أسطورة التوابيت المتحركة في ”باربادوس”
القاهرة " المسلة " … للموت جلاله، وللعمالم الآخر أسراره منها ما نبأتنا به الكتب السماويه ومنها ما لا نعلم عنه شيئًا، وربما اشتركت جميع الثقافات والحضارات الإنسانية في نسج أو صنع ”الخرافة” حول الحياة الأخرى، ولجزيرة باربادوس الواقعة في الجانب الشرقي من البحر الكاريبي، وهي جزيرة صغيرة كانت مستعمرة بريطانية قديمة قبل أن تصبح الآن دولة مستقلة وإن كانت تدين بولائها لملكة بريطانيا حتى الآن نصيب من تلك الأساطير.
بحسب تقرير مطول لـ”البيان” نشرته، الجمعة، تعتبر من أروع جزر الكاريبي، مما شجع الكثير من الأثرياء على إقامة أرضه وملكه فيها، فقام أحد الأثرياء من القرن الثامن عشر ويُدعى (جميس إليوت تشيس) باتخاذ مكان مستقر في الجزيرة، وقام كذلك بإنشاء مقبرة خاصة بعائلته في ساحة كنيسة المسيح، وقام بتأسيس مقبرة واسعة لها باب حجري ضخم وحجرة الانتظار قبل حجرة الدفن العائلية الضخمة.
ويقول التقرير: كان تابوت زوجة (جيمس) هو الأول الذي دخل هذه المقبرة، ثم جثتان آخريان من عائلة (تشيس) وبعدها (جيمس) نفسه الذي تم وضعه داخل تابوت أنيق ثم دفنه في المقبرة العائلية، وبموت (جيمس تشيس) أصبح (توماس تشيس) هو المالك الفعلي للأرض والمقبرة وبقية الأملاك .. إلى هنا والأحداث عادية للغاية..
ولكن في عام 1807 وحينما ماتت السيدة (توما سينا جودار) ودخل الجميع المقبرة فوجئوا باختفاء تابوت السيد (جيمس) تماماً .. شعر الناس بالذهول وخاصة أن المقبرة كانت مغلقة ومختوم بابها بمعنى أنه لم يدخل المقبرة أحد من الناس منذ وفاة (جيمس) وبحثوا عن تابوته في كل مكان ولم يجدوه، وحينما شعروا باليأس قاموا بدفن السيدة (توما) في مكانها حسب الترتيب الموضوع، وتركوا مكان السيد (جيمس) فارغاً حتى لا يغيروا الترتيب الذي عليه التوابيت، وفي عام 1812 مات السيد (توماس تشيس) وحينما فتحوا المقبرة لوضع تابوته كانت هناك مفاجأة مرعبة في انتظارهم.
ويتابع: فقد كانت المقبرة في فوضى عارمة، وهذا أقل ما توصف به، فالتوابيت كلها كانت متناثرة في أنحاء المقبرة، والتوابيت عادة كانت تصنع من الحديد أو المعادن الثقيلة وكان التابوت الواحد يحتاج إلى 4 رجال أشداء لحمله أو تحريكه، فما بالك بتابوت ضخم يستند على الجدار على قاعدته، وكأن هناك من حمله وأوقفه بهذه الطريقة، وتعاون الرجال في وجل على إعادة التابوت الواقف لموضعه، وترتيب بقية التوابيت، ثم أغلقوا المقبرة، وأحكموا إغلاقها جيداً حتى يتأكدوا من عدم عبث الغرباء بها فيما بعد.
ويكمل التقرير: في يوليو عام 1819 توفيت ابنه (توماس) وتم فتح المقبرة لوضع تابوتها فيه .. وكانت المقبرة هذه المرة تفوق سابقتها في حالة الفوضى، كانت التوابيت موزعة في أنحاء المقبرة بشكل مزر، والبعض الآخر متراص فوق بعضه وكأن أحدهم كان يلهو بها – وتذكر وزن التوابيت الثقيل – وكانت تابوت (توماس) هو أسوأهم حالاً على الإطلاق فقد وجد التابوت مفتوحاً وجثة (توماس) ملقاة خارجه كما لو لأن أحدهم حمل التابوت وألقاه بغضب وازدراء.
