئ ساكنيها شتاء.
وأفاد أن زوار السوق من الشباب يشاهدون كيف تصنع تلك البيوت، خلال عملية " السدو " الذي عادة ما تقوم به النساء من أصواف المواشي، ففي مراحله الأولى تتم عملية جمع الصوف، ثم يجمع ويتم غزله في عملية تستغرق أشهر، ثم تطرح الأخشاب التي تتم خلالها عملية النسيج " السدو " ثم يتم خياطة القطع التي نسجت لتشكل البيت وطوله وحجم سعته، وما يلحق به من الأدوات التي تعرف " بالخميل والخرج " لحفظ ملابس النساء .
وفي جانب آخر من الجادة تحضر البازارات التي تحمل عنوان " الأعمال الإبتكارية " التي تتنوع أعمالها بين النحت والكتابة والنقش على الخشب والزجاج والنحاس، يعمل بها نساء ورجال من عدد من المناطق بالمملكة، بالإضافة إلى البازارات التي يعمل بها في الحرفيات والأعمال اليدوية, التي جاءت تمثل مناطق شمال المملكة وجنوبها في صناعة الملابس التقليدية، وما يصاحبها من أعمال في صناعة الأوعية الجلدية التي جسدت ما كان إنسان الجزيرة العربية يستخدمها مثل " القربة، والعكه " لحفظ الماء واللبن والسمن.
وفي نهاية جادة سوق عكاظ كان لمشروع الأسر المنتجة الذي تشرف عليه الغرفة التجارية الصناعية بجدة جناح كبير يمثل مشاركة ما يزيد عن خمسين أسرة منتجة في أعمال إنتاجية متنوعة تمثل ثقافة أهل الحجاز في الزمن الماضي، شملت المأكولات والأطعمة، والمشروبات، والحلويات، والنسيج والتطريز، والأعمال المتعلقة بالمنازل, وأعمال الزينة بشكل عام، والمقتنيات الفخارية، والأدوات التي تستخدم في الطهي والخياطة والتطريز وما له علاقة بالمنزل الحجازي .