السياحة العلاجية هدر.. من جيب الحكومة!
بقلم : مبارك العبدالهادي
في جورود الوضع غير..!
الكويتيون كثيرون في مقاهيها.. ومن لم تشاهده من الأصدقاء منذ سنوات فقد تعثر عليه اليوم في إحدى زواياها، هنا تحديداً الاماراتيون والقطريون اكثر من الكويتيين، لان الاسعار نار، لكنهم كثيرون جدا في مناطق اخرى.. ليس للسياحة.. انما للسياحة العلاجية تحديداً (يعني على نفقتنا).
أنت لست في لندن.. هذا ما يتبادر الى ذهنك في الحال وانت تسير بين طرقات شوارعها، حيث المقاهي والمطاعم التي كُتب اسماؤها بالعربية.. وما ان تتقدم خطوة حتى تُفاجأ بمن يستضيفك «تفضل.. حياك.. وينك ما نشوفك بالديرة؟!».
وما هي إلا لحظات حتى يتحوّل «المقهى العربي» الى ديوانية كويتية!
تبدأ القريحة تنفتح بالسؤال، بعضهم بين بعض: «بشّرنا جم جمعت من مبالغ؟».
تتساءل في نفسك مستغربا: هل هي تجارة؟!
ولكن سرعان ما تسمع الاجابة من دون ان تكلف نفسك عناء السؤال «يبه العلاج في الخارج ما يقصرون.. كل أسبوع احصل مبلغ زين لي وللمرافقين 300 دينار يوميا، أي 9000 دينار شهريا».
عسى ما شر اشفيك.. شنو مرضك؟!
لا بسيطة.. شوية عوار بالقلب، والحمد لله عدت على خير والاطباء طمأنوني، واهي مجرد فحوصات وتغيير جو، والدولة ما تقصر.. والنائب الفلاني هم ما قصر وقع لا مانع ومدد لي المهلة.. اشنبي بحر الديرة.. واهني الوناسة!
ما ان تنتهي الجلسة حتى يبدأ الكل بالمغادرة على ان يتجدد لقاؤهم في المساء في مطعم عراقي معروف، وبعدها التوجه الى المقهى لشرب الشاي والشيشة.
رافقني احدهم الى حيث اقطن في اكسفورد، فبدأ الحوار التالي:
لندن وايد غالية!
يا معود، دافعين من جيبنا شي؟!.. البركة في العلاج بالخارج!
جم تكاليفكم اليومية في القهوة وغيرها؟
نحو 150 باوندا على القهوة والشاي ويكون عددنا نحو 4 او 5 اشخاص، وطبعا هذا خارج حسبة العشاء او الغداء.. ورغم كل ذلك نوفر مبالغ للسوق والهدايا وايجار الشقة.. ووايد ناس نفس هالحال.
لا يقف الامر عند هذه الحالة، بل يمتد الى العديد من المواطنين «المتمارضين» الذين يقفزون على القانون عبر واسطات النواب وغيرهم، والانكى من ذلك عمليات الرشوة التي تقدم لبعض المستشفيات في الخارج لكتابة التقارير التي تفيد بأنهم يحتاجون الى تمديد فترات العلاج.. والدولة تنفق ملايين الدنانير على السياحة العلاجية بعلمها المسبق لارضاء نوابها!
ولا يقتصر الامر في لندن، بل تجد السياحة العلاجية امتدت الى المانيا وفرنسا والتشيك وغيرها من دون حسيب ورقيب.. ومن يملك الواسطة والنفوذ هو من يقرر اي بلد في هذا العام سيقضي اجازته على نفقة الدولة، بحجة المرض!
المشكلة الكبرى هي في المكاتب الصحية التي تخضع اولا واخيرا للواسطة ايضا، والتي لا تقوم بدورها المناط بمتابعة الحالات، بقدر انها تدفع من حساب الدولة وكسب ود البعض!
هناك مرضى يحتاجون العلاج في الخارج، ولكنهم لا يملكون الواسطة.. بانتظار رحمة رب العالمين.. وهناك من يتوسط مقاهي أوروبا بحجة المرض!
نقلا عن القبس