السياحة الطبية.. ترف أم حاجة؟
بقلم : عبدالله بن غانم العلي المعاضيد
لقد كنا في الخليج كباقي الشعوب نعتمد على موروث شعبي طبي للعلاج من مختلف الأمراض وعندما حلت الإرساليات الغربية والإنجليزية في الخليج بحثا عن النفط فقد جلبت معها المستشفيات الحديثة، وبرغم أن هذه المستشفيات كانت في أغلب الأحوال خيمة بها طبيب وممرضة ولكنها تعتبر قفزة نوعية في ذلك الوقت، ولكن سرعان ما تطورت هذه الخدمات الحديثة خاصة بعد تدفق عائدات النفط ودوران عجلة التنمية التي أهلت دول الخليج لبناء المستشفيات وجلب الأطباء وإرسال المرضى إلى أوروبا للعلاج، ومن ثم تطورت الخدمات أكثر ودشنت جامعات طبية تخرج أطباء من أبناء المنطقة وتطورت معها خدمة المرضى بإرسالهم إلى أميركا للعلاج، وحديثاً وصلنا في الخليج لمرحلة تدشين المدن الطبية الشاملة والتي نظريا تستطيع أن تقدم جميع الخدمات الطبية ولكننا تطورنا أيضاً في إرسال المرضى للخارج وهذه المرة بعمل اشتراك دائم مع كل مستشفيات تايلاند.
نحن في دول الخليج نشعر بالغضب عندما تخرج بعض التقارير التي تقول: إن تنميتنا إسمنتية وفي الوقت نفسه لا نثق بالخدمات التي بنيت لها هذه المباني الإسمنتية، نفتخر بكل الجامعات التي لدينا ولكن نعطي الأولوية في التوظيف لمن تخرج من جامعات غربية! ورغم ذلك ما زالت خلاطات الإسمنت تجوب شوارعنا وكأننا لا نعرف من التنمية إلا البناء؟ لا أدري هل نسينا أم تناسينا أن كل مبنى لن يخدم التنمية إلا بتوفر طاقات بشرية نستطيع أن نملأ بها هذه المباني.
الخلاصة أن السياحة الطبية وكذلك التعليمية تعتبران قطاعات إنتاجية في الاقتصاد تقلل من الاعتماد على النفط كمصدر للدخل أي تساهم في تنويع الدخل، وليس من الصعب أن ننافس دولة مثل تايلاند التي عدد سكانها أقل من الخليج ولا تملك ثروة نفطية.
ويبقى السؤال هل سفر الخليجيين للعلاج بالخارج لحاجة حقيقية نتيجة نقص في الخدمات الطبية المحلية أم هو من باب الإنفاق الزائد بحكم الوضع المالي الجيد؟ وأعتقد مهما كانت الإجابة فإننا أمام مشكلة، فإذا كانت الإجابة أن السفر لحاجة وضرورة فنقول أعجزت دول الخليج رغم تقدمها وتطورها أن تقدم نموذجا واحدا لمستشفى أو مدينة طبية تكون وجهة ومقصدا كل أبناء المنطقة بدل السفر إلى ما وراء البحار. أما إذا كانت الإجابة الثانية هي الصحيحة فإننا أمام مشكلة أكبر وحلها لن يكون بسيطاً أو مقبولاً أو (سريعاً).
العرب