Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

صناعة السياحة العلاجية في الأردن: تحذير من تزايد المنافسة

صناعة السياحة العلاجية في الأردن: تحذير من تزايد المنافسة

 

عمان" ادارة التحرير" … السياحة العلاجية كما تعرفها العديد من المؤسسات الدولية هي انتقال الشخص من بلد ما إلى آخر لمدة لا تقل عن أربع وعشرين ساعة، ولا تزيد على سنة متواصلة بغرض العلاج، لأسباب منها البحث عن خدمة طبية غير متوفرة في بلده، أو أنها متوفرة ولكن بجودة متدنية، أو لارتفاع كلفتها، أو لأن فترة الانتظار للحصول عليها طويلة.

أما علاقتها بالسياحة بشكل عام، فإن عائدات السياحة العلاجية عالمياً تشكل ما نسبته 14 % – 16 % من إجمالي عائدات السياحة الكلية، وقد ارتفع حجم السياحة العالمية من 528 مليون سائح عام 1995 إلى 980 مليون سائح عام 2011.

وتشير الإحصاءات الدولية إلى أن عائدات السياحة العلاجية وصلت حوالي نصف تريليون دولار عام 2012. ومن المتوقع أن تزيد هذه العائدات بنسبة 9.9 % سنوياً خلال الخمس أعوام القادمة لتحقق 678.5 بليون دولار عام 2017، أي ما نسبته 16 % من إجمالي عائدات السياحة.

بما أن صناعة السياحة العلاجية قد أثبتت وجودها في العديد من الدول كمصدر مهم للدخل القومي، وداعمة للنشاطات الاقتصادية الأخرى في تلك الدول، فقد نشطت العديد من الدول في العالم للاهتمام بهذه الصناعة، مثل كوستاريكا، وكولومبيا، والبرازيل والارجنتين في أمريكا الجنوبية، وجنوب افريقيا، وتونس، ومصر في افريقيا، واسبانيا والمانيا وفرنسا، وفنلندا، وهنغاريا في أوروبا، أما في آسيا فنجد الأردن، والهند، وتايلاند، وسنغافورة، وماليزيا، وكوريا الجنوبية، وايران، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة. ولإعطاء فكرة عن أهمية هذه الصناعة لا بد، على سبيل المثال، من معرفة أن نصف النمو في أسواق السياحة العلاجية العالمية لغاية عام 2017 سيأتي من الهند ودول جنوب شرق آسيا، وأميركا اللاتينية، والشرق الأوسط وشمال افريقيا. ومن المتوقع أن تكون الهند الدولة الأولى عالمياً مع نهاية الخمس سنوات القادمة، حيث يتوقع وقريباً أن تكون السياحة العلاجية فيها من أكبر مولدات الدخل.

سجل الأردن حضوراً لافتاً في سوق السياحة العلاجية الدولي في السنوات الماضية، ومايزال يعمل للمحافظة على مكانة متميزة في هذا المجال. وما يجب التركيز عليه هنا هو أن قطاع السياحة، وقطاع الصحة، وقطاع التعليم، وقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هي من وجهة نظري أهم ركائز الاقتصاد الأردني. أما السياحة العلاجية فهي ركيزة اقتصادية مهمة جداً لما لها من تأثير على القطاع الصحي وعلى النشاطات الاقتصادية الأخرى كمصدر للدخل وتشغيل العمالة، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام.

وإذا تكلمنا في الأرقام فإننا نجد أن الأردن قد حقق دخلاً من السياحة العلاجية عام 2012 يقدر بـ 810 مليون دينار (1,134 مليون دولار). 55 % من هذا العائد ناتج عن إدخالات المرضى ومعالجتهم في المستشفيات، و17 % منه ناتج عن مراجعات المرضى للأطباء في العيادات الخارجية، ونفقات الفحوص المخبرية والشعاعية، والإجراءات الطبية اليومية، و28 % منها عائدة لنفقات الإقامة والطعام والمواصلات والاتصالات وزيارة المواقع السياحية.

تتميز الأردن بالعديد من العناصر التي تجذب طالب العلاج للحضور إلى الأردن لهذه الغاية منها السمعة الطبية التي اكتسبتها المملكة منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، وتطور هذه السمعة في السنوات التي تلتها، من حيث توفر التخصصات الطبية المتميزة والنادرة وذات الجودة العالية، ووجود نخبة من الأطباء المتميزين في كافة التخصصات الطبية والجراحية، والتركيز على جودة الخدمة لتضاهي مستوياتها العالمية من خلال حصول العديد من المستشفيات على شهادة الاعتماد الدولي، وشهادة مجلس اعتماد المؤسسات الصحية المحلي، وارتباط بعض المستشفيات باتفاقات تآلف مع جامعات ومستشفيات عالمية، وكذلك للأسعار المنافسة مقارنة بتكاليف المعالجة في الدول الأخرى، والأمن والاستقرار الذي يتمتع به الأردن، والبيئة النظيفة.

أهم الدول المصدرة للسياحة العلاجية إلى الأردن هي الدول العربية بالدرجة الأولى وتأتي على رأس القائمة اليمن، والعراق، والسودان، وليبيا، وفلسطين، والسعودية، وسورية، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عُمان، والجزائر..وغيرها. أما التخصصات الطبية المطلوبة فهي عديدة ومنها أمراض وجراحة القلب، وجراحة الأعصاب، وجراحة العظام والمفاصل، والمسالك والكلى، وجراحة العيون، والدم والأورام، والعقم، ومعالجة السمنة، وجراحة التجميل، والأسنان.

إذا أردنا أن نحافظ على مركز مهم في مجال السياحة العلاجية ونستمر في النمو في هذا المجال فعلينا أن نعترف أولاً بأن هناك منافسة شديدة في سوق السياحة العلاجية، وأن هذا التنافس قد يؤثر على قطاع السياحة العلاجية ويتسبب في تراجعها، والدليل على ذلك أن بعض الدول المنافسة للأردن تولي هذا القطاع اهتماما كبيراً، وعلى سبيل المثال فإن تركيا مثلاً لم تكتف بالسياحة العلاجية المصدرة لها من دول البلقان، وبدأت باجتذاب المرضى من العراق، وسورية، وليبيا، والسودان، ودول الخليج العربي، وتخطط لتحقيق عائد من السياحة العلاجية يقدر بـ 7 مليارات دولار بحلول عام 2015. كما أن الهند تخطط لأن تكون الأولى عالمياً، ففي عام 2012 على سبيل المثال استحوذت الهند على معالجة 18 الف مريض من نيجيريا فقط مقابل 260 مليون دولار، ويقدر عائدها السنوي من السياحة العلاجية بـ 2 مليار دولار. بالإضافة للتطور السريع لأسواق السياحة العلاجية في تايلاند، وسنغافوره، وماليزيا، والصين (سياحة الطب البديل).

 

 أما إمارة دبي فقد وضعت خطة استراتيجية لتكون محطة السياحة العلاجية الأولى في المنطقة. وأبو ظبي تخطط أيضاً لجعل جزيرة المرياح منطقة مالية حرة، لجذب المشاريع الاستثمارية وعلى رأسها فروع للمستشفيات العالمية. بالإضافة للتطور والنمو الطبيعي والتحسن التدريجي المتوقع للقطاعات الصحية في الدول المصدرة للمرضى حالياً.

المطلوب هو الاعتراف بأن هناك تحديا حقيقيا ومنافسة قوية تهدد قطاع السياحة العلاجية في الأردن في السنوات القليلة القادمة، والالتزام بالعمل للنهوض بهذا القطاع، والتعامل معه بمهنية عالية، وعدم تركه لغير المتخصصين، أو للبيروقراطية الحكومية. الاهتمام ودعم التوسع الرأسي في التخصصات الطبية الجديدة والنادرة، والمراكز الطبية المتخصصة. ولا بد من إقرار قانون المسؤولية الطبية ليلبي متطلبات السياحة العلاجية الدولية.

 

وتبني برامج تسويقية مهنية من حيث الإعداد والتنفيذ. وتسهيل وصول المرضى من الدول المختلفة دون اعاقات أو تأخير، من حيث التأشيرات وفتح خطوط طيران جديدة في الدول المستهدفة. تطوير نظام معلومات صحي وطني شامل ومترابط. والاهتمام بالمواقع السياحية وتطوير الخدمات فيها. المحافظة على نظافة البيئة. وتنمية ونشر الوعي بأهمية السياحة العلاجية للاقتصاد الوطني وأثره على الفرد، وبشكل خاص للعاملين في الخدمات التي لها تماس مباشر مع السائح. ويمكن أن يتم إيجاد مجلس أعلى للسياحة العلاجية (مستقل وغير حكومي) تمثل فيه كافة المؤسسات ذات العلاقة بالسياحة والسياحة العلاجية (على غرار ما هو معمول به في تركيا على سبيل المثال).
نقلا عن الغد
 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله