البترا السياحية تقدم عروض إحياء التراث تقديراً لخصوصية المكان
البترا "المسلة" … شكلت عروض إحياء التراث التي تقام في مدينة البترا السياحية بصورة دائمة فرصة جديدة لأهالي المنطقة للبدء بالعمل الجاد والجماعي الذي يعتمد على المؤسسية وفق معايير تقدر خصوصية المكان التراثية والاثرية وتحافظ عليه.
المتقاعد العسكري صلاح جدوع , احد المشاركين في عروض احياء التراث التي تعتمد على تشكيلات مختلفة مستوحاة من الحقبة النبطية , تمكن وزملاء اخرين من خلال الشركة الاردنية لإحياء التراث من اقامة تلك العروض بهدف اتاحة المجال للزائر لإعادة اكتشاف المناطق الاثرية بطريقة مختلفة.
يقول جدوع لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان عمله في عروض احياء التراث يسهم في الترويج السياحي للاماكن الاثرية بطريقة جديدة ومبتكرة بهدف زيادة اعداد القادمين لهذه الاماكن السياحية والاثرية من مختلف بقاع العالم .
ويبين مدى استفادته من عمله في هذه العروض مضيفا انها ساعدته على استعادة لياقته البدنية، وتوفير مصدر رزق اخر الى جانب راتبه التقاعدي .
المشرف على مشروع احياء التراث في البترا عارف الحسنات الذي يعتبر من أقدم موظفي الشركة الاردنية لإحياء التراث التي بدأت بثمانية عشر متقاعدا عسكريا الى ان وصل العدد الآن الى خمسين موظفا, يصف العمل في تقديم العروض التراثية امام زوار الاماكن السياحية بانه نقلة نوعية لها اثر ايجابي على جميع العاملين .
ويقول ان هذه العروض عبارة عن لوحة جمالية تعتمد على الكر والفر وعرض للمشاة بالإضافة الى استعراضات بالأسلحة، تساعد الزائر على اكتشاف الاماكن السياحية والتراثية وجمالياتها والمعالم الاثرية بشكل مختلف مبينا ان في منطقة البترا فريقين الاول في منطقة السد على مدخل المدينة والثاني في شارع الاعمدة الذي يلي منطقة الخزنة.
ويشير الحسنات الى تفاعل القادمين الى البترا من الزوار مع هذه العروض من حيث اصرارهم على المتابعة وتقديم الاقتراحات التي تصب في اتجاه تحسين هذه اللوحات التراثية التي تعتبر من قبلهم فكرة ساحرة وممتازة تقدم بأسلوب حداثي ومعاصر.
ويوضح ان جميع أهالي المنطقة يستفيدون من هذا العمل، بدءا من العمل في العروض، ومرورا بالتجهيزات الخاصة بالعروض التي تصنع في وادي موسى والتي تشمل الملابس المستخدمة في اللوحات التراثية وغيرها من تجهيزات .
المدير الاداري لشركة احياء التراث معن عودة يقول ان صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية أسس الشركة في العام 2010 بهدف ايجاد منتج سياحي فريد من نوعه يقدم لزوار المناطق السياحية في الاردن خاصة في البترا، والشوبك ووادي رم، من خلال عروض عسكرية مستمدة من الحقب الزمنية التي مرت على هذه المناطق .
ففي البترا كما يضيف هناك العرض العسكري الذي يبين الحقبة النبطية وفي الشوبك الحقبة الأيوبية، وفي وادي رم هناك الثورة العربية الكبرى ومسارها المعروف تاريخيا للجميع .
ويقول ان هدف الشركة من خلال احياء التراث في هذه المناطق هو ايضا توفير فرص عمل للسكان المحليين كون هذه المناطق تعتبر من المناطق الاقل حظا .
ويبين عودة ان طبيعة هذه العروض مستمدة من الحقب الزمنية التي مرت على المنطقة ، وتمتد مدة العروض ما بين سبع الى عشر دقائق ولمدة اربع مرات يوميا وخلال فترة الذروة وقدوم السياح وتدفق الزوار الى هذه المناطق، موضحا ان الغرض من هذه العروض والفكرة منها هو اعطاء ابعاد اخرى تتمثل بربط الماضي بالحاضر من خلال الملابس والالوان دون مقابل مالي من الزوار .
ويقول ان الشركة الاردنية لإحياء التراث تسعى من خلال هذه العروض الى المحافظة على الاماكن الاثرية وخصوصيتها وطبيعتها الجغرافية من خلال تواجدها خارج حدود المحمية الطبيعية بالقرب من السكة الحديدية الى جانب دراسة العرض والعناية به وبيان مدى محافظته وحمايته للبيئة الاثرية في المناطق السياحية.
ويرى المتخصص في البيئة والاثار بقسم ادارة المصادر التراثية في الجامعة الاردنية الدكتور فؤاد الحوراني ان المحافظة على التراث والاماكن السياحية هي مسؤولية كل فرد من افراد المجتمع، مبينا ان هذا جزء من المحافظة على الثقافة التي تمثل الوعي والادراك بما لدينا في آن معا.
ويطالب بتنسيق الجهود بين جميع المؤسسات العاملة في هذا المجال من اجل استخدام هذا التراث الانساني والحضاري كمورد اقتصادي يسهم في انعاش المناطق المحيطة ونشر الوعي بأهميته واشراك الافراد في المحافظة عليه للأجيال القادمة.
ويوضح الدكتور الحوراني ان إعادة تأهيل الاماكن الاثرية بشكل عام بمستوى فني يليق بها اعتمادا على الابعاد الجمالية والتاريخية والعلمية، يسهم في اكتشاف هذه الاماكن من جديد بطريقة مبتكرة وجذابة بالنسبة للزائر ما يؤدي الى زيادة الاقبال عليها، كما يمكن من وضعها على خريطة العالم السياحية بحيث تصبح من الاماكن التراثية والسياحية المعتمدة.