لندن تتحول لمحور تكنولوجيا المعلومات
لندن "المسلة" … في شوارع شرقي لندن لا يمكن لأي شخص إغفال مشهد التكنولوجيا في المدينة الآخذ في الازدهار ،وتكتظ مساحات البنايات التجارية المشتركة بالمطورين الشباب الطموح، وفتحت شركات شهيرة مثل جوجل مكاتب في لندن وخصصت الحكومة البريطانية ملايين الجنيهات الاسترلينية للنهوض ببنية التكنولوجيا الأساسية للعاصمة البريطانية.
غير أنه على بعد ساعة شمال لندن يقع مجمع تكنولوجيا منافس في كمبردج ربما كان له تأثير اقتصادي أكبر من أي شيء آخر أنشئ حتى الآن على ضفاف نهر التيمس. ولا تزال كمبردج، مقر واحدة من أعرق الجامعات في العالم، أحد أكبر مجمعات التكنولوجيا في أوروبا.
وفي كمبردج توجد مجموعة مترابطة من مستثمري المرحلة الأولى، ولدى علماء جامعة كمبردج سجل مشرف من ضخ أفكارهم في الجديد من المشاريع والأعمال وهناك رصيد كبير من المهندسين المحليين الذين يمكن الاستفادة منهم والاستعانة بهم.
وتجمعت هذه العوامل لتساعد عدداً من شركات التكنولوجيا الراقية على النمو واكتساب سمعة دولية.
صناعة البرمجيات
تعتبر كمبردج المقر الرئيسي لشركة آرم هولدينجز المتخصصة في تصميم أشباه الموصلات وإحدى أكبر شركات التكنولوجيا في بريطانيا والبالغة قيمتها السوقية حوالى 22,4 مليار دولار.
كما أن كمبردج هي المدينة التي تأسست فيها شركة أوتو نومي البريطانية المتخصصة في صناعة البرمجيات، التي بيعت لشركة هيوليت باكارد مقابل 11,1 مليار دولار في عام 2011. ويجري حالياً التحقيق في تلك الصفقة بعد أن خفضت هيوليت باكارد 8,8 مليار دولار من قيمة صفقة الاستحواذ معللة ذلك بوجود أخطاء محاسبية محتملة في أوتونومي.
غير أن مؤسس الشركة البريطاني مايك لينش أنكر تلك الاتهامات. ولدى كبريات شركات التكنولوجيا الدولية مثل مايكروسوفت وتوشيبا فرق بحث كبيرة في كمبردج.
وهناك شركات ناشئة أصغر في قطاعات تشمل التكنولوجيا الحيوية وأمن البيانات تشغل ساحات مكتبية في كمبردج وحولها.
وقال ستيف هوكسر مدير داركتريس شركة أمن الفضاء الالكتروني التي نمت بفضل بحوث أجريت في جامعة كمبردج: «هنا يفرز الناس أفكاراً جديدة يومياً». وأضاف هوكسر: «نريد أن نكون قريبين من العلماء.
وأفضل مكان لمزاولة ما نعمل هو كمبردج». غير أنه على الرغم من تراث المدينة، قال محللون إن كمبردج بدأت تفقد بعضاً من بريقها إذا قورنت بصناعة التكنولوجيا في لندن.
على سبيل المثال، جمعت شركات كمبردج الناشئة 130 مليون دولار كرأسمال مشاريع مغامرة العام الماضي، ما يساوي سدس ما جمعته شركات نظيرة متمركزة في لندن حسب البيانات التي توفرها دي جي إكس فنتير سورس.
شركات ناشئة
في الوقت الذي ركزت فيه شركات تكنولوجيا كمبردج جهودها في أمور تخصصية ضيقة في مجالات مثل تطوير الأجهزة والتكنولوجيا الحيوية، راحت شركات لندن الناشئة تعمل في مجال تكنولوجيات المستهلك مثل وسائط الإعلام وتطبيقات الألعاب التي لقيت اهتماماً أكبر من المهندسين الراغبين في السعي إلى التغير الكبير المقبل.
حين تخرج كيس مورتون في جامعة كمبردج عام 2003، على سبيل المثال، لم يحلم أبداً بأن يبدأ شركة تكنولوجيا في كمبردج. وبعد أن عمل في شركة استثمار رؤوس أموال مشاريع مغامرة في لندن، قام مورتون بتأسيس موقع سوق أزياء على الإنترنت اسمه «ليست».
وتبيع «ليست» التي لها أيضاً مكاتب في نيويورك، حالياً بنحو 60 مليون دولار من المنتجات ذات الفئة الراقية سنوياً وأعلنت مؤخراً أنها جمعت 14 مليون دولار أخرى من مجموعة من شركات رؤوس أموال مشاريع مغامرة محلية. وقال مورتون: «حين تركت كمبردج لم أكن أعلم سوى القليل عن صناعة الشركات الناشئة المحلية.
وإذا كنت تعتزم تأسيس شركة انترنت المستهلك لابد لك من أن تكون أينما يكون عملاؤك. وبالنسبة لنا، لم يكن ذلك ممكناً إلا في لندن».
ولا تزال الروابط والعلاقات قوية بين رواد الأعمال والمستثمرين في المدينتين لندن وكمبردج اللتين تبلغ المسافة بينهما 60 ميلاً، وتقوم الشركات بالفعل بتعيين مطورين ومهندسين من المدينتين حسب إيان ثورنتون نائب رئيس آرم هولدنجز لشؤون علاقات المستثمرين.
غير أنه في مقدور لندن أن تؤكد ريادتها لو أن بعض شركات المدينة، مثل شركة مايند كاندي المتخصصة في الألعاب على الإنترنت وجست إيت المتخصصة في خدمة تسليم الأغذية عن طريق الإنترنت أجرت اكتتاباً عاماً أولياً في المستقبل القريب، حسب محللين.
إدراج أسهم
وتعزيزاً لمكانة لندن يسعى بعض المستثمرين إلى إقناع شركات تكنولوجيا محلية إدراج أسهمها في لندن بدلاً من التوجه إلى منافسين أميركيين مثل سوق نيويورك للأوراق المالية وناسداك.
وقامت سوق لندن للأوراق المالية مؤخراً بتعيين جوانا شيلدز التنفيذية السابقة في جوجل وفيسبوك، ضمن مجلس ادارتها.
وكانت شيلدز قد سبق لها إدارة منظمة استثمار مدينة التكنولوجيا، الكيان الحكومي البريطاني الهادف إلى اجتذاب الاستثمارات إلى قطاع تكنولوجيا بشرقي لندن.
وناشدت شيلدز مؤخراً شركات التكنولوجيا في لندن بإجراء اكتتابات عامة أولية ،وقالت شيلدز في مقابلة أجريت في شهر ديسمبر قبل إعلان تعيينها في سوق لندن للأوراق المالية: «نحن نحاول تكوين مجموعة الشركات التالية لإدراجها هنا».
وأضافت شيلدز: «يجدر بأسواق لندن أن تثبت لشركات التكنولوجيا أنها أولى من غيرها بإدراج تلك الشركات».
عن: انترناشيونال نيويورك تايمز