اختتام ندوة الحج في زمن الإمبراطوريات
ليدن "ادارة التحرير" …. اختتمت أمس الثلاثاء الندوة الدولية "أوروبا والحج في زمن الإمبراطوريات" التي نظمها معهد الدراسات الإسلامية بجامعة ليدن الهولندية في إطار تحضير موسوعة الحج الكبرى التي تعدها دارة الملك عبد العزيز للدراسات التوثيقية.
وهدفت الندوة التي امتدت طوال يومي 13 و14 مايو/ أيار الحالي إلى دراسة الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية التي صاحبت فريضة الحج في أوروبا زمن الحقب الاستعمارية من خلال الأرشيف الأوروبي وما تضمنه من وثائق تؤرخ لتلك الحقبة.
وركزت الندوة، التي شاركت في تنظيمها دارة الملك عبد العزيز للدراسات الأرشيفية في الرياض ومتحف العلوم الشعبية في مدينة ليدن الهولندية، على دراسة موضوع الحج في زمن الإمبراطوريات وقبل تدفق الحجاج المسلمين القادمين من دول إسلامية في النصف الثاني من القرن الماضي.
ووفق وكيل معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج د. ناصر البقمي فإنه يجري الآن، بالتعاون مع مؤسسات بحثية وعلمية عالمية، إنشاء أول موسوعة تاريخية إسلامية عالمية من نوعها تؤرخ للحج ومكة المكرمة والحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
حقب تاريخية
وأوضح الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز د. فهد بن عبد العزيز السماري في حديث للجزيرة -على هامش الندوة- أن "هذا المشروع يتم بالتعاون من المملكة من أجل دعم الموسوعة الجامعة التي ستحتوي الحقب التاريخية للحج من كل قارات العالم".
وحول اختيار جامعة ليدن للندوة، قال السماري إن "الجامعة كانت سباقة في تناول هذا الموضوع وغيره من الدراسات الإسلامية" مشيرا إلى عزمهم على التوسع مع جامعات أوروبية أخرى.
وأوضح أخصائي حاضر العالم الإسلامي بمعهد الدراسات بجامعة ليدن د. عمر رياض للجزيرة نت أن هناك مشاركات قيمة واكتشافات مبهرة للمشاركين من عدة دول أوروبية، مبينا أن الدراسات أكدت وجود أرشيف أوروبي غنيّ يوضح السياسات المتبعة من الإمبراطوريات الاقتصادية والسياسية التي كانت قائمة في تنظيم ومتابعة العابرين إلى الحج أو القادمين منه.
وقال رياض -وهو أيضا المنظم الرئيس للندوة- إن الباحثين وجدوا في الأرشيف قصصا لرحلات الحج والطرق المؤدية إلى الحج من الاتجاهات الأوروبية ووسائل النقل المستعملة وخاصة السفن والبواخر، مؤكدا أن أرشيف رحلات الحج وثّق لعادات الناس والثقافات التي تعرفوا عليها وطرق الاستعداد للحج والآثار الاجتماعية السياسية والثقافية والاقتصادية لهذه الشعيرة على الحجاج وعلى أوطانهم الأوروبية.
مراقبة ومتابعة
وتبين من خلال الأبحاث التي شارك فيها أكاديميون أوروبيون أن الحجاج كانوا تحت المراقبة والمتابعة الأمنية والتوجيهات السياسية، ومما جاء في هذا الأرشيف أن أغلب الإمبراطوريات والمستعمرات الأوروبية كانت تنتهج سياسة وضع الحجاج في غرف عازلة لفترة زمنية لمعرفة خلوهم من الأمراض الوبائية المنقولة التي كانت منتشرة في ذاك الزمن.
كما أن الصراع الاقتصادي والفكري بين العالم العربي والأوروبي كان واضحا في أرشيف الوثائق التي تم العثور عليها، حيث كان هناك تخوف من عمليات التوسع للخلافة العثمانية والأفكار التي كان يحملها القادمون من الحج معهم.
وبيّن رياض أنه من خلال هذه الوثائق يتأكد أن العلاقة بين الشرق والغرب لم تكن فقط بين الخير والشر كما يحلو للبعض وصفها أو عسكرية واقتصادية كما ينظر كثير من المؤرخين إليها، وإنما في جزء كبير منها هي بشرية وثقافية تحكمها جدلية التأثير والتأثر.
وعمن يذهبون للحج، تحدث المشاركون القادمون من عدة دول أن الوثائق المتوفرة توضح أن جزءا منهم كانوا من الأوروبيين الذين دخلوا الإسلام بحكم تواصلهم مع العالم الإسلامي، وجزءا آخر من أوروبا الشرقية والوسطى حيث يوجد فيها عدد من المسلمين، كما أن جزءا من الحجاج كانوا يتنقلون مع السفن التجارية المتجهة من وإلى العالم العربي وإندونيسيا.