Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

القطاع في حالة ترقّب والتهويل من خسارة تبلغ 7 مليارات دولار

 

هل تقاوم المازة وباء السياحة؟

القطاع في حالة ترقّب والتهويل من خسارة تبلغ 7 مليارات دولار

 

بيروت "المسلة" … بالكاد تجاوز عدد السياح الذين تدفّقوا إلى لبنان عتبة مليون شخص حتّى بداية الخريف. أداء ضعيف يضغط على المؤسسات العاملة في القطاع، إلى درجة الانسحاب من السوق. البعض يروّج أن موجة إقفال المؤسسات السياحية ستتحوّل وباءً، لكن ما مدى صحّة هذا الأمر؟

حسن شقراني –
المؤشرات السياحية مقلقة فعلاً. الفاعلون في القطاع يتحدّثون عن تراجع الأعمال بنسبة 50%. الأسباب تعود بالدرجة الأولى إلى الأوضاع الأمنية المتردية التي سادت أخيراً، وإلى الصراع المتدفّق إلى لبنان عبر حبل السرّة بين بيروت ودمشق. لهذا الوضع تداعيات خطيرة على تشغيل المؤسسات السياحية المختلفة – فنادق، نواد ليلية، مقاه ومطاعم – بل على الاقتصاد ككلّ.

فمساهمة قطاع السياحة والسفر في الاقتصاد تبلغ 37% من الناتج؛ أي إنّ المؤسسات العاملة في القطاع تولّد 15 مليار دولار تقريباً في السنة، وهي مسؤولة عن توظيف نحو 40% من القوى العاملة، وفقاً لبيانات مجلس السياحة والسفر العالمي.

وإذا صحّت تقديرات المؤسسات السياحية فإنّ الخسارة هذا العام ستكون 7 مليارات دولار.
أبرز الدلائل على الضعف المذكور ما سُجّل خلال الفترة الأخيرة من تراجع لعمل المؤسسات السياحية، حتّى وصل أحد عمالقتها إلى إغلاق الأبواب كلياً: «Buddha Bar» صفّى أعماله ومعها طارت 200 وظيفة.

أوساط النقابيين في القطاع توضح أنّ معدّل الأعمال تراجع إلى النصف تقريباً. أحدهم تحوّل من مهنة الفندقية، التي امتدّت 17 عاماً (Maitre D›hotel) إلى بيع الحبوب بالتجزئة! فيما تعمد بعض المؤسسات السياحية إلى فرض معادلات ضغط على عمّالها بنتيجة الضغط المالي التي تعانيه: إحداها قلّصت رواتب عمالها إلى 20 يوم عمل فقط. مؤسّسات أخرى لا تطبق زيادة غلاء المعيشة تحت شعار «إذا لم يعجبك فارحل»،

لكن هل أوضاع القطاع السياحي قاتمة إلى هذا الحدّ؟
يأتي الجواب مباشرة من الحالة التي عاشها لبنان خلال اليومين الماضيين. فقد سرت شائعة بأنّ أحد أهمّ الفنادق في لبنان، «Metropolitan»، يعاني من جراء تدهور الأعمال وينوي الإقفال. خبر كهذا له وقع الصاعقة ليس سياحياً فقط، بل بالمعنى الاقتصادي الشامل أيضاً. فهذا الفندق تابع لمجموعة «Hilton» الشهيرة التي تملك 540 فندقاً في 78 بلداً، وهو أساساً في المحفظة التشغيليّة لمجموعة «الحبتور»، التي تشغل أيضاً «Habtoor Grand» الملاصق للأوّل.

لكن قبل أن تضرب الصاعقة تبيّن أنّ الخبر كاذب، فالفندق لم يُقفل، بل شدّد القيّمون عليه أمس على أنّهم مستمرّون في العمل، بل إنّهم سيسعون إلى ضخّ استثمارات جديدة. (لتأكيد أهمية الخبر عقد وزير السياحة، فادي عبود، مؤتمراً صحافياً خاصاً في مركز الفندق).

«رغم تباطؤ الأعمال على نحو ملحوظ، الفندق مستمرّ في الزخم الاستثماري، وقد بلغ معدّل الإشغال فيه خلال شهر تشرين الأوّل نسبة 52%» أوضح الوزير لـ«الأخبار».

«هناك أكاذيب كثيرة يجري ترويجها خلال الآونة الأخيرة، ومنها قضية Metropolitan، ويُفاجَأ المرء بنسبة التشويه، إذ قيل إنّ عدد موظفي هذا الفندق 1500 موظّف، وفي الحقيقة لا يتجاوز 400!».

لا ينفي الوزير أنّ المؤسسات المختلفة تعاني من جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية، غير أنّه يضع النقاش في إطاره الأوسع: لا تنسَ أنّ دمشق لا تبعد سوى 100 كيلومتر فقط عن بيروت، والوضع الإقليمي دقيق جداً.

وفي الحقيقة خسر لبنان 300 ألف سائح فقط عبر البرّ هذا العام، فضلاً عن تراجع أعداد السياح عبر الجوّ. وبحسب آخر إحصاءات وزارة السياحة، تراجع عدد السياح الوافدين إلى لبنان بنسبة 15% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، وبلغ 1.086 مليون شخص. ومن غير المتوقع أبداً أن تُسجّل فورة في هذا الخريف، والمرحلة الباقية من العام.

في أيلول وحده تراجع عدد السياح بنسبة 33.3%، بعد مجموعة من التحذيرات التي أطلقتها البلدان الخليجية – وهي مصدر أساسي للسياحة اللبنانية – إضافة إلى زيادة حدة التوتر القائم في البلاد، على خلفية الانقسام السياسي التقليدي والمتفجّر مع احتدام النزاع في سوريا. (يُشار هنا إلى أنّ البيانات المذكورة لا تشمل السوريّين الذين تدفّقوا بمئات الآلاف هذا العام، وإن كان معظمهم نازحين). «صحيح أنّ هناك تراجعاً غير أنّه يبقى مقبولاً مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع السائدة» يشرح فادي عبّود. «حتّى تحليل إقفال بعض المؤسسات السياحية أبوابها يجب أنّ يكون من المنظور التجاري، كما يحصل في مختلف المدن التي تضجّ بالحياة الليلية: في لندن مثلاً تُقفل عشرات المؤسسات وتُفتح غيرها في موسم واحد».

وفي حالة «Buddah Bar» مثلاً، يجب ألا يغيب عن التحليل أنّ هذا النادي الليلي الشهير يُسدّد كلفة إيجار هائلة في منطقة سوليدير، تراوح بين 1200 دولار و1500 دولار للمتر المربع الواحد سنوياً! وفي الوقت نفسه يُنافس هذا الأخطبوط العقاري المستأجرين عنده عبر المرافق السياحية المختلفة التي تتمتع بأفضليات على غيرها، مثل تلك الموجودة في «Zaitounay Bay» (!).

وفي إطار حركة السوق، علمت «الأخبار» أخيراً أنّ أحد الصناديق الاستثمارية العربية الكبرى العاملة في لبنان يُعدّ لافتتاح سلسلة مطاعم – مطبخ لبناني – بين الدامور وجونيه بكلفة تفوق 5 ملايين دولار. يعتقد القيمون عليه أن «المازة تبقى صامدة رغم جميع الظروف».
انطلاقاً من هذه الصورة، يبدو القطاع السياحي في مرحلة ترقّب. مرحلة لا يغيب عنها الاستغلال السياسي، إذ يبدو أنّ هناك «ماكينة إعلامية تضخّ يومياً دعاية: لا تأتوا إلى لبنان». يختم فادي عبود.
 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله