الحج والعمرة.. عبادة وسياحة
بقلم : محمد سالم الغامدي …. أتمنى أن تُنشَأ في جامعاتنا كليات للحج والعمرة، تكون مهمتها تخريج أفواج من أبناء الوطن؛ مهمتهم خدمة ضيوف الرحمن وفق أساليب علمية وحضارية.
كرّم الله سبحانه بلادنا بوجود الحرمين الشريفين، أطهر بقاع الأرض ومهبط الوحي، الذي انطلقت منه خاتمة الرسالات السماوية، وانتشرت منها إلى شتى البقاع، كونها -أي هذه الرسالة- اختصت بعموميتها على كل البشر، على يد حبيب الله وَصَفيّه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، لذا نجد أن كل مسلم على وجه الأرض يبذل كل ثمين لزيارة الأماكن المقدسة لتأدية مناسك الحج والعمرة العظيمتين في شعائر ديننا الإسلامي الحنيف، ومن هذا المنطلق نجد أن بلادنا التي اختصت بهذا الكرم العظيم تستقبل كل عام الملايين من المسلمين من شتى بقاع الأرض، وجرت العادة أن تقوم الدولة -رعاها الله- بتسهيل تلك الرحلة المباركة من خلال المشروعات العملاقة التي تنشئها كل عام لاستيعابهم، وتوفير كل سبل الراحة لهم، ولعلي هنا أجدها فرصة لطرح بعض المقترحات التي قد تضيف بعض الروافد الإيجابية لرحلة ضيوف الرحمن القادمين لأداء مناسك الحج والعمرة، التي تمتد أغلب أيام العام، ومن تلك المقترحات:
– نعلم أن بلادنا -حفظها الله- تتسم بسعة مساحتها الجغرافية، التي تحتضن فيها الأماكن الأثرية القابعة في عمق التاريخ الإنساني، ومنها مواطن أقوام الكثير من الأنبياء، وبها أيضًا الأماكن الطبيعية الساحرة والأماكن التجارية، التي تتسم بأسواقها العالمية، بالإضافة إلى الأماكن الصناعية، لذا أرى أن يُفتح الباب لمن يرغب من ضيوف الرحمن وضيوف هذه البلاد القيام برحلات سياحية إلى تلك المناطق بعد أداء مناسكهم، ويكون ذلك وفق تنظيمات إدارية دقيقة ومتقنة، بغرض زيارة مثل تلك الأماكن والتعرف عليها، وأنا على يقين أن الكثير جدًا منهم يرغب في ذلك، فنكون بذلك قد حصدنا دخلًا ماديًا إضافيًا آخر، واستطعنا أيضًا توظيف الكثير من أبناء الوطن لحل مشكلة البطالة، واستطعنا تعريف أولئك الضيوف الكرام ببلادنا، وما تحتويه من آثار وأماكن أخرى ذات جذب سياحي بها.
– نعلم أن الملايين من الحجاج والمعتمرين يأتون كل عام إلى بلادنا لتأدية مناسك الحج والعمرة، ونعلم أنهم بعد العودة يحملون الكثير من الذكريات التي ستصبح صورًا راسخة في أذهانهم لن تمحوها السنون، لذا أرى أن يكون اهتمامنا بالجانب الإعلامي في أعلى درجاته من خلال تدريب كل العاملين بالحج بدءًا من القائمين على استقبالهم على منافذ الدخول ومرورًا بالعاملين في وسائل نقلهم ثم سكنهم ثم تفويجهم عبر المشاعر، وانتهاء بالقائمين على توديعهم عند العودة إلى بلادهم على أرقى السلوكيات الحضارية في المعاملة، فمن المؤكد أن كل ذلك سوف يصبح صورًا لا تمحوها ذاكرتهم عن هذه البلاد وأهلها.
– أتمنى أن تُنشَأ في جامعاتنا وخاصة في جامعات مكة المكرمة وجدة والطائف والمدينة المنورة كليات للحج والعمرة، يكون مهمّتها تخريج أفواج من أبناء الوطن؛ مهمتهم خدمة ضيوف الرحمن وفق أساليب علمية وحضارية، وهم يتحلّون بالكثير من المهارات والمعارف والسلوكيات ذات العلاقة بخدمة الحجيج في مختلف مراحل مسيرته عبر كافة المشاعر.
– كما أتمنى أيضًا من كل الوزارات بالمملكة وفي مقدمتها وزارة الثقافة والإعلام أن تتولى توزيع كتيّبات تحمل في مضامينها تعريفا بمنجزات تلك الوزارات وخططها المستقبلية، حتى يعود الحاج والمعتمر إلى بلاده وقد تحمّل بكل المعلومات الصحية والتعليمية والصناعية والتجارية والأمنية، فمن غير المعقول أن يأتي إلينا الملايين كل عام ويعودون إلى بلادهم وهم لا يعرفون عنّا إلا ما رأوه في طريق رحلتهم إلى الحرمين الشريفين.
وختاما.. نسأل الله تعالى أن يتقبل من حجاج بيت الله الحرام حجهم وعمرتهم، وأن يعودوا إلى بلادهم كما ولدتهم أمهاتهم، سالمين غانمين إن شاء الله. والله من وراء القصد.
المصدر : المدينة