Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

«بينالي الشارقة».. سـاحــة لثقافات العالم

«بينالي الشارقة».. سـاحــة لثقافات العالم

الشارقة " المسلة " … في مبانٍ فنية صديقة للبيئة، بمنطقة التراث، في قلب الشارقة، انطلقت، أمس، فعاليات بينالي الشارقة الـ‬11 تحت شعار «نهوض.. نحو خارطة ثقافية جديدة»، بمشاركة ‬100 مبدع من الفنانين والمهندسين المعماريين والمخرجين والموسيقيين وفناني الأداء، الذين يمثلون ثقافات ‬41 بلداً، وتحاكي أعمالهم ثيمة البينالي «الفناء أو الساحة».

 

وافتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، البينالي، وتفقد سموه بحضور سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد نائب حاكم الشارقة، وسمو الشيخ عبدالله بن سالم القاسمي، نائب حاكم الشارقة، المعروضات في مختلف أقسام وأجنحة البينالي، التي ضمت كثيراً من الأعمال التشكيلية والفنية.

 

واستمع صاحب السمو حاكم الشارقة خلال الجولة لشرح من قيّم البينالي، الفنانة يوكو هاسيكاوا، قيّم متحف الفن المعاصر وأستاذة نظرية الفن في جامعة تاما للفنون في طوكيو، حول الأعمال المشاركة في البينالي، التي استلهمت من مفهوم الفناء أو الساحة في العمارة الإسلامية فضاء يحتضن ذاكرة الثقافة المحلية، ويسهم في إنتاج معرفة جديدة من خلال التبادل واللقاءات التي يستضيفها، وعلى وجه الخصوص الفناء والساحة التاريخية في الشارقة، حيث تتشابك عناصر من الحياة الخاصة والعامة وتتداخل «موضوعية» العالم السياسي مع الاستقراء الذاتي في فضاء من الاستقرار والعبور.

 

بيئة حاضنة:

على الرغم من الزخم الفني والثقافي الضخم الذي تحتضنه الشارقة على مدار العام، ممثلاً في ندوات وفعاليات ثقافية ومعارض تشكيلية، ومعرض للكتاب، وأمسيات مسرحية وموسيقية، إلا ان لبينالي الشارقة مذاقاً مميزاً، إذ نادراً ما يجتمع في حدث واحد ينظم كل عامين، كل الفنون والثقافات من جميع أنحاء العالم، سواء التشكيلية أو عروض الموسيقى أو الأفلام الاحترافية. ويتميز بينالي الشارقة، بالتجمع الفني الكبير لمبدعين من مختلف الثقافات، يعرضون تجاربهم الفنية في الشارقة، ويتبادلون الخبرات والنقاشات مع أقرانهم حول الحراك الفني، وما وصل إليه الفن المعاصر من مستويات، كل حسب توجهه وفكره.

 

ويعزز شعار البينالي «نهوض.. نحو خارطة ثقافية جديدة» اهتمام الشارقة بالثقافة والتربية والأنشطة الثقافية، بصنع بيئة مثالية لإنتاج الفن المعاصر، ولإشراك الجمهور في هذه الأنشطة في آن واحد، بحسب رئيس مؤسسة الشارقة للفنون، الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، التي أشارت الى أن الدورة الحالية من البينالي تجمع أطيافاً من الفنانين والمعماريين والموسيقيين، من الذين تطرقوا إلى قضايا الهوية والهجرة والتجارة والتأثير والطروحات الثقافية، مضيفة أن «الشارقة توفر بيئة غنية للنقاش بوصفها حاضنة لبيئة كبيرة من المهاجرين الذين أغنوا بتعددهم المشهد الثقافي المحلي، إذ يمكن أن نلحظ بعض آثار هذه التأثيرات في اللغة والمأكل وفي نواحٍ عدة من الحياة اليومية، لذلك نأمل أن تسهم هذه الدورة من البينالي في تشجيع المزيد من التفاعل وإلقاء الضوء على تشكل ثقافات جديدة».

 

تفاعل الجمهور:

 

من أبرز ما ميز انطلاقة بينالي الشارقة ويومه الأول، ذلك التفاعل بين الجمهور والفنانين المشاركين في هذا الحدث الضخم، أكثر من ‬100 فنان، إذ حرص جمهور كبير على الوجود من الساعات الأولى لافتتاح البينالي، ليحظى بفرصة مشاهدة الأعمال ومتابعة الفنانين الذين قدموا من مختلف دول العالم لعرض تجاربهم الفنية، خصوصاً أن هؤلاء الفنانين لديهم تجاربهم التي تستحق المتابعة عن قرب.

 

واختارت القيّم العام للبينالي، يوكو هاسيكاوا، الفنانين والمبدعين والمهندسين المعماريين والمخرجين والموسيقيين وفناني الأداء، الذين تحاكي أعمالهم ثيمة البينالي، وتنوع الثقافات والمجتمعات، والصلات المكانية والسياسية، والمفاهيم الجديدة لأشكال الحوار والتواصل والتبادل، والإنتاج من خلال الفن والممارسات المعمارية التي تعكس طرقاً جديدة من المعرفة والتفكير والشعور. ولعل ما يحسب لمؤسسة الشارقة للفنون، استغلالها للمساحات الواسعة في منطقة التراث لعرض الأعمال الفنية، التي يحتاج بعضها إلى مساحات شاسعة، نظراً لحجم تلك الأعمال التركيبية، إذ تمكنت المؤسسة من توزيع الأعمال على أربع مناطق رمزت لكل منها بلون، على سبيل المثال المنطقة الحمراء هي المساحات الجديدة التي استحدثتها المؤسسة، والمنطقة الخضراء هي ساحة الخط العربي، والمنطقة البرتقالية شارع البنوك، والمنطقة الزرقاء هي منطقة فنون الشويهين.

 

أعمال في بيوت:

 

في بيت حبيب شلواني عرضت الفنانة البرازيلية، لوسيا كوخ، لوحة مصنوعة من البوليستر الشفاف، ضمن إطار معدني أطلقت عليها اسم «تحول»، وهو عمل نفذ بتكليف من مؤسسة الشارقة للفنون، وتستكشف فيه كوخ الضوء المحيط بالأمكنة. ويعتمد العمل على تغطية الواجهات والمناور والنوافذ بأسطح مثقوبة، من مواد شفافة ومرشحات سينمائية. ويعد «تحول» عملاً تركيبياً يتلاعب مع الضوء الطبيعي في بيت حبيب شلواني، وهو منزل صغير يقع في منطقة الشارقة للتراث، وملحق بفناء واسع.

 

لوسيا كوخ غطت الفناء ببناء معدني مصنوع من ألواح ارتكاز من الفلاتر الملونة، وغالباً ما تُستعمل فلاتر «تصحيح اللون» هذه في الأفلام، لكنها هنا تصنع سينما من دون فيلم معتمد على شعاع الشمس الذي يتحول إلى طيف متجزأ من الألوان.

 

بينما يضم بيت خالد بن ابراهيم اليوسف، أعمالاً لستة فنانين، منها أعمال تركيبية و«فيديو آرت». وافترشت الفنانة النيجيرية، أوتوبونغ نكانغا، باحة البيت لتقدم العمل التركيبي «مذاق حَجَر»، الذي يجمع بين الصورة والأداء، ويقع «مذاق حجر» في فناء وغرفتين من البيت الذي يعد موقعاً تاريخياً في منطقة التراث بالشارقة.

 

وترى الفنانة النيجيرية أن كل العناصر الموجودة في الفناء عبارة عن مكونات لأداء، مثل لقاء مع صورة أو نبات أو حجر، لتصبح هناك بداية قصة حول تجربة شخصية، وتفكير متأنٍّ، وحوار قصير، وتأمُّل، إذ وضعت الفنانة ثماني صور فوتوغرافية مطبوعة على الحجر في ثمانية تجاويف داخل المنزل، بجوار قطعة من النسيج المغزول بعنوان «حكايات جوزة الكولا»، وهذه الصور الفوتوغرافية عبارة عن ذكريات مجزأة للفضاء الذي واجهته نكانغا خلال طفولتها في نيجيريا وغيرها من أماكن العالم، وتبدو خطوطاً معمارية متشابهة، على الرغم من تباعدها جغرافياً.

 

وفي البيت ذاته، عرضت الفنانة البحرينية، مروة رستم، مطبوعة ديجيتال على قماش، نُفذت بإنتاج من مؤسسة الشارقة للفنون. وترى رستم ان التكنولوجيا تزداد تعقيداً، إذ أوجدت الإنترنت لغة جديدة في الدول الناطقة بـ«العربية»، وبما أن كثيراً من التقنيات الجديدة صُممت لتعمل بالأحرف اللاتينية، فالأجيال الناشئة قامت بتطوير وسيلة جديدة للتواصل باستبدال الرموز العربية بأخرى لاتينية. وتجد رستم أن ثمة كلمات وعبارات إنجليزية بعينها صارت جزءاً من «العربية»، والهدف من وراء هذه اللغة «الأنجلو ـ عربية» لم يكن تغيير الأصل، لكن لأن الناس اعتادوها، وتجعل هذه اللغة الجديدة التواصل الرقمي أسهل، لذلك فإن سيطرتها المتزايدة على الأجيال الناشئة تهدد هويتهم الثقافية ولغتهم الأم.

 

صوت :

 

الفنان التركي، جيفدت إريك، المشارك في البينالي تمكن من تجميل الفِناء بأربع بقع صوتية ومظلة، هذا تحديداً عمله الفني، الذي عرض في ساحة بيت غلوم ابراهيم. وفي هذا العمل وضع إريك مكبرات صوتية رباعية الاتجاهات على الجدران المحيطة بساحة البيت، كل مكبر يصدر نمطاً صوتياً متكرراً عبارة عن طرق على فترات متقطّعة منتظمة ما يوجد مزيجاً مختلفاً من الإيقاعات، ووضعت المكبرات في منطقة جميلة تحت مظلة مركزية تشكل إيقاعاً لا تخطئه الأذن، وهو نسخة مختزلة من واحد من أشهر الإيقاعات الراقصة في العالم، وتعزف جميع الأصوات يدوياً، ما يعكس رغبة الفنان في الوصل بين «الجماليات السمعية» والجماليات البصرية المصنوعة يدوياً، ويُسمع صوت بشري أيضاً بين الفينة والأخرى، يهدف إلى إيصال رسالة تعمل نصاً خطياً في علاقة إيقاعية مع نقاط الطرق.

 

أما الفنان البلجيكي فرانسيس أليس فقدم عملاً مكوناً من فيديو رسومات ولوحات ومنحوتات وتركيب فوتوغرافي، بعنوان «لا تعبر الجسر قبل أن تدرك النهر»، ويجسد العمل مضيق جبل طارق الذي يفصل بين إفريقيا وأوروبا، ويطرح من خلاله تساؤلاً: هل إذا رحلت مجموعة من الأطفال من أوروبا باتجاه المغرب، ومجموعة أخرى من الأطفال من إفريقيا باتجاه إسبانيا، سيلتقي الصفان من الأطفال في الأفق؟ يتسم عمل أليس بالغرابة من خلال المكان الغريب الذي اختاره، والحبكة المكتوبة، والحدث الواقع في وقت حقيقي مع أشخاص حقيقيين، لاسيما أن كاميرات سجلت لقاء تخيلياً، إذ توجد قصة بالفعل، لكن من دون نهاية سعيدة.
 

المصدر : الامارات اليوم

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله