تقسيم البحر الأحمر ضربة للسياحة والاقتصاد
مازال البركان يتحرك تحت الرماد منتظراً الانفجار فى أى لحظة بسبب وضع تقسيم محافظة البحر الأحمر وتقطيع أواصلها إلي أربعة أو خمسة أجزاء لتكون كل منطقة منها من نصيب محافظة من محافظات الصعيد.
ورغم الاعتراضات الكثيرة علي ذلك مازال الموضوع مبهماً مما يثير قلق المستثمرين وأصحاب المشروعات حيث لا يعرفون مصير مستقبلهم إدارياً إلي أي محافظة سيتبعون.
ورغم الجهد الكبير الذي بذلته مصر علي مدى 25 عاماً للتسويق والترويج للاسم التجارى «ريفييرا البحر الأحمر» نجد اليوم من يفكر في تفتيت هذا الإقليم لمجرد إرضاء محافظات الصعيد وكأنها محافظات في دولة أخرى.
إن الآثار السلبية لمثل هذا التفكير ستكون مدمرة على صناعة السياحة في البحر الأحمر وسيمتد الضرر إلي جنوب سيناء أيضاً خاصة أن العالم السياحي ينظر إلي الاثنين كوحدة واحدة.
وأكبر الأخطاء المتوقعة هو تيسير وصول الإرهابيين المتمركزين في محافظات الصعيد إلي مناطق مختلفة علي ساحل البحر الأحمر وهو أشد المخاوف لأصحاب المشروعات السياحية هناك وهو ما يذكرنا بتفجيرات الغردقة وقتل السائحين في أواخر التسعينيات، إضافة إلي حادث الأقصر وغيره.
أما الحجة المساقة وهي إتاحة منفذ لكل محافظة من محافظات الصعيد علي ساحل البحر الأحمر فهي حجة واهية تماماً فلماذا لا نعمل منفذاً لمحافظتي القاهرة والجيزة على البحر الأبيض أو الأحمر وهي أقل بكثير من محافظات الصعيد، فإذا كان التفكير بهذا الأسلوب يعني أن تلك المحافظات محرومة حالياً من تصدير منتجاتها عبر الموانئ المصرية فهذا غير صحيح.
المستثمرون السياحيون وأهالي البحر الأحمر في حالة من الغضب المكتوم جراء قرار التقسيم ويتضح ذلك من خلال آراء خبراء السياحة فى تلك الأزمة التي يعتبرونها كما يقولون أنها دمار للسياحة في البحر الأحمر.
< الخبير السياحي أحمد الخادم، وزير السياحة في حكومة ظل الوفد، طرح رأى حزب الوفد في موضوع إعادة تقسيم الحدود بين المحافظات، فقال الموضوع مقبول من حيث المبدأ إذا كان يحقق تنمية اقتصادية جديدة وقيمة مضافة للمنطقة التى استقطعت من محافظة قديمة والمحافظة الجديدة التي انضمت إليها ومن ذاك إنشاء محافظة جديدة في منطقة العلمين ما بين محافظتي الإسكندرية ومرسي مطروح، أما فيما يتعلق بتقسيم محافظة البحر الأحمر إلي أربعة أو خمسة أجزاء وضم جزء منها إلي محافظة من محافظات الصعيد التي تحدها من الغرب فإن هذا المشروع لن يحقق أي إضافة اقتصادية أو تنموية لمحافظات الصعيد ولكنه سيحقق خسائر كبيرة للاقتصاد الموجود علي ساحل محافظة البحر الأحمر سواء كان في قطاع السياحة أو قطاع البترول والتعدين.
ويضيف قائلاً: ويري حزب الوفد أنه يجب صرف النظر عن مشروع تقسيم محافظة البحر الأحمر بشكلها الحالى الذى يحقق أهداف التنمية الاقتصادية تماماً، والدليل علي ذلك هو ما تحقق من طفرة في التنمية العمرانية علي أرض المحافظة منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضى وحتي الآن، وهناك ربط قائم بالفعل بين محافظات الصعيد والموانئ التجارية علي ساحل البحر الأحمر مثل السويس والعين السخنة والغردقة وسفاجا والقصير، وذلك عبر طرق سريعة موجودة بالفعل بما يعني أن منتج أي سلعة في محافظات الصعيد لديه طرق عرضية متعددة لتوصيل منتجه لتصديره عبر أى من هذه الموانئ.
المشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود إنتاج يصلح للتصدير في محافظات الصعيد وليس عدم وجود منافذ لتصديرها وعلي الدولة أن تركز اهتمامها في تنمية الصعيد على إقامة مناطق صناعية وزراعية جديدة والإشراف علي جودة الإنتاج فيها ليكون صالحاً للتصدير.
< ويري الخبير السياحي اللواء علي رضا، رئيس جمعية مستثمري البحر الأحمر، أن هذا القرار خطأ استراتيجي وصاحب الدراسة يفتقر لبعد الأمن القومي ولا يعرف أن السياحة لا تختلط بالصناعة لأنه يخلق التلوث في البحر في الوقت الذي نسعي لتحويل المدن السياحية إلي مدن خضراء وهذا يتعارض مع رؤيته ونحن لسنا ضد المصلحة العامة ولكن نقول اتركوا لنا منطقة شرق سلسلة جبال البحر الأحمر حتي نهر النيل وهذا يساعد على توسعة المناطق العمرانية لمدن الصعيد التي نتمني أن يعلو شأنها.
ونناشد الرئيس عبدالفتاح السيسي لا يجب أن تختلط السياحة بالصناعة حتي لا يأتي التلوث ولكن إذا كان أمام الدولة دخل آخر غير السياحة فنحن مع المصلحة العامة، فهناك غضب مكتوم لدي المستثمرين وأهالي البحر الأحمر ونطالب الحكومة بأن ترفع يدها عن البحر الأحمر لأننا نبيع «ريفييرا البحر الأحمر» فهناك محافظات كثيرة ليس لها مخرج علي الساحل مثل الشرقية والغربية والمنوفية.
وأرجو ألا تنسي القيادة السياسية أن الإرهاب نشط وترعرع في المنيا وأسيوط وسوهاج ولا تنسي مجزرة قنا عام 81 على يد الجماعة الإسلامية بقيادة عاصم عبدالماجد وناجح إبراهيم وهم من الإخوان، وما فعله مرسي عندما عين محافظاً منهم لضرب السياحة.
ولا ننسي حادث الأقصر عام 97 الذي دمر السياحة كلها فمن يقول إن أسوان نضمها لشلاتين والنوبة ونفقد السيطرة عليها وهي منطقة حدودية متنازع عليها. وأنا أرسلت خطاباً لرئيس الوزراء وفي انتظار تحديد الميعاد وأرسلت إلي اللواء عادل لبيب وأيضاً لوزير السياحة هشام زعزوع الذي لم نسمع له رأى في هذا الموضوع الخطير الذي يهدد السياحة وهو المسئول الأول عنها وواضح أن كل مسئول يحافظ علي الكرسي.
< ويري الخبير السياحي كامل أبوعلى أن هذا القرار معناه تدمير البحر الأحمر تماماً ووداعاً للبحر الأحمر. والغريب في الأمر كيف يتم التسويق للبحر الأحمر بعد أن انتشرت فيه العشوائيات ويزداد الزحف السكاني الذي من المفترض أننا نعمل في تقنين العشوائيات ولكن قرار التقسيم سيساعد علي انتشارها. وأؤكد أن هذا التقسيم لن يضيف شيئاً للبلد، نحن نعاني من 20 سنة من الإرهاب والمشاكل الاقتصادية وغيرها فكيف بعد أن تم بناء صرح سياحي عظيم والمفروض مع حكومة جديدة أعطى القوة لنكون قوة اقتصادية كبيرة.
والسؤال هل فنادق الأقصر محتاجة للبحر الأحمر.. القرار دمار للسياحة الشاطئية وللبحر الأحمر لأنه سيصعب السيطرة عليه.
< وفي نفس السياق يؤكد الخبير السياحي سامح حويدق أن قرار تقسيم محافظ البحر الأحمر سيكون له تأثير سلبي جداً علي السياحة وقرار غير صحيح خاصة أن أهالى المحافظة والمستثمرين لديهم حالة من الرفض والغضب لأن التقسيم سيؤدى إلي تخبط في القرارات وكفانا ما نمر به من انهيار إدارى، فالمدن السياحية لها طبيعة خاصة وضرورى أن تتبع شخصاً واحداً فلا يعقل أن تدخل السياحة الشاطئية مع الثقافية، فالغردقة سياحة شاطئية والأقصر سياحة ثقافية، فالمنتجان لا علاقة بينهما، نوع يعتمد علي الشاطئ، والثاني علي الآثار، مؤكداً أنه قرار غير صحيح وله تأثير سلبي علي محافظة البحر الأحمر بأكملها.
< ويختلف في الرأي الخبير السياحي عمرو صدقى قائلاً: لدي قناعة تامة بأن الهدف الرئيسى من تقسيم محافظة البحر الأحمر بغرض اعتماد كل محافظة علي مواردها الذاتية وهذا يتطلب تنوع المصادر بأن يكون لديها أرض زراعية وأرض تسمح بإقامة بعض الصناعات ومحور مائى ومنفذ بحري يتيح لها الزراعة والصناعة والتصدير وبالتالى ستقوم أنماط جديدة من السياحة حتي لا تكون سياحة تقليدية في الشواطئ فعندما أعطي ظهيراً بعمق أكبر طول صحراوى أسمح باستصلاح الأراضى وأراض علي المجري المائى ليكون هناك منتج زراعي وصناعى ومنافذ للتصدير والتسويق في هذه الحالة تصبح المحافظات قادرة علي الإنتاج وتخفف علي موازنة الدولة وتقام مشاريع تنموية في محافظات الكتلة السكانية بها جرفت الأراضى الزراعية، فمع التعديل الجديد يصبح للمحافظة القدرة علي التوسع دون أن نجور علي الأراضى الزراعية أو الأراضى المخصصة للصناعات ونخلق أنماطاً جديدة من السياحة مثل سياحة قطاع الأعمال والشركات والمؤتمرات والتنقل والتدريب.
فالشواطئ ليس لها علاقة، وتظل الغردقة كما هى ولكن علي العكس ممكن يكون لديها القدرة علي الاكتفاء ذاتياً من زراعتها وصناعتها الموجودة في الظهير.
ووجه الاعتراض علي التقسيم فبعض رجال الأعمال ارتبطت مشاريعهم من الشمال إلي الجنوب لأنها محافظة طولية قد يكون الاعتراض أن يتعامل مع محافظين، فهنا يأتي دور وزارة السياحة من خلال العمل بنظام الشباك الواحد الذي يتعامل مع المحافظات المختلفة ويحل أي مشاكل تواجه المستثمرين ويعمل علي تذليل العقبات.
< واعتبرت الخبيرة السياحية نورا على قرار تقسيم البحر الأحمر نوعاً من التهريج متسائلة هل يعقل أن رأس غارب تتبع المنيا إدارياً، والقصير وسفاجا تتبعان الأقصر، ومرسى علم تتبع أسوان، فكرة التقسيم ظاهرها الرحمة ولكن باطنها عذاب للجميع سواء أهالي المحافظة ومدنها أو المستثمرين السياحيين، فمن المؤكد القرار سيؤثر سلباً علي السياحة الشاطئية في البحر الأحمر، فالمفروض أن محافظات الصعيد تمتد للظهير الصحراوى الخاص بها محافظة البحر الأحمر مرتبطة مع مدنها من الناحية السياحية.
ومن الناحية السكانية ما سر عذاب المواطنين هل واحد يعيش في رأس غارب ويتبع إدارياً المنيا أمر غريب يا أصحاب القرار البحر الأحمر لها طابع خاص، فالجميع ضد قرار التقسيم بدليل أن أهالي سفاجا قاموا بمظاهرات احتجاجاً علي التقسيم وما أفهمه أن ممكن تقسيم البحر الأحمر إلي محافظتين بدلاً من تقطيعها وتقسيمها علي المحافظات، مؤكد قرار له تأثير سلبي علي المواطنين وعلي السياحة.
< ويؤكد الخبير السياحي علي خليل أن قرار التقسيم له تأثير كبير علي السياحة، فالسياحة والتسويق شيء مختلف تماماً من الناحية المجتمعية، فهناك محافظات أخري كبيرة ممكن تقسيمها، لكن البحر الأحمر معناه دمار للسياحة الشاطئية وسبق وطرح موضوع التقسيم أوائل الثمانينيات وقت الفريق يوسف عفيفي وتم رفض الموضوع تماماً من أهالي المدينة والمستثمرين فلا يعقل أن تنفق الدولة سنوياً الملايين للتسويق للبحر الأحمر ثم نبدأ التسويق لبني سويف وقنا والمنيا. والسؤال هل من المنطقي تقسيم «الكيكة» علي مائة مكان من أجل عمل مخرج علي البحر للأقصر وأسوان. وهل بعدما عاناه القطاع السياحي من خراب طوال أربع سنوات نبدأ في تدمير السياحة فالتوقيت غير مناسب تماماً وهذا معناه أن شركات السياحة في الخارج تتوقف سنتين لتبحث الأمر لأنه لا يعقل أن تغير البلوشورات الخاصة بالبحر الأحمر، فمدينة مثل القصير لا يوجد بها سوي خمسة فنادق فكيف يتم عمل بلوشور خاص بها مؤكد التكلفة عالية جداً.
القرار لا يخدم الاقتصاد المصرى بل علي العكس أمنياً خلقت من منظومة البحر الأحمر سبعة منظومات وهذه كارثة التقسيم لديه تأثير علي السياحة بالداخل والخارج فمن الضروري مراعاة البعد الاقتصادى والبعد التسويقى ولكن ليس ما بين ليلة وضحاها تموت السياحة بقرار ليس في صالح الجميع ولمصلحة من ذلك؟ مصر ليست في حاجة للقلقلة وكنت أتمني أن يكون التفكير كيف ننمي المناطق بشكل أكبر وفكر جديد ولكن ليس بدفع المليارات ليكون لسوهاج مخرج علي البحر!!
< ويرى الخبير السياحي يحيي راشد أن القرار له عيوب وليست مزايا، وهناك أشخاص مستفيدة وأخري متضررة والقرار قد يكون له نتائج اجتماعية واقتصادية ونتائج جغرافية سياسية.
فالنتيجة الاجتماعية أن يتم دمج فئات جديدة من المجتمع للسياحة، فهناك ثقافات مختلفة وبالتأكيد ليس في صالح السياحة، أما من الناحية الاقتصادية هناك فئات تعاني من البطالة العالية وغير مؤهلين ليدخلوا إلي عالم علي درجة عالية من الكفاءة فلن يعطي نتائج إيجابية للسياحة.
فالقرار من المؤكد له تأثير علي السياحة، وإذا كان السائح لا يعلم شيئاً عن ذلك ولكن مع الوقت سيشعر بالتأثير، فالسياحة من أهم مصادر الدخل القومى وبالتالى لا نتجاهلها.
الوفد : فاطمة عياد