شركة طيران الشرق الأوسط تتطلع إلى سماوات أكثر صفاء
بيروت "ادارة التحرير …. تشغيل شركة طيران هو في الغالب عمل كثير الصعوبات، لكن قليلة هي الشركات التي واجهت رياحا عكسية كالتي تواجه شركة طيران الشرق الأوسط، الناقل الوطني اللبناني.
فبعد المرور بفترة عسيرة إبان الحرب الأهلية، والحصول على دعم من البنك المركزي، وإجراء إعادة هيكلة، والتعرض لاعتداء إسرائيلي، تقول الشركة الآن إنها تتجه نحو فترة أكثر سلاسة.
إن إعادة الهيكلة إلى جانب خبرة الشركة في الأوقات الصعبة تركتها في وضع جيد لتحمل الاضطرابات بشكل أكثر، كما ذكر محمد الحوت، رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة طيران الشرق الأوسط.
واستطرد قائلاً: لقد حققنا أرباحاً مالية حتى في أصعب الأوقات، كما هي الحال عندما تم اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء السابق عام 2005 والقصف الإسرائيلي عام 2006، وأضاف: "خضعت أرباحنا المالية للاختبار من قبل هذه الأحداث ولكننا واصلنا تحقيقها.
وفي الواقع، بعد تحويل أرباح متواضعة لأول مرة بصاف بلغ ثلاثة ملايين دولار عام 2002، زاد خط الاحتياط إلى ذروة قدرها 107 ملايين دولار عام 2009، وساعد على ذلك الشعور الإيجابي الناجم عن اتفاق الدوحة عام 2008، الذي أنهى أزمة سياسية داخلية وعمل على انخفاض أسعار الوقود.
ومع ذلك، فإن الشركة تدفع ضريبة تلك الاضطرابات الأخيرة التي شهدها العالم العربي – لا سيما الحرب الأهلية في سوريا – إذ انخفض صافي الربح بنسبة بلغت 24 في المائة حيث وصل إلى 63 مليون دولار العام الماضي ولكن الأرباح التشغيلية الفعلية انخفضت بأكثر من النصف حيث بلغت 40 مليون دولار عام 2011، على الرغم من أن العدد الإجمالي للركاب حقق أرقاماً قياسية، إذ وصل إلى 2.1 مليون راكب.
ويأمل الحوت في نتائج مماثلة هذا العام، ولكنه يعترف بأن الصراع السوري له وزنه على الأعمال التجارية، حيث امتد الاضطراب السياسي في سورية فوصل لبنان، حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي سيكون نحو 2 في المائة عام 2012، مقارنة بمتوسط النمو السنوي الذي يقدر بـ 8.1 في المائة بين عامي 2007 و2010.
وقد أسست شركة طيران الشرق الأوسط عام 1945، عندما كانت بيروت تُعرف باسم "باريس الشرق الأوسط" ولكن الشركة تعرضت لخسائر كبيرة خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت بين عامي 1975 و1990، وجلب السلام تحسناً يُذكر، وبحلول نهاية عام 1996 كان على البنك المركزي إنقاذ وإعادة هيكلة الشركة، بعد أن تكبدت خسائر بلغت أكثر من 500 مليون دولار بين عامي 1981 و1997.
في الوقت الذي "يستخدم فيه التوترات" لعدد كبير من مجتمع المغتربين اللبنانيين، حفاظهم على زيارة وطنهم، زادت تعاقدات التيارات الحيوية من السياح الأثرياء من دول الخليج بنسبة بلغت أكثر من الثلث، هذا بحسب تقديرات الحوت.
واعترف قائلاً: "لا أتوقع أن تشهد مزيداً من التدهور كما لا أعتقد أنها ستتحسن". وأضاف: "فقدت كمية كبيرة من المال ولكننا ما زلنا نحقق أرباحا مقبولة".
