الملايين الضائعة فى مكاتب السياحة الخارجية
بقلم : مصطفى النجار
فى مقالين عن الترويج السياحى لمصر بالخارج آخرهما بتاريخ 3 يوليو الحالى. كتبنا على هذه الصفحة نطالب بإعادة النظر فى خطط وأساليب هذا الترويج ودور مكاتب مصر السياحية بالخارج وضرورة دراسة إغلاق بعض هذه المكاتب توفيرا لملايين الدولارات بعد أن تغيرت الدنيا وأصبحت وسائل الترويج التقليدية القديمة ومنها المكاتب ذات تأثير محدود بعد ثورة الإعلام والإنترنت.
والحقيقة. فإن المقالين أثارا اهتماما كبيرا فى القطاع السياحى من خلال ما تلقيناه من اتصالات.
بالنسبة للترويج. فإن هناك ما يشبه الإجماع على أن الأمر أصبح يحتاج إلى شركات دولية متخصصة قادرة على تخطيط وتنفيذ الحملات لا أفراد يجلسون فى مكاتب مصر بالخارج، وأن هذه الحملات لابد من إدارة مركزية لها بالقاهرة من خلال خبراء ومتخصصين، بحيث يتم توجيهها وفق رؤية لمستقبل السياحة المصرية والأسواق التى نرغب فى التركيز عليها، وكيفية تحقيق الأهداف بأقل قدر من الإنفاق المالى.
أما عن مكاتب مصر السياحية بالخارج، والتى كانت المحور المهم فى حديث كل من اتصل بنا من رجال القطاع السياحى الخاص، وكانت رؤيتهم تتراوح بين الإغلاق التام لجميع المكاتب لعدم جدواها بعد ثورة الإعلام والمعلومات ووسائل الاتصال الاجتماعى، وبين من يقول إن هناك مكاتب فى دول لابد من إغلاقها لعدم جدواها فى جذب السياحة إلى مصر، وأخرى يجب تخفيض إنفاقها وعدد الموظفين فيها.
ويضرب رجال القطاع أمثلة بدول أخرى قررت إغلاق المكاتب، وتعتمد الآن على وكلاء أو شركات علاقات عامة فى كل دولة تدير لها حركتها السياحية هناك. ولذلك يقول البعض أنه من الافضل فى مصر أن تنضم جميع المكاتب الى مبانى السفارات وتلغى مكاتب السياحة توفيرا للنفقات ويتم الاكتفاء فى هذه الحالة بممثل لوزارة السياحة فى مقر السفارة تتحمل نفقاته وزارته.
المهم أننى علمت منذ أيام أن المهندس إبراهيم محلب – رئيس الوزراء – قرر تشكيل لجنة وزارية لمراجعة مكاتب التمثيل الخارجى لمصر، برئاسة الوزير منير فخرى عبدالنور، وهذه اللجنة ستراجع موقف جميع مكاتب السياحة والإعلام والتمثيل التجارى بهدف ترشيد الإنفاق أو حتى إغلاق المكاتب غير المجدية.
وفى إطار قضيتنا وهى الترويج السياحى ومكاتب السياحة الخارجية. فقد علمت – أيضا – أن لجنة فى وزارة السياحة قررت إغلاق أو على وجه الدقة تجميد عمل أربعة مكاتب هى: اليابان، وسويسرا، وكندا، وإسبانيا، وذلك للتكلفة العالية بالملايين من الدولارات فى مكتبى اليابان وسويسرا بما لا يساوى العائد منها، فلنا أن نتصور أن مرتب المدير فى مكتب اليابان 50 ألف دولار شهريا، ولا أقصد المدير الحالى ولا ذنب له فى ذلك بسبب ارتفاع درجته الوظيفية كما أن إيجار المكتب 25 ألف دولار، وذلك لأن تكاليف الحياة مرتفعة جدا هناك، هذا فضلا على ما يتم إنفاقه على حملات الدعاية والأنشطة بشكل عام. وبالتالى فإن القضية أن علينا أن نتعاقد مع وكلاء وشركات هناك مثل ما تفعل دول أخرى، ونفس الأمر فى مكاتب أخرى لا عائد من ورائها مثل كندا، وإسبانيا، فالعائد السياحى منهما ضعيف جدا لا يتناسب مع ما يتم إنفاقه.
وهنا قال لنا الخبير السياحى الكبير "إلهامى الزيات" – رئيس اتحاد الغرف السياحية: إنه من الأوفر إنشاء مكتب فى ماليزيا "الرخيصة" يشرف على كل دول جنوب شرق آسيا، وأن تتولى إدارة المكتب شركة متخصصة من هناك بدون إرسال موظفين من مصر. وأضاف – أيضا – من المهم ترشيد الإنفاق واختيار مديرين أكفاء لبعض المكاتب الكبرى، لا أن يسافر إلى المكاتب من لا يجيدون حتى لغة البلد التى سافروا إليها. فكيف يروجون لمصر؟
ومن المهم اعادة النظر فى المسابقات الوهمية التى تقتصر على موظفى الهيئة لاختيار مديرى المكاتب وأن تفتح للخارج للبحث عن كفاءات وفى كل الاحوال إذا تم الإبقاء على بعض المكاتب فلابد من عودة من امضوا أكثر من عشر سنوات بالخارج ولا يضيفون شيئا للسياحة وفقط يستفيدون من ضخامة مرتباتهم لكبر درجاتهم الوظيفية.
وأبدى عدد آخر من الخبراء رغبتهم فى إغلاق مكاتب أخرى مثل تركيا، وبلجيكا، والنمسا، والسويد، وأن تقتصر المكاتب السياحية بالخارج على الدول الأربع الكبرى الأكثر تصديرا للسياحة إلى مصر وهى: روسيا، وألمانيا، وإنجلترا، وإيطاليا، وأن يتم الاكتفاء بمسئول واحد عن كل مكتب لا مدير وملحق، بل فقط مدير للمكتب.
وتعجب أحد الخبراء من أن جميع هذه المكاتب تتعاقد مع شركات علاقات عامة لتدير لها أعمالها من الباطن، أى أنهم لا يفعلون شيئا، وبالتالى فيمكن أن يتم التعاقد من القاهرة مع هذه الشركات دون حاجة لمكاتب فى الخارج أحدها مثل مكتب ألمانيا تتعدى ميزانيته للنشاط 12 مليون يورو يتم انفاق معهما فى أنشطة غير مجدية، فضلا عن ايجار المكتب ومرتبات الموظفين. وسنتغاضى اليوم عن الحديث عن خطأ نقل المكتب من فرانكفورت الى برلين.
وفى كل الأحوال. فإن هذه الأرقام إن كانت حقيقية أم هى مبالغ فيها، فنحن فى حاجة إلى شفافية حول إنفاق وميزانية كل هذه المكاتب التى يقال إن إغلاق 4 مكاتب فقط من إجمالى 17 مكتبا سيوفر 36 مليون دولار ولنا ان نتصور حجم الملايين التى تنفقها المكاتب الباقية.
ولابد أن نعرف أن هناك حملة دولية لمصر تتكلف نحو 44 مليون دولار، صحيح هى متوقفة ونحن فى حاجة إلى إعادتها، لكن لابد من إعادة الدراسة حول هذه الحملة وما تحققه فى ظل ما تنفقه المكاتب من ملايين يرى البعض أنها أموال مهدرة أو بلا عائد أو ضائعة، ويمكن الاكتفاء بالحملات الدولية فقط، وإدارتها من القاهرة مع وكلاء فى كل الدول يتم التعاقد معهم مع الحفاظ على وجود رمزى فى مكاتب الدول الكبرى روسيا، وألمانيا، وإنجلترا، وإيطاليا.
إنها قضية تستحق الاهتمام. فى ظل حيرة دولة تعانى من عجز كبير فى الموازنة وتبحث عن كل ما يسد هذا العجز، حتى تستطيع أن تحقق التنمية والتقدم لمصلحة الشعب.