ريحان : الحملة الفرنسية رصدت احتفالات المسلمين والمسيحيين بالمولد النبوى الشريف بساحة الأزبكية
القاهرة " المسلة " … أكد خبير الآثار عبد الرحيم ريحان أن الاحتفالات الدينية بمصر كانت احتفالات قومية يحتفل بها كل شعب مصر بنسيجه الوطنى مسلمين ومسيحيين وقد رصدت الحملة الفرنسية احتفالاً بالمولد النبوى الشريف فى الساحة الرحبة ببركة الأزبكية وكانت تنصب السرادقات للدراويش وحلقات الذكر للمنشدين الهاتفين طوال الليل وكان الناس يجتمعون لمشاهدة المهرجين وقد تعجّب الباحث الفرنسى «إدوارد ليم لين» من احتشاد المسيحيين لمشاهدة حلقات المنشدين حتى أذان الفجر وكأن مصر مجتمعة كلها بداية من الأمير ولى العهد فى سرادقه حتى المزارعين والعمال والصناع وذلك طبقاً للدراسة الآثارية عن احتفالات المولد النبوى فى التراث الإسلامى لعالم الآثار الإسلامية اعلى الطايش أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة
ويشير على الطايش إلى مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى فى العصر الفاطمى حيث كان يخرج الخليفة الفاطمى راكبا حصانه ومن خلفه سيدة القصر فى هودجها فى موكب مهيب يبدأ من قصر الخلافة وحتى مشهد الحسين رضى الله عنه ومن هذا الموكب ظهر ما يعرف بحصان المولد وعروسة المولد حيث صنع المصريون من السكر أشكالاً للحصان والعروسة ما زالت موجودة إلى أيامنا ويحرص أغلب المصريون على شرائها وقد اتخذ اليوم طابعاً جميلاً كالأعياد ويشتهر بالحلوى التى تعرف بحلاوة المولد
ويضيف د. الطايش بأن هناك أراء عن تأصيل عروسة المولد وحصان المولد بأنه تجسيداً لأسطورة إيزيس وأوزوريس فى شكل حصان المولد المستوحى من تمثال "حورس" راكبا الحصان ممسكاً بالسيف ليقتل رمز الشر"ست" الذى صوّر على هيئة تمساح وفى شكل عروسة المولد وكرانيشها الملونة المستوحاة من جناح " إيزيس" الملون
ومن جانبه يوضح عبد الرحيم ريحان أن الدراسة رصدت ليلة الاحتفال بالمولد النبوى حيث يقيم السلطان خيمة بالحوش السلطانى فى القلعة ذات أوصاف خاصة تسمى "خيمة المولد" ويذكر إبن أياس أنها عُدت من عجائب الدنيا وكان أول من وضع هذه الخيمة السلطان المملوكى الجركسى قايتباى وقيل فى وصف هذه الخيمة أنها زرقاء اللون على شكل قاعة فيها ثلاثة أواوين وفى وسطها قبة مقامة على أربعة أعمدة وبلغت تكلفتها حوالى ثلاثين ألف دينار وهذه الخيمة لا ينصبها إلا ثلاثمائة رجل وكان يوضع عند أبوابها أحواض من الجلد تملأ بالماء المحلى بالسكر والليمون وتعلق حولها الأكواب الفاخرة المصنوعة من النحاس الأصفر والمزينة بالنقوش الجميلة وتربط هذه الأكواب بسلاسل من النحاس ويصّف حولها طائفة من غلمان الشربخانة لمناولة الوافدين من الناس ولا فرق بين صغير وكبير واستمرت إقامة هذه الخيمة حتى العصر العثمانى
ويتابع د. ريحان بأن الليلة الختامية للاحتفال يظهر المقرئون براعتهم فى التلاوة بآيات الذكر الحكيم فيتعاقب واحداً بعد الآخر وبعد صلاة المغرب تمد أسمطة الحلوى السكرية المختلفة الألوان وفى صباح يوم المولد يوزع السلطان كميات من القمح على الزوايا ويذكر المؤرخ «عبد الرحمن الجبرتي» الذى عاش فى زمن الحملة الفرنسية على مصر أن نابليون بونابرت اهتم بإقامة الاحتفال بالمولد النبوى الشريف سنة (١٢١٣هـ/ ١٧٩٨م) من خلال إرسال نفقات الاحتفالات وقدرها ٣٠٠ ريال فرنسى إلى منزل الشيخ البكرى نقيب الأشراف فى مصر فى حى الأزبكية وترسل الطبول الضخمة والقناديل وفى الليل تقام الألعاب النارية احتفالاً بالمولد وعاود نابليون الاحتفال به فى العام التالى لاستمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية وقادتها