خيول "البتراء" الأثرية تحت سياط قطاع السياحة
البترا "المسلة" …. عند "الخزنة"، أشهر معالم مدينة البتراء الأثرية جنوب الأردن، يلهب سائس الخيل ظهر حصانه المتسمر بالارض بالسياط، فيما يقف سائحان يحدقان بمشهد المدينة الوردية الرائع دون الالتفات إلى هذه المعاناة.
وفي انتظار وصول زبائن من السياح، تترك عشرات من الخيول تحت أشعة الشمس المحرقة عند مدخل هذه المدينة التي اختيرت في العام 2007 كواحدة من عجائب الدنيا الجديدة.
وتقع مدينة البتراء الأثرية، المشهورة بعمارتها المنحوتة بالصخر على بعد 225 كليومترا جنوب عمان، وشيدت في العام 312 قبل الميلاد كعاصمة لمملكة الأنباط العربية القديمة التي سقطت بيد الرومان في العام 106 قبل الميلاد.
ويعتمد المرشدون السياحيون في هذه المدينة على أكثر من ألف و300 حصان وحمار تعاني من سوء المعاملة، ومن عمل مرهق في نقل السياح يمتد بين ثماني ساعات و12 ساعة يوميا.
لكن هذه الحيوانات، التي لا غنى عنها في قطاع السياحة في المنطقة، قد تتحسن ظروفها قريبا بفضل منظمتين غير حكوميتين هما منظمة "فور باوز" المعنية بالرفق بالحيوان ومؤسسة الأميرة عالية، ستعملان على توفير الظل والماء والرعاية للخيول، وهو أقل ما يمكن تقديمه لهذه الحيوانات التي تؤمّن معيشة ثمانية الاف شخص.
ولا تخلو المنطقة تماما من البنى التحتية اللازمة للعناية بهذه الحيوانات، فمنذ الثمانينيات تقدم عيادة بيطرية على مدخل البتراء الرعاية المجانية للخيول، لكنها تعاني من نقص كبير في الإمكانات، وفقا للممرض البيطري عماد هلالات (24 عاما).
وكانت هذه العيادة تحت إشراف منظمة "بروك" الدولية لحماية الخيول حتى العام 2010، ثم تولت وزارة الزراعة إدارتها.
وبيّن هلالات أن "العيادة لا تؤمن سوى20 % من الحاجة للادوية".
من جهته، قال عبد الهادي الذي يشغّل أربعة خيول في المكان "لا توجد أدوية هنا.. قبل عدة اشهر اضطررت إلى قتل أحد احصنتي بالسم لأنني لم أكن قادرا على علاجه".
لكن منظمة "فور باوز" أصبحت حاضرة في العيادة، وبدأت منذ آخر شهر آذار (مارس) الماضي بتقديم الرعاية للخيول المريضة والمصابة.
يجثو طبيب بيطري روماني تابع للجمعية على ركبتيه ويعاين الساق الخلفية لفرس تبلغ من العمر ثمانية أعوام يطلق عليها اسم "عباية"، وهي تعاني من إصابة منذ أربعة أشهر.
وقال الطبيب البيطري أوفيديو روسو "نظفت جراحها وأعطيتها مضادا حيويا. لكن عليها الآن أن ترتاح لبضعة أسابيع، كي تكون في حال أفضل"، موجها كلامه لمالك الفرس أحمد المشاعلة الذي يأسف "لقلة الإيرادات".
بدوره، بين المشاعلة الذي يملك حصانين آخرين في البتراء "منذ أربعة اشهر وهذه الفرس لا تعمل، وطعامها مكلف للغاية".
وتتعرض الخيول في هذه المنطقة بشكل مستمر للإصابات، بسبب المسالك الصخرية المتعرجة والضيقة والمنزلقة أحيانا، ولا سيما ممر "السيق" الذي تسلكه عدة مرات في اليوم.
والسيق عبارة عن طريق متعرج وضيق يقع بين الجبال ويؤدي إلى موقع "الخزنة" الشهير.
وأكثر الخيول عرضة للإصابة هي تلك التي تجر العربات. وقال عماد "لقد طلبنا من وزارة السياحة حظر العربات التي تجرّها الخيول، لكن الجواب كان أنها وسيلة لا غنى عنها لنقل السياح غير القادرين على السير لمسافات طويلة"، إلى أن يدخل حيز التنفيذ مشروع لاستخدام السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية مكان هذه العربات.
(أ ف ب)