Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

(ن ط ع) بين النطع والتنطع … بقلم الدكتور محمد فتحى راشد الحريرى

(ن ط ع) بين النطع والتنطع …

 

بقلم الدكتور محمد فتحى راشد الحريرى


أورد الزبيدي في التاج (مادة ن ط ع): النطع بالكسر وبالفتح وبالتحريك، وكعنب (نطع) أربع لغات على ما نص عليه الجوهري والصاغاني وابن سيده وهو: بساط من الأديم معروف، وتابع: قال
شيخنا وجزم الشهاب وغيره بأن الأفصح منها هو النطع كعنب، وحكى الزركشي فيه سبع لغات أكثرها في شروح الفصيح .



قلت (القائل هنا هو ابن سيده عن ابن جني): اجتمع أبو عبد الله بن الأعرابي وأبو زياد الكلابي على الجسر فسأل أبو زياد ابا عبد الله عن قول النابغة الشاعر:
"على ظهر مبناة جديد سيورها
  فقال أبو عبد الله: النطع بالفتح فقال أبو زياد: لا أعرفه فقال: النطع بالكسر فقال أبو زياد: نعم، انتهى. وأنشد الجوهري للراجز:
  يضربن بالأزمة الخدودا = = = ضرب الرياح النطع الممدودا



وتطالعنا لفظة النطع في كتب الفقه الاسلامي كثيرا، وخاصة عند الحديث عن إقامة الحدود الشرعية،
من قطع ونحوه، فتطبيق الحد عادة يترافق مع احضار النطع، وهو خوان من جلد كبير يفرش تحت المحدود قبل تطبيق الحد …



والتنطع معروف، وهو التكلف الممقوت عند المناطقة والأصوليين، قال ابن منظور في اللسان:
التنطع في الكلام التعمق فيه، مأخوذ من (ن ط ع)، وفي الحديث الشريف: (هلك المتنطعون)، وهم المتعمقون المغالون في الكلام الذين يتكلمون بأقصى حلوقهم تكبرا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أبغضكم إلي الثرثارون المتفيهقون).



فما هو وجه المشاكلة في لغة الجذور بين النطع، وهو البساط والخوان الجلدي (المصنوع من الأديم المدبوغ)، وبين فعل التنطع وهو التكلف والتصنع في نطق الالفاظ؟



إن الجاهل في طرائق العرب في التسمية والاشتقاق يصعب عليه أن يدرك أصلا وجود مشاكلة بين التنطع والنطع، ولكن تابعوا معنا وأنعموا النظر في التالي:



يقول ابن الأثير الجزري عن التنطع: هو مأخوذ من النطع وهو الغار الأعلى في الفم، قال: ثم استعمل في كل تعمق قولا وفعلا. وفي حديث عمر رضي الله عنه: "لن تزالوا بخير ما عجلتم الفطر ولم تنطعوا تنطع أهل العراق" أي تتكلفوا القول والعمل، وقيل أراد به ههنا الإكثار من الأكل والشرب والتوسع فيه حتى يصل إلى الغار الأعلى للحلق، وهي جلدة ترى عند الكلام المتكلف وخاصة اظهار التشادق والحركات المفتعلة عند التحدث بتصنع وهو التنطع، وفي حديث عمر هنا أراد رضي الله عنه أن يذكر بأنه يستحب للصائم أن يعجل الفطر بتناول القليل من الفطور،


ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه: "إياكم والتنطع والاختلاف" … فمخالفة السنة تنطع ممقوت !!!



وقال الزبيدي:
وزاد في اللسان: النطع والنطعة بالتحريك فيهما: ما ظهر من الغار أي من غار الفم الأعلى وهي الجلدة الملتزقة بعظم الخليقاء فيه آثار كالتحزيز، وهناك موقع اللسان في الحنك والجمع: نطوع لا غير ويقال لمرفعه من أسفله: الفراش … قلنا: وإلى النطع (ن ط ع) نسبت الحروف النطعية وهي: الطاء والدال والتاء يجمعها قولك: طدت (ط د ت) وسميت بالنطعية لأن مبدأها ومخرجها من نطع الغار الأعلى.



إذن المشاكلة بدت الآن واضحة وواضحة جدا بين الصيغتين، بين (النطع) وهو الجلد أو الأديم المدبوغ، حضروا منه خوانا أو بساطا يفرش تحت المحدود، وبين التنطع وهو التصنع البادي في طريقة تلفظ الكلمات، تفاصح يبدي جلدة غار الفم الأعلى، ويذمه اللغويون.



قلت: والتنطع في الكلام قريب من التقعير والتقعر فيه، فهو التعميق والتشدق فيه.
ومن مكملات بحثنا المتواضع هذا قول العرب في كلامهم:



  تنطع في شهواته أي تأنق وكذلك تنطس (رويت عن ابن الأعرابي).



ومن المجاز في استعمال الصيغة: تنطع الصانع في عمله: إذا تحذق فيه، أي افتعل الحذق وتكلف المهارة، وما هي بسجية راسخة لديه.

قال أوس بن حجر:
وحشو جفير من فروع غرائب. =. =. تنطع فيها صانع وتنبلا
ومما يستدرك على صاحب القاموس هنا (الناطع): وهو من يقطع اللقمة ويردها إلى الخوان، وهو سلوك مرفوض وغير مرغوب ولا لائق، ممقوت في أدبيات الجلوس الى مائدة الطعام.



والتنطع يطلق أيضا في لغة الجذور على التشبع من الأكل.



ويقال: انتطع لونه واستنطع بمعنى امتقع وتغير كما أظن،،، والله أعلم.


 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله