Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

نوافـذ – فتيل السياحة بقلم :هدى حمـد

نوافـذ – فتيل السياحة

بقلم :هدى حمـد

لم أتردد أبدا في أن أطرح سؤالي الذي حيرني على “كومار” خصوصا وأنّه يمتلكُ معرفة لا يُستهان بها بالبشر والحياة في ماليزيا وإن بدا للوهلة الأولى رجلا بسيطا لا يعرف أكثر من قيادة التاكسي ووضع الياسمين على مقود السيارة. رجل هندي بحوزته الجنسية الماليزية وكثير من الحكايات التي تجعل التجوال برفقته ممتلئا بالضجيج والصخب، فهو يعرف شوارعها جيدا كما يعرف البشر والأماكن التي تُسعد قلب السائح. كومار الذي شكر ربّه كثيرا لأنّه يعيش مع ابنيه في ماليزيا التي تتيح التعليم والمستشفيات بالمجان.

 

سألته: “كومار، ما سر قلّة الشحاذين في ماليزيا؟” في حياتي كلها لم أدخل بلدا وخصوصا البلدان العربية وبعض دول شرق آسيا إلا واصطف الشحاذون على عتبة كل الأماكن السياحية وقتلوا رغبتنا بالاستمتاع بالمكان. نرى مشاهد تُقطع القلب وأطفالا يمدون أيديهم. طبعا بعض الحركات لا تعدو أن تكون ابتزازا.

 

 قال كومار: “لا لشيء يا أختي أكثر من القوانين الصارمة. من يشحذ في ماليزيا مُعرض للذهاب إلى السجن. ليس هذا وحسب بل حتى من ينام في الحدائق والأماكن العامة يتعرض أولا للإنذار وإن كررها يُقاد إلى السجن.

 

 بالمقابل فإن الدولة تُحاول أن تؤمن لهم ما يكفل لهم حياة كريمة لكي تمنع مبررات الشحاذة”.
الشحاذون والحيل الماكرة تجعل السائح وخصوصا الخليجي الذي يُعامل باعتباره بئر نفط متنقلا، راغبا في المكوث في غرفة الفندق وعدم مغادرتها. تصل المسألة بالبعض في المطارات إلى تفتيش محفظة نقودك الخاصة من دون وجه حق أو قد يعرقلك طويلا ليحصل على “الإكرامية”، أو يلف بك عشر مرات حول المكان الذي تقصده لترتفع تسعيرة العداد لأرقام خيالية.

الأمر الآخر الجميل في هذا البلد السياحي هو غياب الإلحاح. الإلحاح المُرهق لنقبل على شراء شيء ما بينما نتجول في الأسواق والأماكن السياحية. الإلحاح لدخول مطعم من مطاعهم. في ماليزيا لا أحد يُمارس عليك عنف الإلحاح إلا على قدر من اللطف والتهذيب.

لم يكتف كومار بأن يكون سائقنا طوال العشرة أيام. بل انبرى يحكي لنا عن قصور ماليزيا وحكمها وبعض قوانينها التي تقود دفة السياحة إلى الأمام. بل إنه غيّر بعض خططنا السياحية وأرشدنا إلى أماكن رائعة لم يُوفرها لنا محرك البحث جوجل.

كنتُ أحاول أن أعرف أكثر إن كان التعايش قائما رغم التعددية الثقافية في ماليزيا. فأخبرنا كومار عن أنّ الأصول الماليزية تُشكل الفئة الأكبر. الفئة الثانية هي الفئة الصينية ولديهم الجنسية الماليزية. الفئة الثالثة هي فئة الهنود، أما الفئة الرابعة وهم الأقلية من أصول عربية ومن تايلاند و فيتنام وبنجال”. وأكد لنا كومار أن التعايش قائم رغم الاختلافات.

فحزنتُ كثيرا وتذكرتُ حال وطننا العربي المسلم الذي ترك كل شيء ليتناحر على اختلافات كان الأجدر بنا أن نحترمها. أظن أنّ العدالة في الحقوق والواجبات هي التي تمتص احتقان الشعوب ونظرتها إلى اختلافاتها في المعتقدات والأفكار. فعندما تتوفر العدالة إلى حد ما تنخفض رغبتنا في إيجاد المعاداة.

ما أعجبني أيضا أنّهم يصنعون شيئا من لا شيء. عرض علينا كومار الذهاب إلى مصنع الشوكولاته و مصنع القهوة ومزرعة الفواكه التي نمر عليها بمركبة صغيرة ونأكل فواكهها الحلوة. فلا يمر يومك من دون أن تجد ما تفعله. هذا ما يمكن أن أسميه صناعة السياحة.

تُشجع ماليزيا على السياحة الداخلية إذ إنها تضع تسعيرة مختلفة للمواطن الماليزي قد تصل إلى نصف ما يدفعه السائح الغريب. قال كومار: ” لتشجيع السياحة الداخلية يحصل الماليزي على امتيازات كثيرة”. وهنا تذكرتُ عُمان بلدي الجميل الرائق كوجه الماء. الممتلئ بالجمال. لماذا لا نحصل نحن -مواطنيها- على امتيازات في أسعار الفنادق وأسعار الطيران الداخلي وأماكن السياحة. والسؤال الأهم متى سنشعل فتيل السياحة لتصبح عُمان قبلة العالم، خصوصا وأنها تمتلك مقومات ذلك؟.

 نقلا عن عمان

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله