كوالالمبور.. حديقة مفتوحة تستقطب السياحة الخليجية
عند التفكير في السفر لقضاء إجازة عائلية في وجهة ترفيهية مناسبة لمختلف الأعمار، لا بد من وضع كوالالمبور في الحسبان لما تتمتع به من خيارات تجمع بين الإبهار ورخص الأسعار، وهي على مناخها الآسيوي المتقلب جاهزة لمفاجآت الطقس الذي يرسم معالمها كل مرة بمشهد يستحق التجربة، فمتى ما سطعت شمس العاصمة الماليزية تبرز جماليات الحدائق الكثيفة، فيسارع السياح إلى زيارة المرافق المفتوحة وعلى رأسها مسجد «بوتراجانا». ومتى ما غطت السحابة البيضاء الأجواء، تتحول الأنظار باتجاه البرجين التوأم، حيث مركز العلوم بما فيه من ثروة معرفية للأطفال ومتحف الأسماك الأقدم من نوعه على الإطلاق.
كوالالمبور "ادارة التحرير" …. يزداد اهتمام الأسواق الخليجية بالسفر إلى كوالالمبور عاماً بعد عام لما حققته هذه المدينة من سمعة طيبة في تقديم باقة منوعة من البرامج الترفيهية للسياح. ومع احترامها لمختلف المعتقدات التي تمارس على أرضها، يشعر ضيوفها المسلمون بارتياح تام مهما طالت إقامتهم على أرضها أو قصرت. سواء داخل الفنادق التي تراعي مطاعمها توفير المأكولات الحلال أو على مقاهي الأرصفة وفي المراكز التجارية التي تضم مصليات النساء والرجال. هذا وتنتشر المساجد في العاصمة الماليزية بكثرة عند كل شارع ومفرق وساحة.
البرجان التوأم
ولعل أول ما يجذب السائح في العاصمة الماليزية هما البرجان التوأم اللذان بنيا عام 1998 وظلا الأطول في العالم إلى حين بناء برج خليفة في دبي، الذي كسر الرقم القياسي لأطول الناطحات منذ تشييده عام 2009.
ويقع البرجان المعروفان باسم «بتروناس» في المثلث الذهبي للعاصمة الماليزية ويبلغ ارتفاعهما 452 متراً ويتألفان من 88 طابقاً دائرياً. والزوار الراغبون بالصعود إلى البرجين، يتوجب عليهم الانتظار لساعات قبل الحصول على تذاكر الدخول التي لا يباع منها إلا 800 تذكرة في اليوم. وفي وصف حي للتجربة التي تكشف معالم المدينة المخضوضرة نهاراً والمشعة ليلاً، فقد بني في الطابقين 41 و42 جسراً يصل بين البرجين طوله 58 متراً. وهو يشكل مرحلة الصعود الأولى للتمتع بمعالم كوالالمبور من فوق، ومن ثم التوجه من جديد إلى قمة البرجين المحاطة بالزجاج على مدار 360 درجة حسبما ذكرت جريدة "الاتحاد".
وأكثر من ذلك فإن زيارة «بتروناس» تحتاج إلى يوم كامل لتغطية مختلف أجزاء المرفق السياحي الأشهر في المدينة. وهناك لا بد من التجول داخل المركز التجاري الذي يقع في الطوابق الثمانية السفلية للبرجين ويضم أشهر الماركات العالمية، إضافة إلى مركز العلوم الذي تستغرق زيارته ساعتين. وتمثل المؤثرات الضوئية فيه والإيحاءات الصورية متعة للصغار والكبار، لا تخلو من الفائدة المعرفية المبحرة في تفاصيل اكتشافات الصخور والبترول والطبقات الأرضية وحتى قصص الديناصورات وبدايات فنون العمارة. وعند الفترة المسائية يحلو التنزه في الحديقة المحيطة التي تتوسطها نافورة عملاقة تقدم عروضها الملونة على أنغام الموسيقى في تركيبة تبهر النظر من أي موقع مطل على المشهد المائي الراقص.
وجهة مألوفة
ويتحدث نائب رئيس المبيعات لدى «حياة العالمية» في جنوب غربي آسيا تيري بيرتن، عن أهمية توفير مجموعة مميزة من الفنادق للزوار القادمين من منطقة الخليج العربي لما يتمتعون به من مرافق مرموقة في بلادهم، ويرى أنه من الجيد لدى التفكير في السفر إلى مدينة جديدة اختيار المنشأة السياحية التي يرتاح إليها السائح، معتبراً أنه مع افتتاح فندق جراند حياة كوالالمبور قبل 10 أشهر أصبح بمقدور رواده في منطقة الخليج ما بين دبي والدوحة ومسقط ممن يدركون نوعية الخدمات التي تقدمها المجموعة، أن يقصدوه خلال رحلتهم إلى العاصمة الماليزية. ويقول تيري بيرتن، إنه بالإضافة إلى مدينة كوالالمبور، تمتلك ماليزيا الكثير من مناطق الجذب السياحي التي جعلتها وجهة مألوفة ومحببة للمسافرين من الخليج العربي، وذلك بفضل مناخها الاستوائي المعتدل والمناظر الطبيعية الخلابة في مختلف أرجائها، فضلاً عن طبيعة شعبها المضياف.
وبالحديث عن التسهيلات الإضافية التي يتم تقديمها للسائح الخليجي، لا سيما من الإمارات التي تسير عدة رحلات في اليوم إلى العاصمة الماليزية، يتضح أن ضيوف الدولة يحظون هناك بمعاملة خاصة. ويورد مدير عام فندق جراند حياة – كوالالمبور روبير دالليمور أن التبادل التجاري ما بين البلدين زرع بذور التواصل الحضاري مع السياح من الجهتين.
وهذا برأيه ما يجعل من ماليزيا عموماً وجهة محببة للمسافرين من المنطقة، ولاسيما أنها تحمل الصبغة العائلية بامتياز. ويذكر روبير دالليمور أن ما يميز جراند حياة – كوالالمبور هو موقعه وسط المدينة وعلى بعد خطوات من المنطقة الترفيهية ومرافد التسوق الشعبية، ومركز كوالالمبور للمؤتمرات، ومناطق الجذب والاستقطاب السياحي، بما فيها ناطحة «بتروناس» التي تضم أطول برجين توأم في العالم.
رغبات السائح
من جهتها، توضح خبيرة العلاقات العامة لدى مجموعة حياة، آن لام أن الضيف القادم من الإمارات إلى كوالالمبور عبر مطاري أبوظبي أو دبي، يلمس رعاية استثنائية مصحوبة بدليل شخصي يرافقه منذ لحظة وصوله وحتى موعد المغادرة، وتقول إن إدارة الخدمات الشخصية في الفندق ومن منطلق معرفتها برغبات السائح وما يطمح إلى اكتشافه خلال عطلته، تعاونه على وضع أجندة مواعيد تلبي متطلباته ومن معه من أفراد الأسرة.
وتضيف أنه عند زيارة كوالالمبور يكون بإمكان الضيوف استكشاف التراث الثقافي الغني والرفاهية الحديثة للمدينة ليلاً ونهاراً. كما بإمكانهم الاستجمام وسط عالم من الضيافة الماليزية التي تشمل المرافق الحيوية المنوعة والأسواق التقليدية بمنتجاتها الشعبية ذات الجودة العالية بأسعار مناسبة. وتتحدث آن لام عن خصوصية الإقامة في جراند حياة كوالالمبور الذي يطل مباشرة على البرجين التوأم من كافة الغرف والأجنحة وعددها 412 وحدة ضيافة أصغرها بحجم 47 متراً مربعاً.
وتشير إلى سهولة التنقل من الفندق إلى المراكز التجارية المحيطة وأهمها «البافيليون» و»كونفشن سنتر»، وذلك عبر ممرات خارجية مغطاة ملاصقة للمباني بهندسة ذكية. وهي تصل بين الشوارع على اختلاف الاتجاهات حيث تنعدم الحاجة للسير على الطرقات واجتياز الإشارات الضوئية في عز الحر أو تحت المطر. ولمزيد من الخصوصية تذكر آن لام أن جراند حياة – كوالالمبور الذي يقع ضمن برج تجاري حديث، يبدأ من الطابق 17 حتى الطابق 38. وهو يتيح ردهة استقبال في جزئه العلوي مع مصاعد خاصة تضمن عدم إمكانية الوصول إلى الأجنحة إلا لحاملي بطاقات المفاتيح المشفرة.
فنون العمارة
وتكثر العناوين اللافتة التي يسأل عنها السياح في كوالامبور حيث يغلب طابع الرحلات العائلية، ويعتبر التنقل بين 4 إلى 5 وجهات ترفيهية في اليوم أمر عادي. وتشكل حديقة الحيوانات في العاصمة الماليزية موقعاً خلاباً يضم مئات الأصناف من الحيوانات النادرة. وتقدم هناك عروض الفيلة والأسود والطيور الرشيقة التي تسير أمام الجمهور على أسلاك رفيعة في مشهد لا يصدق للوهلة الأولى. وبالأهمية نفسها تطل محمية «بوكيت ناناس» التي تقع بمحاذاة منارة كوالالمبور الشهيرة، وتضم أشكالاً وأنواعاً من الزواحف والأفاعي الخطيرة، التي تعرض بطريقة فنية داخل أقفاص شفافة تتيح ليس فقط رؤيتها وإنما ملامستها أيضاً.
ومن هناك يمكن التوجه بسهولة إلى «ساحة الاستقلال» التي شهدت تحرر البلاد من الاستعمار البريطاني. والذي ترك بصمة واضحة على نكهة العيش في ماليزيا عموما بدءا من قوانين القيادة إلى أنظمة المعاملات الإدارية، وفيها يحضر تاريخ المدينة بوضوح، على امتداد الميدان الفسيح الذي يكشف قصر السلطان عبدالصمد بعدما تحول إلى معلم أثري يمكن الوصول إليه من محطة «بازار سيني».
وعند اختيار التعرف إلى أهم نماذج العمارة الإسلامية في ماليزيا، لا بد من التوجه إلى مسجد «بوتراجايا» الذي يقع على بعد نصف ساعة من وسط العاصمة كوالالمبور. وقد تم تشييده عام 1999 فوق الماء حيث يطل على بحيرة اصطناعية كاشفة. والمسجد بما يحوطه من مرافق للتنزه والاستجمام، يعتبر أحد أهم المزارات السياحية في المدينة. وهو يظهر متباهياً بمنارته روعة الفنون الإسلامية وسط فناء يتسع لأكثر من 15 ألف مصل. ويتميز بقببه الملونة والمزخرفة بالورود، حيث يقع ضمن منطقة سياسية تضم المباني الحكومية والسفارات. ويتألف من 3 مناطق رئيسية منها الحرم والعمود والفناء، ثم الغرف المخصصة للتعليم.
الحي الصيني
وتبقى للتسوق في العاصمة الماليزية حصة الأسد، حيث يتوافد الزوار إلى المراكز التجارية سائلين تارة عن أفضل ما فيها، وتارة أخرى عن أرخص الأسعار بالنسبة للسلع المحلية. ويشتهر في كوالالمبور الحي الصيني الذي تتوزع عند أطرافه المحال على أرصفة العرض، وفيها كل ما يخطر في البال من منتجات جلدية وأكسسوارات وأحذية وملابس بأسعار زهيدة جداً.
وهناك لابد من المجادلة وعدم الدفع بحسب أول مبلغ يطلبه التاجر، لأن الأمر قد ينتهي بأقل من 5 دقائق ليصل إلى ما يزيد عن خصم 75%. ومع ذلك فإن الحذر مطلوب هناك، حيث ينصح الماليزيون الزوار بعدم الشراء من الحي الصيني على اعتبار أنه يضارب على تجارهم المحليين، ويعزون الأمر إلى عمليات غش وسرقة قد تعترض المتسوقين.
شارع العرب
يتميز شارع العرب في كوالالمبور بموقعه وسط المدينة، على كتف المركز التجاري الأشهر مجمع «البافيليون». وعلى بعد 5 دقائق سيراً على الأقدام من البرجين التوأم «بتروناس» عبر الممر المغطى الممتد من «كونفنشن سنتر» المحازي لفندق جراند حياة. وهو مقصد للجاليات القادمة من المنطقة حيث تنتشر المطاعم الخليجية والعراقية واللبنانية، وتحمل الكثير من المحلات عناوين مكتوبة بالعربية.
المثلث الذهبي
تشتهر في كوالالمبور منطقة المثلث الذهبي التي يطلق عليها باللهجة المحلية اسم «بوكيت بنتانج»، أي المرتفع المليئ بالنجوم. وهي على أهميتها، تضم أشهر العلامات الفندقية ومنشآت الضيافة ومعالم الجذب السياحي، إضافة إلى أهم 5 مراكز تجارية في العاصمة الماليزية. وهي: «بيبي بلازا»، سونجاي وانج»، «لوت تن»، مجمع «البافيليون» و»التايمز سكوير».
120 ألف زائر
وفقاً لمنظمة التجارة العالمية، فقد سافر أكثر من 100 ألف مقيم في الخليج إلى كوالالمبور عام 2011، ووصل العدد إلى ذروته محققا أكثر من 120 ألف زائر مع نهاية عام 2012. ويعود الإقبال المتزايد على العاصمة الماليزية إلى كونها منتجعا مفتوحا لخيارات الترفيه العائلي.