تفحص الرجال المقبرة علهم يجدون أي أثر يفيدهم، فلم يجدوا أثرا لقدم واحدة في المقبرة التي لم تُفتح منذ سنين، وكانت حالة الغبار الموزعة على الأرض تشي بهذا، هذا فضلاً عن حالة قفل باب المقبرة التي تؤكد أن أحداً لم يفتح هذا الباب منذ مدة طويلة، بعد هذه الحادثة انتشرت شائعات تقول بأن شبح (جيميس إليوت) قد عاد من موته ليشيع الفوضى والاضطراب في حياة الناس، كما كان يفعل في حياته، فقد كان كان (جيميس تشيس) قاسياً تميز بمعاملته الفظة مع من حوله، وميله الدائم إلى إشاعة الفوضى والاضطراب في حياة الناس بصورة مستفزة غير مبررة، وكأنه كان يكره أن يراهم على خير واستقرار، فكانت قسوته مثار ضرب للأمثال مع من حوله.
وواصل: كان هذا عاملاً من عوامل انتشار الشائعات في هذا الشأن، ولكن حاكم جزيرة باربادوس اللورد (كومبرمير) كان له رأي آخر بهذا الشأن، فهو بأن أيدي المخربين قد استطاعت الوصول إلى المقبرة بشكل أو بآخر عن طريق نفق مثلاً أو تقليد لنسخة المفتاح، ودعم رأيه هذا برأي عنصري متعلق بالزنوج وتعذيب (جيميس تشيس) لهم وأنهم ربما هم من قاموا بهذه الفعلة بغرض النيل والانتقام منه، وعلى هذا الأساس قام بحملة واسعة استجوب فيها تقريباً كل زنوج الجزيرة، ثم قام بالكشف عن أي أراض حول المقبرة أو من الممكن أن تصل إليها، ثم فتح المقبرة وقام بتنظيم التوابيت والعناية بها، وأشرف على غلقها ووضع بعض العلامات السرية الخاصة بعملية فتح قفل المقبرة، ثم في النهاية أغلق المقبرة وهو على ثقة تامة مما فعل وأن أحداً لن يستطيع خرق كل هذه القيود بطريقة نام على أثرها مرتاح البال.
واستطرد التقرير: في 18 أبريل عام 1820 وعلى نحو موثق بصورة رسمية وفي حضور اللورد (كومبرمير) والكاتب الشهير (تشارلز كنجزلي) لتسجيل الواقع، قام الحضور بفتح المقبرة لدفن إحدى موتى عائلة (تشيس)، وتأكد الحاكم قبل أن يفتح باب المقبرة من العلامات السرية التي قام بعملها، وأنبأته النباتات النامية حول المقبرة بأن أحداً لم يمس هذه المقبرة منذ أن وضع عليها علاماته الخاصة .. ثم فتحوا المقبرة .. وكانت المفاجأة، لقد كانت التوابيت في فوضى عارمة وغير طبيعية، ملقاة على جانبي المقبرة، وبعضها واقف كما الشخص الواقف مستنداً على الجدار، والبعض الآخر متراص فوق بعضه بطريقة صعبة جداً أن يقوم بها أحد إلا مجموعة من الرجال الأشداء مجتمعين. وصفها (كنجزل لي) بأنها كانت فوضى وقحة.وبعد أن قام اللورد (كومبرمير) والكاتب (كنجزلي) بفحص المقبرة جيداً حتى يتأكدا من عدم توافر الخداع أو التواطؤ، تبين لهما أن ما حدث للمقبرة لا يمكن تفسيره بصورة منطقية أو علمية، وزادت الشائعات المتعلقة بشبح (جيميس تشيس) بشكل أثار حفيظة الحاكم، فاتخذ قراراً صارماً ينهي هذه الحالة إلى الأبد، فقام باستخراج التوابيت من المقبرة وتم دفنها منفردة، ثم تم إغلاق المقبرة تماماً للأبد.
وأصبح المكان المرعب مزاراً سياحياً يأتي إليه الناس لمشاهدته، وكما هو موضح فإن هناك جانبا مفرغا من التوابيت ينزل إليه السائحون ”أصحاب القلوب القوية” لرؤية المكان عن قرب، والتقاط العديد من الصور التذكارية.