Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

السياحة «المستدامة».. أحدث صيحة سياحية

 

تسميات كثيرة تواكب السائح العصري

السياحة «المستدامة».. أحدث صيحة سياحية

لندن  "المسلة" … هناك كثير من الأسماء والأوصاف التي تطلق على هذا النوع من السياحة، مثل السياحة البيئية والسياحة المسؤولة، ولكن السياحة «المستدامة» (Sustainable) هي أفضلها؛ لأنها تعني تماما ما يهدف إليه هذا النوع من السياحة. فهي سياحة تضمن المحافظة على قدرة المجتمعات المحلية على استمرارها والاستفادة منها، وتضمن في الوقت نفسه استمتاع السائح ببيئة متجددة ونظيفة لا تنهار بعد حين بسبب استنزاف الموارد أو احتكار فوائد السياحة لفئات محدودة دون أخرى.

 

كثير من السياح، خصوصا من الدول الغربية، يدخلون الآن في اعتبارهم نواحي «الاستدامة» في وجهات سفرهم ويرفضون الذهاب إلى وجهات من شأنها التأثير السلبي على البيئة أو على أهل المنطقة. ويضع هؤلاء بعض المعايير لوجهات السفر، التي يمكن أن يستفيد منها غيرهم في عطلات المستقبل بحيث يسهم إنفاقهم السياحي في تعميم الفوائد على المجتمعات التي يزرونها. ويذهب هؤلاء إلى أبعد من اختيار الفنادق التي تعلق لافتات تقول إنها تحافظ على البيئة وتقتصد في الموارد. وقبل اختيار وجهات السفر يسأل هذا النوع من السياح أسئلة تحدد وجهات السفر المرغوبة وتلك التي يجب تجنبها.

 

الجانب الأهم في وجهات السياحة العصرية هو تضمنها عنصر الحفاظ على البيئة. والتوجه إلى رحلات سفاري أو غوص تتضمن عناصر حفاظ على البيئة سواء في أفريقيا أو جهات أخرى تحظى بإقبال أعلى من غيرها. في كينيا مثلا هناك منتجعات لرحلات السفاري تدفع أجورا للقبائل المحلية للامتناع عن صيد الأفيال من أجل قرونها، وتقنع أهالي المناطق الاستوائية بأن الحفاظ على البيئة المتجددة في الغابات من أجل رحلات السفاري أفضل لهم على المدى البعيد من صيد الأفيال. وعلى النمط نفسه توجه الجزر الشمالية في مجموعة جزر سيشيل جهودها للحفاظ على ثروة الأشجار والطيور المستوطنة من أجل خدمة السياحة في المنطقة. وحتى في إندونيسيا، يعد منتجع «ميسول إيكو ريسورت» من أنجح المنتجعات لأنه أعلن مساحة 1200 كيلومتر مربع بحري محمية طبيعية بالتعاون مع المجتمعات المحلية لتوفير الأحياء البحرية لأغراض الغوص من ناحية، وتحديد مواقع محددة لصيد الأسماك للصيادين المحليين. وفي المنطقة المحمية تتمتع حتى أسماك القرش بالحماية الكاملة وتنظم رحلات للسياحة لمشاهدتها.

 

من جوانب السياحة «المستدامة» أيضا، مدى استفادة المجتمعات المحلية منها. فالسياحة يمكن أن يكون لها آثار ضارة على المجتمعات المحلية، وأسوأ حالة مسجلة هي لسكان جزر أندامان، وهي قبائل اسمها جراوا، تم إجبارهم على الرقص أمام السياح من أجل طعامهم. وهناك الآن حملات في أوروبا لمنع زيارات هذه الجزر حتى ينتهي هذا الأسلوب المهين لاستغلال أهلها. ولا تجدي أيضا عمليات التبرعات الخيرية التي تقوم بها شركات السياحة أحيانا لذر الرماد في العيون، فلا تعدو كونها مناسبات لالتقاط الصور، ولا تغير من طبيعة الفقر في مناطق سياحية كثيرة.
 

 

ومن أنجح نماذج استفادة الأهالي من السياحة مشروع «ناكويشي» على بحيرة نياسا في موزمبيق حيث تستفيد قبائل المنطقة من المشروع بشكل جماعي بعد تسجيل الأرض وتكوين جمعية تمثلهم، تشرف على منافذ بيع الهدايا وعلى الصناعات اليدوية المحلية التي تباع للسياح. ويعمل أكثر من 50 شخصا من المنطقة في المشروع السياحي الذي حقق حتى الآن افتتاح 10 مدارس في المنطقة.

 

من العوامل المهمة أيضا نسبة إفراز العادم أو التلوث الهوائي الصادر من النشاط السياحي. وكلما تقلص هذا الإفراز كان ذلك أفضل للمجتمعات المحلية. ولعل أكثر جوانب السياحة تلويثا للبيئة هو مجال الطيران للذهاب إلى الوجهات السياحية. وتقدم كثير من شركات السياحة والطيران فرصة تعويض إفرازات الكربون بتكلفة إضافية تستثمر في مشاريع طاقة متجددة من أجل إلغاء التأثير الكربوني الضار، ولو نظريا، الناتج عن رحلات الطيران السياحي.