ومع هذا تأمل شركة الطيران في الحفاظ على سياسة توزيع الأرباح العائدة التي تبلغ دولارا واحدا لكل سهم هذا العام إذا بدأت الأرباح في المزيد من التراجع، فستكون لدى الشركة على الأقل ميزانية مناسبة للعودة مرة أخرى. ويقول الحوت: "دائماً ما تبقي شركات الطيران على 300 مليون دولار من النقد – الذي يساوي نحو نصف تكاليف التشغيل السنوية – تحت تصرفها كمبلغ أمان". وأضاف قائلاً: "نحن نعيش في جوار مضطرب، لذلك نحن نعرف أن وجود مبالغ نقدية أمر مهم".
كما تتعرض الشركة لضغوط من منافسيها الأقل تكلفة، حيث أضافت كل من شركة طيران دبي والعربية للطيران التي يوجد مقرها في الشارقة العديد من الرحلات الجوية الرخيصة إلى بيروت، ونتيجة لذلك استحوذتا على حصة السوق، ولكن على الرغم من أن شركة طيران الشرق الأوسط تصف نفسها بأنها شركة الطيران الأكثر ترفاً، إلا أن المنافسة خفضت العائد من رحلة الدرجة السياحية بنسبة 25 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية، وعملت على تآكل بعض أرباح الناقل اللبناني.
وتدرس الشركة ما إذا كانت ستنشئ خطا جويا منخفض التكلفة للتنافس مع منافسيها الأقل تكلفة. ويتوقع الحوت، وهو مسؤول سابق في البنك المركزي، أن يتم التصويت على دراسة جدوى من قِبَل المجلس العام المقبل.
وبغض النظر عما يخلص إليه التقرير، فإن الشركة تتطلع إلى توسيع أسطولها المكون من 18 طائرة، حيث وقعت في هذا الصيف على مذكرة تفاهم مع شركة إيرباص لشراء عشر طائرات جديدة: خمس طائرات من طراز A320 وخمس طائرات من طراز A321s.
كما تدرس إضافة وجهات جديدة إلى شبكتها. والعراق على وجه الخصوص هو المكان الجذاب حالياً، وتتوجه شركة طيران الشرق الأوسط بالفعل إلى بغداد وأربيل ولكنها تدرس طرقا للوصول إلى البصرة والنجف. كما أن السودان وروسيا وجهتان أخريان محتملتان، ولكن قضايا التأشيرات الخاصة باللبنانيين في البلد الأخير تُعد هي الإشكالية، حسبما جاء على لسان الحوت.
وعلى مدى أطول، فإن شركة طيران الشرق الأوسط تأمل أن تصبح شركة مساهمة عامة، وذلك بإدراج الأسهم في بورصة بيروت وبورصة دولية التى على الأرجح ستكون لندن.
لقد حرص البنك المركزي لفترة طويلة على خفض حصته في شركة الطيران، إذ يمتلك مصرف لبنان أكثر من 99 في المائة، ولكن تم تأجيل طرح أسهم للاكتتاب العام بسبب توالي الأزمات التي يواجهها لبنان.
وفي الآونة الأخيرة، أجبرت الأزمة المالية العالمية شركة طيران الشرق الأوسط أوائل عام 2009 على التخلي عن خطط لإدراج 25 في المائة من أسهمها. وواصلت بورصة بيروت تعاملها مع الأوضاع دون إحراز تقدم منذ ذلك الحين، كما أن القيمة السوقية البالغة 12 مليار دولار تمثل ما يقرب من نصف الذروة قبل الأزمة. ولم تساعد الاضطرابات في سورية هذا العام على ذلك، إذ أسهمت في خسارة البورصة البالغة 3 في المائة لعام 2012، كما أن أحجام التداول ما زالت غير واضحة المعالم.
ومع ذلك، يقول الحوت ل الاقتصادية إن تعويم الشركة في سوق الأسهم ما زال قائماً في نهاية المطاف: "قال مستثمرونا من المصرفيين ليس هذا هو الوقت المناسب". وأضاف: "لكننا نراقب السوق عن كثب".
وتابع الحوت: "تعرضت قدرتنا على جني أرباح جراء تلك الأحداث، ولكننا واصلنا تحقيقها".