المهيري: 100 مليار دولار استثمارات الإمارات في مجال السياحة
الطفرة التنموية التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة في جميع القطاعات الاقتصاية وتحديدا القطاع السياحي جعلتها قبلة القاصي والداني من شتى بقاع المعمورة حتى باتت التجربة الإماراتية إنموذجا يحتذى به. بحسب جريدة السياسة
كثيرة هي التساؤلات حول معرفة الاسباب والطرق التي جعلت منها وجهة سياحية عالمية أوصلتها الى المرتبة الأولى في سلم التنافسية بالشرق الأوسط .
“السياسة” التقت مدير عام المجلس الوطني للسياحة والاثار في دولة الإمارات العربية المتحدة محمد خميس بن محارب المهيري أثناء تواجده بالكويت للمشاركة في الاجتماع التأسيسي لوزراء ومسؤولي السياحة بدول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد الاسبوع الماضي , وأكد خلال اللقاء ان الكلمة الفصل بشأن التأشيرة السياحية الخليجية البينية لدى وزارات الداخلية بالدول المتفقة عليها , ولفت الى ان حكومة بلاده لجأت في الترويج للامارات الى تطوير قوانينها بحيث تكون أكثر مرونة للانفتاح على الأسواق , مشيرا الى ان السياحة تشكل من 7 الى 11 % من الناتج المحلي القومي للامارات .
وقال المهيري ان حجم استثمارات الامارات في مجال السياحة تجاوز 100 مليار دولار, حيث تسخر الدولة كافة إمكانياتها لتطوير القطاع أولا بأول .
واشار الى ان دولة الامارات على استعداد لتبادل الخبرات مع الكويت واي بلد خليجي لتطوير قطاع السياحة بما لديها من مقومات , إذ ان الكويت لديها طابع مختلف في السياحة إذ ان ” المنتج بالكويت يختلف عما يُقدم في باقي دول الخليج ” والمزيد من التفاصيل في الآتي :
* حدثنا عن تجربتكم في قطاع السياحة الذي ساهم في إحداث نقلة نوعية شهدتها دولة الإمارات عموما خلال السنوات الأخيرة ؟
– النمو الحاصل في مجال السياحة بالدولة لا يقل عن 10 % سنويا وهي نسبة تفوق المعدل العالمي ( 5 % ) حسب المفهوم السياحي , حيث لعبت الحكومة دورا كبيرا في هذا المجال خلال السنوات العشرين الماضية يدا بيد مع القطاع الخاص الى ان أصبح في الامارات أكبر المطارات بالمنطقة تستوعب ما يتجاوز 50 مليون مسافر سنويا , كما ان هناك أكثر من 120 فندقا تصل سعتها الى ما يزيد عن 100 الف غرفة تستقبل 14 مليون نزيل سنويا , ويعمل بالقطاع نحو 450 الف عامل وموظف , ويرجع كل هذا النجاح الى اهتمام الدولة بتشجيع الاستثمار في السياحة وتسخير كافة الإمكانيات الحكومية لدعمها مما نتج عنه حصول الإمارات على المرتبة الأولى في سلم التنافسية بالشرق الأوسط.
* هل يعني ذلك ان القطاع الخاص ساهم بقدر كبير في إحداث هذه الطفرة ؟
– نحن ننطلق بالسياحة من خلال العمل مع القطاع الخاص – كما قلت يدا بيد – للاتجاه الى الأسواق التي يرغبها للاستثمار في جميع النواحي التسويقية والترويجية للدولة , وطموحنا لم يتوقف لتعزيز هذه الاستثمارات التي لعبت دورا في وضع الامارات على خط السياحة العالمي .
تطوير المواصلات
* ما هي القطاعات التي بدأتم في تطويرها أولا ؟
– بالتأكيد وسائل المواصلات كافة , النقل البري والجوي وباقي البنى التحتية من طرق ومستشفيات ومن ثم دعم وتشجيع الاستثمار السياحي , إضافة الى العمل على تطوير الخدمات أولا بأول , وجاء إطلاق الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة ل” مؤشر السعادة ” ليؤكد على مدى الاهتمام بمعرفة رأي العميل أو الزائر ومدى رضاه عن مستوى الخدمة المقدمة له , إذ ان تطوير الخدمات لن يتحقق إلا بالمحافظة على تكرار زيارة السائح للبلاد وهذا لن يحدث أيضا ما لم يكن هناك قياس لمستوى رضائه , حيث يساعدنا كمسؤولين بالإلمام مباشرة بما يخرج به الزائر من انطباعات عن الدولة .
* يرى البعض ان قياس رضا العملاء تقوم به الشركات والفنادق فلماذا أصبح من صميم عملكم كحكومة ؟
– ان أهم عنصر لتطوير قطاع السياحة هو قياس الحكومة لجودة الخدمات المقدمة للزائرين ومدى رضاهم عنها , ومن الخطأ ان يكون الأمر مقصورا على مزود الخدمة كالفندق أو شركة السياحة .
* ما هو حجم استثمارات الدولة في القطاع السياحي ؟
– نسبة الى المشاريع السياحية والبنى التحتية في الإمارات عموما فإن حجم الاستثمارات يفوق 100 مليار دولار في القطاع , ويشكل ما نسبته 7 الى 11 % من الناتج المحلي القومي , ويبين ذلك ان السياحة أهم مورد في الدولة .
مشاريع مستقبلية
* ما هي الخطط المستقبلية لتنفيذ مشاريع سياحية جديدة ؟
– المشاريع المستقبلية وتطوير القطاع لم يتوقف.. يوميا هناك إما مشروع إنشائي أو خدمي مثل المترو والترام وغيرها كالمشاريع الالكترونية وربط الخدمات الحكومية بالهواتف النقالة وبمواقع التواصل الاجتماعي الذي طبق في إطار مشروع الدولة منذ سنوات وهو “الحكومة الذكية”.
* كأكبر مسؤول عن قطاع السياحة في الإمارات.. ما هي النصيحة التي تقدمها لدولة الكويت في هذا المجال؟
– الكويت من الدول التي لها طابع مختلف في السياحة لمسته منذ سنوات عديدة حيث أنني من أوائل الناس الذين شاركوا بعد الغزو في أول معرض سياحي العام 1992 الذي اقيم بمنطقة مشرف لمدة 10 أيام , ومنذ تلك الفترة وحتى اليوم لم تنقطع الزيارات الى الكويت , مما أكسبني دراية كافية بالأوضاع داخل الكويت وكيفية النهوض بقطاع السياحة فيها .
هناك أمور كثيرة من الممكن ان تعمل عليها الكويت لاستقطاب السياحة الخليجية بشكل أكبر , لاسيما مع وجود قاعدة جيدة تستطيع الكويت العمل من خلالها وهي ان ” المنتج بالكويت يختلف عما يُقدم في باقي دول الخليج ” .
* خلال اجتماع مسؤولي السياحة في دول الخليج الذي عقد الاسبوع الماضي بالكويت .. هل لمستم رغبة جادة من الجانب الكويتي في تطوير القطاع ؟
– بالفعل وجدنا توجهاً ملموساً من جانب وزير التجارة والصناعة د. عبدالمحسن المدعج الذي ترأس الاجتماع للسعي نحو تنمية القطاع وبذل جهوداً كبيرة في إحياء التراث العمراني والتاريخي بالكويت ودول المنطقة ليخدم قطاع السياحة , وهو ما يعد دليلاً على وجود رغبة وتوجه نحو تطوير السياحة في الكويت .
* هل أنتم مستعدون لتقديم خبراتكم للكويت وغيرها من دول الخليج ؟
– من المؤكد أننا على استعداد تام لتبادل الخبرات مع الكويت وأي قُطر خليجي انطلاقا من إيماننا بان نمو القطاع في دولتنا ينطلق بنهضة الدول الخليجية في قطاع السياحة لان التسويق لدولة الإمارات كمنتج متكامل يأتي من خلال دول الجوار الشقيقة لنكمل بعضنا بعضاً.
* ما الذي أسفر عنه اجتماع وزراء ومسؤولي السياحة الخليجية الاسبوع الماضي ؟
– لقد عاصرت اجتماع اللجان السياحية خلال السنوات الماضية , إلا ان الاجتماع التأسيسي الذي عقد بالكويت أخيرا كان مثمرا جدا ويعتبر أهم من الاجتماعات السابقة نظرا لأنه على مستوى أعلى من السابق , وتم خلاله مناقشة أمور كثيرة يتركز معظمها في تنمية وتطوير قطاع السياحة الخليجي في المرحلة المقبلة وكيفية إيجاد آلية عمل لما تم اتخاذه في الاجتماع , وبناء عليه تم تشكيل فريق فني يعمل على درس كافة الامور التي نوقشت في السابق ويضع ستراتيجية للمرحلة المقبلة ليتم تطبيقها لاحقا واعتقد ان المجتمعين شددوا على ضرورة ألا تقل الاجتماعات المقبلة أهمية عن هذا الاجتماع حتى تخرج بنتائج مرضية في اتجاه تطوير السياحة الخليجية.
فتح الاسواق
* ماهي العوائق أمام تأشيرة السياحة الخليجية الموحدة ؟ وهل الإمارات لديها تحفظات في هذا الشأن؟
– نحن مع فتح الأسواق والمرونة في القوانين عموما وليس لدينا أدنى تحفظات في موضوع التأشيرة السياحية , وقد قطع عدد من اللجان المستقلة شوطا مهما بخصوصها , إلا ان الكلمة الفصل في النهاية متروكة لوزارات الداخلية بالدول المتفقة لأنها المعنية بالنواحي الأمنية والدخول والخروج , وكل دولة لديها محاذيرها وأمورها التي تناسبها , كما انها تعمل في هذا الاتجاه على حسب حاجة السوق .
* هل ترى ان حجم السياحة الخليجية البينية متواضع ؟
– في ظل المتوفر بالسوق حالا من جهة شركات الطيران والسياحة وغيرها من أمور اعتقد انه جيد , غير أننا نأمل ان يكون أكبر من ذلك في القريب , لاسيما مع اتجاه حكومات الدول بتطوير السياحة البينية ودفعها الى الأمام.
معلوم ان السياحة الخليجية البينية تعتمد على فترات الاجازات والأعياد فحسب , وهو ما تم أخذه بعين الاعتبار خلال اجتماعنا لتتطور الى ان تكون مستمرة على مدار العام , وذلك عبر تلبية متطلبات السائح الخليجي أكانت عائلية , ترفيهية , ثقافية , تسويقية وغيرها ويستوجب ذلك من دول الخليج وضع خطط محددة .
* ما ترتيب الكويتيين في عدد نزلاء فنادق الإمارات ؟
– الكويتيون يحتلون المرتبة الثانية بعد السعودية ونسبتهم كبيرة جدا ويأتي ذلك ضمن توجه الدولة لاستقطاب أكبر عدد من السياح في المنطقة .
*هل ساهمت الطفرة العقارية بالامارات وتملك الأجانب في التنمية السياحية التي تشهدونها وهل هذا الانفتاح العقاري الكبير يمثل توجسا لديكم بأن تتكرر أزمة عقار أخرى؟
– أولا التطوير العقاري ساعد بالفعل على فتح السوق واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية الى البلاد وهذا ساهم أيضا بشكل كبير في تعزيز حركة السياحة في الدولة .
أما من ناحية التوجس , فهناك اختلاف كبير بين التطوير العقاري والاستثمار السياحي في الجانب العقاري , ولا اتوقع حدوث أزمة جديدة , حيث ان عملية تملك الأجانب تخضع قوانين وتشريعات تضمن للدولة والمستثمر والسائح جميع الحقوق , وأرى ان جميع النجاحات التي حدثت على هذا الصعيد تعد نموذجا يحتذى .
* هل هذا النموذج يمكن تطبيقه في الكويت ليساهم في تنمية قطاع السياحة لديها ؟
– كل دولة لها قوانينها واطارها التشريعي وفق خصوصياتها ومتطلبات مجتمعها , وأهل الكويت أدرى منا في هذا الموضوع , فالامارات استطاعت ان تكيف قوانينها وفقا لحاجتها وظروفها وتوجهاتها لأن تصبح القوانين أكثر مرونة للترويج للدولة , وكل دولة تقدم النموذج الأنسب لها.
تعليم السياحة
* هل هناك حاجة لإدخال علم السياحة في المناهج الدراسية في دول الخليج ؟
– بالطبع نحتاج لتدريس هذا العلم في مختلف المراحل التعليمية , الابتدائية والاعدادية والجامعة بهدف إنشاء جيل مُلم بهذا القطاع لتوظيف كوادر بشرية خبيرة في هذا المجال الذي أراه علما كبيرا , فقد حصلت على درجة الماجستير من إسبانيا في تخصص إدارة الوجهات السياحية وبذلك أكون الوحيد الحاصل على هذه الدرجة في هذا التخصص على مستوى دول الخليج.