 

ومن ناحية أخرى يزداد الاهتمام بالمنتجعات التي تعتمد على الموارد المتجددة، وتقتصد في استهلاك الموارد من خلال التصميم والإدارة الجيدين. وفي كثير من المنتجعات الأوروبية يتم تسخين المياه بالطاقة الشمسية، كما لا يحتاج تصميم الفيلات الصيفية إلى تكييف هواء بفضل مرور تيارات هوائية داخلها. ويشجع البعض الاقتصاد في الذهاب إلى رحلات بعيدة المدى والاكتفاء باستكشاف المنتجعات المحلية. وإذا كانت هذه المنتجعات تطبق سياسات بيئية جيدة، فإن هذا يعد من أفضل أنواع السياحة على الإطلاق.

 

لا بد للسائح قبل أن يختار هداياه ووجباته في الفنادق والمطاعم من مصادر محلية. فالفائدة التي تعمم على المجتمعات المحلية من هذه الأنشطة أفضل بكثير من استيراد المأكولات والهدايا من وجهات أخرى. وترى بعض المنتجعات فوائد متعددة في الاعتماد على مصادر الغذاء المحلية، فهي مصادر طبيعية من ناحية وتصل للمستهلك طازجة وتعود بالفوائد على المجتمع المحلي. ويعم استخدام المواد المحلية على كافة لوازم السياحة الأخرى من مواد بناء الفنادق إلى الموبيليات والمفروشات.

 

الحفاظ على موارد المياه أيضا من الجوانب الحيوية في السياحة المستدامة، خصوصا أن المتغيرات المناخية قلصت من موارد المياه في كثير من المناطق. ومن الخطأ أن يحرم الأهالي من المياه لكي يستمتع بها السياح في حمامات سباحة كبيرة. وتحاول وجهات السياحة المستدامة ألا يكون لاستهلاك المياه فيها أي انعكاس سلبي على المجتمعات المحلية من خلال إعادة تدوير المياه وترشيد استخدامها. وتهدف وجهات السياحة أيضا إلى تدوير النفايات بحيث لا تتضرر البيئة المحلية، سواء كانت أرضية أو بحرية، من نفايات يكون مصدرها النشاط السياحي.

 

وهناك كثير من المنظمات السياحية التي تهدف إلى الحفاظ على البيئة وتنظم مسابقات وجوائز سنوية للوجهات السياحية الأفضل من ناحية الاستدامة. ومن المتوقع أن ينتقل هذا الوعي البيئي تدريجيا إلى مناطق السياحة العربية، وهو متاح بالفعل ولكن في القليل من المنتجعات العربية.
السيناريو الأسوأ: وصف أحد الخبراء السيناريو الأسوأ لفندق له انعكاس سلبي على البيئة، وقال إنه فندق وهمي يجمع فيه أسوأ تعامل مع البيئة.

 

ومع ذلك قد يتعرف البعض على فنادق من هذه النوعية ما زالت تعمل في خدمة السياح في أرجاء العالم. هذا الفندق النظري يتم بناؤه وفرشه بمواد وتجهيزات غير محلية نقلت إليه بالطائرات. ولزيادة الاهتمام بالنزلاء يتم حفر نفق بحري خلال الشعاب المرجانية وتركيب أضواء ليلية عليها كما يتم قطع الأشجار على الساحل من أجل تكوين شاطئ رملي للاستحمام. كما يتم إحضار الطيور المغردة في أقفاص من أجل استمتاع الضيوف.

 

الطعام والشراب في هذا الفندق الخيالي يجري استيرادها من الخارج بالطائرات أو الشاحنات، كما يتم التخلص من النفايات بدفنها في الأرض. وبالطبع فإن الفندق مكيف الهواء بالكامل، لأن تصميمه لم يأخذ في الاعتبار الطقس المحلي. أما الطاقة المستخدمة في التكييف والتسخين فتأتي كلها من مصادر بترولية، ويسرف الفندق في استهلاك المياه لحمامات السباحة وملاعب الغولف، مما قد يتسبب في قطع المياه عن قرى قريبة.

 

كل من يعملون في هذا الفندق هم من الأجانب، وليس من بينهم شخص محلي واحد. ولكن الفندق يعلق طلبا لضيوفه في الغرف من أجل إعادة استخدام المناشف من أجل الحفاظ على البيئة! مثل هذا الفندق لا يوجد له مثيل ولكن هناك كثير من الجوانب المعهودة التي يجدها السائح أو المسافر في كثير من فنادق العالم حاليا. والنصيحة هي: عندما تجد مثل هذا الفندق ابحث لك عن فندق آخر.
 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله