دبى ….. تفتتح إمارة دبي قريباً دار الأوبرا التي تشكل رهانها على حجز مكانها على الخريطة العالمية ثقافياً وموسيقياً، وتطوير مجال لم ينل الاهتمام الكافي في مدينة عرفت نمواً هائلاً خلال العقود الماضية.
ودار الأوبرا ستفتتح مع التينور الإسباني بلاسيدو دومينغو، تتسع لزهاء ألفي شخص وتوفر مكان عرض لأنماط فنية مختلفة، ويأمل المسؤولون عنها في أن تساهم بتطوير إنتاج محلي.
ويقول جاسبر هوب، رئيس مجلس إدارة الأوبرا: «إنه وقت مثير لنقول: انظروا إلى كل ما هو موجود في دبي. الآن سنجعلها أفضل».
ويضيف لوكالة فرانس برس: «أحد المجالات الذي كان مفقوداً بالنسبة إلى كثير من الناس هو مكان يمكنهم فيه أن يختبروا الموسيقى الحية الرائعة»، مضيفاً: «عندما يكون لديك مطار، ومرفأ، وفنادق، وكل البنية التحتية الأخرى موجودة، عندما يكون لديك اقتصاد نابض، وسياح بأعداد كبيرة، عندها يكون الوقت مثالياً لإطلاق مشروع كهذا». وباتت دبي خلال الأعوام الماضية وجهة سياحية بامتياز. وخلال 2015، استقبلت أكثر من 14.2 مليون سائح، قدمت أغلبيتهم عبر مطارها الدولي، الأول عالمياً لجهة عدد المسافرين الأجانب. ويترافق الإقبال على دبي مع تطور واسع حوّلها إلى مثال عمراني متطور، من خلال ناطحات سحاب أبرزها برج خليفة الأعلى عالمياً، وبنية تحتية متقدمة.
وتشهد الإمارة تنفيذ المزيد من المشاريع الترفيهية والفنادق لجذب أعداد إضافية من السياح. ورغم الجهود في الأعوام الماضية لزيادة المواعيد الثقافية السنوية كمهرجان «آرت دبي»، أو مهرجان دبي السينمائي، ظلت المدينة تفتقد مكان عرض دائم يوازي ما هو موجود في مدن عالمية كلندن أو نيويورك، إلا أن الأمر بدأ بالتبدل، بحسب الرئيسية التنفيذية لمركز الفنون الموسيقية التعليمي في دبي، تالة بدري.
وتقول بدري لوكالة فرانس برس، إن دبي بدأت تعي الآن ما هو المطلوب لتكون على المستوى الموازي لمدن أخرى كبيرة وديناميكية في العالم.
وتضيف: «الناس يدركون أنه إذا أتيت إلى مدينة ما، فربما ترغب في الذهاب إلى المسرح أو الاستماع للأوركسترا أو مشاهدة الباليه».
وترى بدري أن دبي ترغب في أن تكون واحدة من أبرز المدن في العالم، ولذلك عليها أن توفر الأمور نفسها التي يمكن أن يحصل عليها من يذهب إلى لندن أو نيويورك أو باريس أو هونغ كونغ، معتبرة أن «أوبرا دبي» هي المشروع الأكبر الذي سيضع الإمارة على الخريطة في هذا المجال.
عروض وباليه وموسيقى
مبنى أوبرا دبي الذي صممه يانوس روستوك، مستوحى من المراكب الشراعية الخشبية (الداو) التي تشتهر في الخليج وخور دبي. والمبنى ذو الواجهة الزجاجية، يقع وسط دبي قرب برج خليفة. وتتألف الأوبرا من قاعة رئيسية تتسع لزهاء 2000 مقعد، ويمكن تعديلها بحسب العروض: من مسرح إلى صالة عرض، ومنها إلى أرض مسطحة لإقامة مناسبات مختلفة فيها. وتتيح هذه المرونة للأوبرا استضافة الباليه والأوركسترا والحفلات الموسيقية والمعارض، وحتى عروض الأزياء وحفلات الزفاف، بحسب موقعها الإلكتروني.
وسيكون المبنى الذي سيعلو سطحه مطعم، محور منطقة ستعرف باسم «منطقة دار الأوبرا»، تضم فنادق فخمة وشققاً سكنية.
وتقول شركة «إعمار» العقارية مطورة المشروع، إن المنطقة ستكون عبارة عن مركز ثقافي نابض، ووجهة مهمة لاستضافة الفعاليات في وسط مدينة دبي، وتهدف لاحتضان الفنانين المحليين وتعزيز التبادل الثقافي العالمي.
وبعد الافتتاح مع دومينغو، يضم برنامج الأشهر اللاحقة محطات منها أوبرا جورج بيزيه «ذا بيرل فيشيرز» (صائدو اللؤلؤ)، و«ذا باربر أوف سيفيا» (حلاق إشبيلية) لروسيني، وعرضا باليه «كوبيليا» و«جيزيل». كذلك تستضيف التينور الإسباني خوسيه كاريراس، وعرض «ويست سايد ستوري» (قصة الحي الغربي)، وأمسية للمغني حسين الجسمي.
إلهام الإنتاجات الموسيقية
يقول جاسبر هوب، الذي شغل سابقاً منصب رئيس العمليات في قاعة «رويال ألبرت هول» العريقة في لندن، إن البرنامج المنوع يعكس الطبيعة المتنوعة للسكان هنا. وفي حين لا يزال حضور الأوبرا محدوداً في العالم العربي، يأمل هوب أن تساهم دبي في إلهام الإنتاجات الموسيقية المحلية. ويقول إن المشروع سيكون بداية مجرد صالة عرض، آملاً أن يصبح جزءاً من المدينة خلال تطورها وألا تقتصر علاقة الأوبرا مع الناس على شراء تذكرة والقدوم لمشاهدة عرض.