السياحة والآثار.. حقول نفطنا القادمة! بقلم :عبدالوهاب الفايز
بقلم :عبدالوهاب الفايز
الأسابيع الماضية حافلة بالإنجازات الإستراتيجية التاريخية لقطاع السياحة والآثار بالمملكة، مجلس الوزراء في جلسته الاثنين الماضي وافق على (برنامج إقراض المشروعات الفندقية والسياحية)، وهذا المشروع يستهدف تنمية قطاع الإيواء في المدن الصغيرة والمتوسطة، والأحد الماضي تم توقيع عقد تأسيس الشركة السعودية للضيافة التراثية.
وفي الإجازة الماضية شهدنا إقبال الناس الكبير لزيارة (جدة التاريخية)، ومهرجان سوق عكاظ، والحدث الهام أيضا كان توقيع مذكرة التفاهم بين رئاسة الحرمين الشريفين وهيئة السياحة.
هذه أحداث رئيسية، والأمير سلطان بن سلمان يستحق منا كل الثناء والتقدير لهذه الإنجازات الوطنية. لقد تعب وعانى كثيرا لكي يحدث هذا التحول في القناعات وفي السياسات الحكومية، كنّا نقاوم مشروع السياحة على جبهات عدة، مقاومة سلبية عبر السخرية من (الحلم الكبير)، ونقاوم إيجابيا عبر الممانعة والمماطلة للمشاريع؛ لعدم الإدراك وقلة الفهم من بعض المسؤولين وحتى من بعض المستثمرين، كانت تصوراتهم سلبية، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، كما يقول الفقهاء.
الآن ننتقل إلى الدعم الإيجابي من مؤسسات المجتمع ومؤسسات الدولة، والحق أن الأمير سلطان كان على قناعة بأن التحول سوف يأتي، وبحسه القيادي وإدراكه لطبيعة مجتمعنا، لم يستعجل النتائج ولم يُحبط أو يتراجع، بل صمد وصبر وعزم وتوكل و تحقق ما تطلع اليه فصناعة السياحة الآن إذا نمت وتوسعت .. ستكون بإذن الله (حقول نفطنا) القادمة.
دخول الحكومة بالدعم التنظيمي والتمويلي لقطاع السياحة، هو النقلة النوعية التي نتحدث عنها، وهي تحول إيجابي يستحق التقدير، وهناك نقلة نوعية في تفهم وإدراك مشايخنا وعلمائناء، حفظهم الله، لأهمية التراث الإسلامي وضرورة المحافظة عليه، وهذا التحول والدعم منهم يستحق أيضا منا الثناء والتقدير.
الأستاذ عبدالرحمن المفضي، أمين عام صندوق الاستثمارات العامة، في حفل توقيع عقد شركة الضيافة، والصندوق هو الشريك المؤسس في رأس مالها، قال كلاما مهما حول أهمية دعم الدولة، فقد أشار إلى الأهمية الاقتصادية والوطنية للشركة السعودية للضيافه التراثية، خاصة مع وجود عدد من الشركات المساهمة المميزة.
وقال إن الشركة تمثل (إحدى اللبنات الهامة للجهود الهادفة لتنمية القطاع السياحي والآثار)، وأشار إلى أنها تأتي نتيجة مباشرة للرؤية التي حملها ورسخها الأمير سلطان بن سلمان، لكون مثل هذه الشركة (جزءا من منظومة متكاملة تسعى الهيئة لرسمها وتنفيذها تعزيزا للدور الهام للقطاع السياحي في النمو الاقتصادي والاجتماعي في المملكة.)
والأمر المهم الذي يسعدنا هو ما أكده الأستاذ المفضي، وهو (أن مساهمة صندوق الاستثمارات العامة في الشركة جاء نتيجة للقناعة التامة بالجدوى الاقتصادية لتطوير المباني التراثية في مناطق المملكة، وتحويلها إلى مواقع إيواء سياحي وضيافة تراثية.) ونقل للحضور ولنا أمرا مهما آخر، وهو: (تهنئة معالي وزير المالية رئيس مجلس إدارة الصندوق الذي يتطلع إلى أن تأخذ هذه الشركة والمبادرات الأخرى في قطاع السياحة دورها المفترض في دفع عجلة النمو الاقتصادي في المملكة.)
في تصوري المتواضع وكمتابع للتحديات الكبرى التي واجهتها السياحة والآثار، في الأسابيع الماضية، السياحة تدخل مرحلة جديدة، مرحلة التحول لتكون صناعة أساسية في مكونات اقتصادنا الكلي. وزارة المالية تعبر عن(قناعة تامة) بقطاع السياحة، وتكون سباقة إلى دعم المشاريع السياحية، هذه نقلة نوعية إيجابية.
المختصون بصناعة السياحة، منذ سنوات، يدعون إلى ضرورة مساهمة الدولة في تأسيس البنية الأساسية للسياحة، بالذات في المدن الصغيرة التي تتوفر فيها مقومات الجذب السياحي. في هذه المدن، المستثمرون لن يتقدموا للاستثمار فيها؛ لتخوفهم من الخسائر، وهؤلاء لن يجازفوا لتحقيق أهداف وطنية. علينا أن نتفهم موقفهم، ومن مصلحتنا ألا يخسروا.
القيمة المُضافة الكبيرة لقطاع السياحة في الاقتصاد، هي الدافع الأساسي المفترض لمبادرة الدولة لتطوير قطاع السياحة الوطنية، عبر الاستثمارات النوعية، وتحفيز المستثمرين للدخول في الخدمات السياحية، وزيادة جودتها ومعروضها، حتى نستفيد من إقبالنا الكبير المتزايد على السياحة. نحن ننفق أرقاما كبيرة على السياحة الخارجية ربما تتجاوز 30 مليار ريال سنويا، واقتصادنا الوطني محروم من هذه المبالغ.
نتمنى أن يتسع التمويل الحكومي والخاص للمشاريع السياحية، وفي المنطقة الشرقية نتطلع إلى انطلاق مشروع شركة تطوير العقير، التي وقع عقد تأسيسها وأودع المستثمرون ما يزيد على 500 مليون ريال، ولعل صندوق الاستثمارات العامة يواصل تحقيق القناعات الاقتصادية والاستثمارية ويبادر إلى المساهمة في تمويلها.
نقلا عن اليوم