كيف نسترد آثارنا المنهوبة؟
خلص خبراء في ندوة حول بناء القدرات بشأن مكافحة الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية بالعاصمة العُمانية مسقط إلى أن الأطر القانونية الدولية غير كافية لاسترداد المقتنيات الثقافية التي خرجت من أوطانها قبل العام 1970, وأنه لا بد من إعمال وسائل أخرى بينها الدبلوماسية لبلوغ ذلك.
ونظمت الندوة التي تختتم الثلاثاء وزارة التراث والثقافة العمانية بالتعاون مع اليونسكو. وأشار الخبراء إلى أن أقدم إطار قانوني عالمي بهذ الشأن هو اتفاقية اليونسكو الصادرة عام 1970 عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر استيراد أو تصدير أو نقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، في حين أن غالبية الآثار العالمية المنهوبة كانت قبل التاريخ المذكور.
غير أنهم أكدوا على نجاعة الاتفاقية كقاعدة يؤسس عليها في مكافحة الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية ما بعد السبعينيات التي شهدت أيضا اهتماما عالميا نتج عنه إبرام اتفاقيات متعددة الأطراف. ومن تلك الاتفاقيات, اتفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص (يونيدروا) للعام 1995 بشأن الممتلكات الثقافية المسروقة أو المصدرة بطرق غير مشروعة، واتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه للعام 2001، واتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي للعام 2003، واتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي للعام 2005 وغيرها.
نماذج ناجحة :
وعن فرص استرداد الممتلكات العربية والإسلامية المنهوبة في فترة الاحتلال الغربي للمنطقة وبعدها, قال ممثل اليونسكو إدوارد بلانش للجزيرة نت إن التفاوض والدبلوماسية وقواعد وإجراءات اليونسكو الخاصة بالوساطة والمصالحة هي السبيل المثلى, خاصة أن إجراءات الاسترداد تتطلب مؤيدات بأن الآثار المتنازع عليها مملوكة للدولة المعنية.
وأورد بلانش نماذج من مفاوضات ووساطات نجحت في استرداد مقتنيات تعود لدول مثل تركيا التي تمكنت عام 2011 من استرجاع قطعتين من تمثال "أبو الهول بوقاس التركي" أخذتا من تركيا في عشرينيات القرن الماضي لدراستهما بألمانيا, وأعيد جزء منهما, وفشلت تركيا في استعادة الباقي بالطرق القانونية. وبشأن آثار ما بعد السبعينيات, قال بلانش إن تنزانيا استعادت أقنعة أثرية وتماثيل سرقت من متحفها الوطني عام 1984, وبيعت لمتحف خاص بسويسرا فصعدت تنزانيا القضية لليونسكو مما مكّنها من استرجاع مقتنياتها عام 2010.
ووصف ممثل اليونسكو بالكارثة النهب الذي تعرض له المتحف الوطني العراقي أثناء الغزو الأميركي. وقال إنه كان هناك 15 ألف قطعة أثرية عراقية مفقودة, لكن العراق استعاد ثلثها بعدما تبنى مجلس الأمن الدولي في أغسطس/آب الماضي قرارا يمنع بيع وشراء الآثار العراقية.
معوقات :
وعن معوقات استرداد المقتنيات الثقافية العربية والإسلامية في الخارج, أوضح مدير مشروع المتحف الوطني العماني جمال بن حسن الموسوي أن استعادة أي دولة آثارها المفقودة أو المنهوبة يحتاج إلى سياسات تشريعية وتنفيذية تساعد الجهات المعنية باسترداد مقتنياتها للتفاوض مع الجهات المعنية كالمتاحف الأجنبية وغيرها. وقال إن عدم وجود أنظمة راسخة لإدارة الممتلكات الثقافية لدى الدول المطالبة باسترداد مقتنياتها, وضعف تدريب الكوادر المختصة, وعدم تكاملية الأطر القانونية لتلك الدول, يعد من معوقات جهود استعادة آثارها.
بدوره, رأى رافيل روج مراقب البرامج بالمجلس الدولي للمتاحف بباريس أن الجانب القانوني لا يمكن أخذه في الاعتبار وحده في كثير من المطالبات، بل ينبغي مراعاة تعقيدات أخرى, خاصة إذا مضت أكثر من خمسين عاما على القطعة الأثرية المعنية في متحف ما بالخارج. وقال إنه في هذه الحالة يكون المتحف المعني قد ترسخت لديه قناعة بأن تلك القطعة أصبحت جزءا من المكون الثقافي لبلده وهي من مقتنياته الثقافية الوطنية, ويصعب التخلي عنها.
المصدر : الجيران