البترا.. بيركهاردت لم يعيد اكتشاف المدينة لكنه قدمها للعالم الغربي
البترا " المسلة " … تحتفل البترا اليوم بالذكرى المئوية الثانية لقدوم الرحالة السويسري جوهان لودفيج بيركهاردت للمدينة (عام 1812) واكتشافها، في وقت يؤكد به مختصون أن بيركهاردت لم يكتشف البترا وإنما قام بإشهارها في العالم الغربي.
وتمكن بيركهاردت من دخول المنطقة الأثرية بعد أن تعلم اللغة العربية وجاء إلى البترا وهو متنكر بزي عربي وقام بالمبيت في وسط وادي موسى (قرية ألجي السياحية حاليا) بحجة تقديم أضحية للنبي هارون الذي يعتقد بوجود مقامه على قمة جبل بالبترا، حتى سمح له السكان المحليون بالدخول إلى البترا الأثرية برفقة دليل من أحد أبناء عشائر وادي موسى.
ووفقا للمراجع الأثرية والتاريخية، فقد أبرز بيركهاردت البترا للعالم الغربي بعد صدور كتابه "رحلات في سوريا والديار المقدسة" (عام 1828) والذي احتوى على صور للبترا.ولاقى حديث بيركهاردت في كتابه عن البترا، اهتماما واسعا في العالم الغربي، حيث توجه الفنان ديفد روبرتس للمدينة (عام 1839) وأنتج لها لوحات ليثوغرافية، وقد طبع العديد منها ما أعطى للمدينة شهرة عالمية.
وزار البترا بعد بيركهاردت العديد من الرحالة والجغرافيين والفنانين، حيث ذكر موقع ويكيبيديا العالمي، إن من أهم الأعمال المشهورة للبترا لوحة فنية بالألوان المائية للفنان شرانز (عام 1840)، إضافة إلى أول خارطة مخطوطة للبترا باللغة الإنجليزية من رسم الرحالة لابودي (عام 1830) وصور للبترا من تصوير فريت (عام 1830).
كما ذكرت البترا بعد (عام 1812) في العديد من مذكرات ورسائل الرحالة الذين زاروها، حيث أطلقت كلية البترا للسياحة والآثار مشروعا لجمع وترجمة هذه المذكرات والرسائل، وفرغت من ترجمة بعضها.
***بيركهاردت ليس مكتشف البترا
في الوقت الذي اكتسب فيه الرحالة السويسري بيركهاردت شهرة عالمية لكونه من أعاد اكتشاف البترا (عام 1812)، يرى عددا من المتخصصين أن بيركهاردت ليس مكتشف البترا بدليل أن المدينة كانت معروفة من قبل، وأنها حظيت بزيارة عدد من الرحالة قبل (عام 1812).ووصفوا بيركهاردت بأنه "من قدم البترا للعالم الغربي فقط"، لأن المدينة لم تكن مجهولة.
يؤكد مفوض شؤون محمية البترا الأثرية في إقليم البترا الدكتور عماد حجازين، وجود رحالة سبقوا بيركهاردت في البترا، ومنهم الألماني (ماجستر تيتمار Thietmar Magister) وهو أول سائح غربي موثق زار البترا وكتب عنها عام 1217.
ويبين حجازين أن تيتمار ورغم أنه سبق بيركهاردت في زيارته للبترا بمئات السنين، إلا أنه غير مشهور لأنه حينما كتب عن البترا ذكرها باسمها الاصلي (الرقيم)، وهو الاسم النبطي للمدينة فيما ذكرها بيركهاردت باسم البترا.ويشير إلى وجود رحالة آخرين زاروا المدينة أيضا غير أنهم لم يكتبوا عنها باسم البترا وإنما بأسمائها القديمة الأخرى.ويؤكد أن الموقع الأثري في البترا كان معروفا عشية قدوم بيركهارت، وخاصة من قبل سكانها المحليين في مناطق وادي موسى وجوارها.
ويتفق معه عميد كلية البترا للآثار في جامعة الحسين بن طلال الدكتور سعد الطويسي، بوجود رحالة زاروا البترا في الفترة التي سبقت بيركهاردت منهم النويري الذي رافق الظاهر بيبرس في زيارته للمنطقة وذكرها في كتابة (نهاية الارب)، والراهب وليام راهب مدينة سور.ويوضح أنه يمكن تسمية بيركهاردت؛ بالشخص الذي عرف العالم الغربي بالبترا، وليس بكونه من أعاد اكتشاف المدينة لأنها كانت معروفة أصلا.
ويعتبر الدكتور زياد السلامين أستاذ الآثار في جامعة الامارات، أن البترا كانت معروفة كمركز حضاري متميز قبل قدوم بيركهاردت، فقد زارها السلطان المملوكي الظاهر بيبرس قبله، ولكن تميُّز زيارة بيركهاردت تكمن في تعريف العالم الغربي بهذه المدينة، ولم يقم هذا الرحالة بإعادة اكتشافها.
ويؤكد الدكتور عصام الموسى أستاذ الإعلام في جامعة اليرموك ومؤلف كتاب البترا عاصمة الأبجدية العربية، أن البترا قبل بيركهاردت كانت معروفة غير أنها لم تحظى بزيارات كثيرة من قبل السياح والباحثين الذين كانوا يأتوها تحت حراسة ويتفاوضوا مع العشائر لدخول المنطقة، وأن بيركهاردت لم يكتشف المدينة وإنما قدمها للعالم الغربي.
ويكمل، أن البترا وبعد سقوط الدولة النبطية على يد الرومان بدأت تختفي عن أنظار العالم نتيجة عدم الاهتمام بها، أما حديثا فقد أهملتها الدولة العثمانية لعدم اهتمامها في منطقة شرق الأردن إلا في أوقات محددة كفترة الحاج الشامي.ويوضح الموسى أن البترا كانت موجودة في كتب المؤرخين القدماء، ومنهم يوسفوس الذي كتب عن المدينة قبل نحو (2000 سنة) ووصفها بأنها عاصمة الملك العربي.
ويرى الموسى أن ما قدمه بيركهاردت للبترا، يتلخص بأنه عرف العالم الغربي بها كما أن قدومه للمدينة وإشهاره لها، أمر دفع رحالة وباحثين ومثقفين لزيارة المدينة وإقامة أعمال عنها ما أدى إلى إبرازها، معتبرا أن ما أشهر البترا هم فئة المثقفين.
***البترا في مذكرات ورسائل الرحالة
أسهمت رحلة بيركهاردت إلى البترا وتعريف العالم الغربي بها، بتحفيز الرحالة والمستكشفين على زيارة المدينة، حيث ذكرت البترا في العديد من مذكرات ورسائل وكتب الرحالة الذين زاروها، حتى أن البعض ذكر كثيرا من تفاصيل المنطقة الأثرية ومحيطها.
ويذكر الدكتور فوزي أبو دنة والدكتور ممدوح العنزي في مقدمة كتاب رسائل وصور من الأردن للرحالة الانجليزية جيرترود بيل، "ما أن انتشرت أخبار رحلة بيركهاردت في أوروبا حتى قام عشرات المستكشفين بشد الرحال إلى الشرق خلال القرن التاسع عشر وفي مطلع القرن العشرين".
ويضيفا: "من الرحالة الذين زاروا المنطقة وكتبوا المؤلفات حول رحلاتهم على سبيل المثال؛ فالين الذي زار المنطقة بما فيها الأردن في أربعينيات القرن التاسع عشر، ومزيل الذي جاء في نهاية القرن نفسه والألمانيين برونو ودومازفسكي الذين استكشفا المنطقة (عام 1897).
وبحسب مقدمة الكتاب، فقد تعددت اهتمامات الرحالة فمنهم من جاء لدراسة الآثار ومنهم من درس الإنسان ومنهم من درس الطبيعة بشكل عام، مؤكدة أن "ملاحظات وكتابات وصور الرحالة الأوائل ذات قيمة عالية، خصوصا في منطقتنا نظرا للتغيرات الكبيرة التي شهدتها البيئة والثقافة والإنسان في النصف الثاني من القرن العشرين..".
وذكرت مقدمة الكتاب أيضا، أنه من بين الرحالة الذين تركوا الكثير من الكتابات والصور، الرحالة الإنجليزية جيرترود بيل التي كانت مختلفة في أفكارها وطبيعة تعاملها مع الأشياء، حيث قدمت خلال ثلاثة زيارات لها بين (عام 1900- 1914) رسائل وصور حول مناطق مختلفة من الأردن ومنها البترا.
ويشير الدكتور سليمان الفرجات أستاذ السياحة والتراث بمركز السياحة والتغيير الثقافي في بريطانيا، أن أكثر من وثق للبتراء هو الرحالة النمساوي اليوس موسل في كتابه ارابيا بترايا، وعمل موسل خارطة لمنطقة وادي موسى ووثق معظم المناطق والعيون ليس فقط في البترا ولكن في الجنوب بشكل عام.
من أهم الكتب والدراسات بحسب الفرجات، دراسة قام بها كنعان في العشرينات من القرن الماضي وفيها معلومات غير مسبوقة عن وادي موسى واللياثنة؛ وهو اسم يطلق على عشائر المنطقة.
ويضيف الفرجات، لا نستطيع التحدث عن المستكشفين الأوروبيين في منطقتنا بمعزل عن الاستشراق والأطماع الاستعمارية بالمنطقة، فمعظم المستشرقين والرحالة كانوا يبحثوا عن ماضي بعيد وجذور لهم في المنطقة ولم يكونوا يوما يهتموا بأهل وكانوا يرون غالبا أنهم شعوبا لا تستحق أن تملك مثل هذه الكنوز.
ويبين أن معظم الرحالة كانوا يحصلوا على تصريح من الحكام العثمانيين الذين بدورهم كانوا يبعثون معهم بعض البدو لحمايتهم وتامين طريقهم مقابل اجر كان يحدد سابقا وغالبا ما يتم تغييره من قبل البدو بأجر أكثر.
ويوضح أن من أول المستشرقين الذين جابوا شرق الأردن الرحالة الألماني الريخ سيتيزن (عام 1807) والذي جلب أنظار الغرب لآثار جرش ووصل حتى الكرك، وربما اعلمه البعض عن وجود مدينة داخل الصخر وربما يكون أول من أشار للبترا، وقد يكون بكهاردت الذي زار البترا في شهر أب من (عام 1812).
وبحسب الفرجات، فانه يجب الإشارة إلى أن بيركهاردت وغيره استمدوا معلوماتهم عن البتراء من كتب المؤرخين القدامى كجوزيف فلافيوس وسترابو الذين تحدثوا عن وجود البترا، والسؤال كان أين تقع هذه المدينة، مشيرا إلى أن المهم في زيارات هؤلاء ومن لحقهم من الرحالة أنهم أعطونا معلومات مهمة عن الحياة الاجتماعية والعلاقات القبلية في شرق الأردن .
ويؤكد أن معظم الرحالة زاروا الأردن عن طريق مصر مرورا بسيناء ومن ثم العقبة فوادي عربة ودخولا من سطوح النبي هارون حتى البترا، وغالبا ما كانوا يستعينون بالبدو من سيناء ويحملون ختما (فيرمان) من الحاكم في المنطقة من اجل تيسير زيارتهم.
بالنسبة لزيارة البترا فقد كان بعض البدو يرافق هؤلاء الرحالة حتى البترا ويؤمنون لهم الحماية مقابل اجر، فالبترا لم تكن خالية من السكان (محيطها) ومعظم الرحالة أشاروا لوجود فلاحين في البترا.
ويكمل الفرجات، في هذا النطاق لا بد من الإشارة أن الرحالة اخذوا هذه المعلومات من مرافقيهم، وغالبا من اجل تضخيم الأمور والحصول على مبلغ اكبر لحمايتهم ولعدم تمكينهم من البقاء بالبترا لمدة طويلة، ويمكن القول أن هذه المرحلة تمثل بداية السياحة المنظمة إلى المنطقة، فالمجموعة السياحية أي الرحالة يبدءوا بترتيب أمورهم من مصر ويستعينوا بالبدو الذين قد نسميهم ممثلين سياحة أو أدلاء سياحيين في ذلك الوقت وهؤلاء بدورهم يسهلون باقي الأمور، بما فيها التعامل مع إي طارئ وتحديد الاتصال بين الرحالة وأهل المنطقة.
ويبين أن معظم الرحالة ذكروا ان أهل البترا لم يروق لهم أن تزار مدينتهم من دون أن يستشاروا أو أن يكون لهم نصيب من المال، حيث كان ينشب خلاف بين البدو الذين يرافقوا السياح وأهل المنطقة.
وفي وصفه لالجي (وادي موسى) بعد زيارته للبترا يقول بيركهادرت: "حال عودتنا من آثار البتراء مكثت لعدة ساعات في قرية ألجي، البلدة محاطة بالأشجار المثمرة من جميع الإشكال وبنوعية ممتازة وكميات كبيره من العنب تباع لغزة والبدو، ويزرع اللياثنة الوادي حتى مدخل المدينة الأثرية"
اولين في زيارته للبترا حوالي (عام 1843) يقارن البترا بجسر لندن في إشارته لحق أهلها الانتفاع منها ويقول "لقد عملنا أفضل اتفاق مع شيخ وادي موسى على سعر لدخول البترا لا يذكر إذا ما قارناه بما يدفع لزيارة بعض المواقع في بريطانيا أو دول أخرى.. البترا ملك لأهلها كما تعود ملكية جسر لندن أو بيت هوليرود للحكومة البريطانية ولأهلها الحق إن يحددوا بدل رسوم لدخولها".ويشير إلى أن البترا قد شهدت زيارة للكثير من الرحالة خلال، حيث ازدهرت رحلاتهم للمنطقة في القرن التاسع عشر.
***البترا في عهد الدولة الأردنية
شهدت المدينة الوردية اهتماما كبيرا في عهد الدولة الأردنية منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، ففي عهد الأردن اشتهرت البترا بشكل أكثر في العالم، وأقيم فيها أول حفرية أثرية (عام 1924) نفذتها المدرسة البريطانية للآثار، وفي (عام 1929) نظمت شركة توماس كوك وهي أول شركة سياحية في العالم أول رحلة سياحية جماعية للبترا.
ويذكر مفوض محمية البترا الأثرية الدكتور عماد حجازين، أنه في (عام 1934) روّج كوك للبترا، ونشر أول بوستر سياحي للمدينة الوردية، حيث تزامن ذلك مع إنشاء أول مرفق سياحي خدمي للقطاع الخاص تمثل في مخيم سياحي داخل الموقع.ويضيف حجازين، في عام (1934) أنشئت قوة البادية مخفرا للشرطة في وادي موسى لضبط الأمن، وفي (عام 1956) تم إنشاء أول مرفق سياحي خدمي حكومي في البترا هو استراحة البترا، في نهاية الستينيات وضعت وكالة المتنزهات الأمريكية أول خطة لتنظيم الموقع في البترا.
ويكمل، في (عام 1970) تم بناء أول مركز زوار في البترا، وفي (عام 1985) أصبحت البترا على قائمة التراث الإنساني التي ترعاها اليونسكو.ويبين حجازين، أنه تم في (عام 1989) تأسست اللجنة الوطنية لحماية البترا (في المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا NTC)، وأعلنت جمعيات غير حكومية برامج في هذا المجال وفي (عام 1993) تم تخصيص (264كم مربع) وإعلانها محمية أثرية للحفاظ على المقومات الطبيعية والتراث الحضاري للمنطقة والذي يمتد من فترة العصر الحجري الحديث وحتى العهد الاسلامي.
ويوضح أنه في (عام 1995) ظهر مجلس تنظيم إقليم البترا، وفي (عام 2001) تم تطوير هذا الشكل الإداري إلى سلطة إقليم البترا لتحل محل بلدية وادي موسى، ثمّ تطور الجسم الاداري فيها ليصبح سلطة إقليم البترا التنموي السياحي بقانون جديد وصلاحيات واسعة.ويؤكد حجازين أن البترا شهدت في عهد الدولة الأردنية اهتماما مكن البترا من أخذ موقعا هاما على خارطة السياحة العالمية، إلى جانب أنها توجت في (عام 2007) بإحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة.
ويشير إلى أن محمية البترا الأثرية، تعمل على وضع وتنفيذ العديد من الخطط بالتعاون مع مؤسسات دولية ومحلية من أجل حماية الإرث الحضري الهام في البترا والحفاظ عليه، نظرا لما يعانيه من تحديات طبيعية وأخرى تتعلق بالعامل البشري.ويعتبر الدكتور سليمان الفرجات، أن تأسيس إمارة شرقي الأردن تمثل المرحلة الأساسية بالاهتمام في المواقع الأثرية واستغلالها سياحيا، وقد أعطى الملك عبدالله الأول جل اهتمامه بآثار الأردن، وتجلى ذلك من خلال سن القوانين والتشريعات ومنذ السنوات الأولى والتي حددت دخولية المواقع وقانون الترجمان السياحي، وأعطت لقوات الجيش في ذلك الوقت الصلاحية لمراقبة الوضع من اجل التيسير على السياح.
ويؤكد أن هذا الاهتمام قد استمر وتطور في مختلف مراحل تاريخ الأردن، حتى أصبح قطاع الآثار والسياحة واحدا من أهم القطاعات، وغدت البترا البوابة السياحية والحضارية الأولى للأردن.وفي عهد المملكة الأردنية الهاشمية أيضا، تحولت وادي موسى القرية مركز البترا إلى مدينة تعج بالحياة وتزخر بكافة أنواع الخدمات التي تضاهي المدن الأردنية الكبرى وتزيد عليها.كما حظيت البترا بدعم ملكي مستمر أسهم في تسويقها للعالم والتعريف بها، ورفد المنطقة باحتياجاتها من الخدمات.
وأصبحت البترا في عهد المملكة الأردنية الهاشمية بوابة سياحية ينظر من خلالها الملايين من البشر عبر العالم إلى الأردن، وباكورة تنمية وتطوير تشهد تقدما في شتى مجالات الحياة.يقول رئيس إقليم البترا المهندس محمد أبو الغنم، نظرا للأهمية التي تشكلها المدينة للمملكة ولكونها الداعم الرئيس للاقتصاد السياحي الوطني، فقد صدرت الارادة الملكية السامية (عام 2009) بالموافقة على قانون سلطة إقليم البترا التنموي السياحي، الذي تولى مجلس المفوضين بموجبه إدارة شؤون المدينة وبصلاحيات واسعة وميزانية عالية تسعى لتحقيق التنمية الشاملة في المنطقة.
ويضيف، أن البترا ومن خلال دعم وتوجيهات جلالة قد تمكنت من أخذ موقعها الملائم على خارطة السياحة العالمية، وأنها على وجه إحداث تنمية شاملة في شتى المجالات، نتيجة المكرمة الملكية السامية بصدور قانون السلطة الذي أتاح لمجلس المفوضين صلاحيات واسعة.
ويبين أن البترا وفي عهد الأردن قد حققت الكثير من الانجازات، فقد تحولت لموقع سياحي ذو قيمة عالمية وواحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة، وحققت الكثير من الانجازات في شتى المجالات.ويقول، ان ذكرى إعادة اكتشاف البترا، وما حققته المدينة من شهرة عالمية، يفرض علينا في مجلس المفوضين تسريع خطى التنمية والحرص على تنفيذ المشروعات المتنوعة التي ترتقي بالمنطقة وتهيئ البيئة السياحية والاستثمارية الملائمة فيها.
كما شهدت المدينة الوردية التي يبلغ تعداد سكانها نحو (30 ألف نسمة) في عهد الدولة الأردنية انتشار محال الخدمات السياحية حيث يبلغ مجموع الفنادق فيها نحو (40 فندقا) بمختلف التصنيفات، إلى جانب الانتشار الكبير للمحال المختلفة التي تقدم الخدمة للزوار.وحقق مجتمع البترا أيضا تقدما كبيرا في مجالات التعليم والتوسع العمراني، حيث اتاحت خصوصية البترا السياحية لهم فرصة التعرف على ثقافات العالم المختلفة والانفتاح على التقدم التعليمي والعلمي والتكنولوجي الذي يشهده العالم، ما جعل البترا من المدن الأردنية المتقدمة في شتى المجالات.
***البترا مقصدا لقادة وزعماء ونجوم العالم
أسهمت الشهرة الواسعة التي حققتها المدينة الوردية في العام خلال (200 عام) بجعل البترا ليست مقصدا للزوار من شتى أنحاء العالم فحسب، بل جعلها أيضا محط اهتمام قادة وزعماء ونجوم العالم في زيارتهم للمملكة.ومن أهم رؤساء العالم الذين زاروا المدينة مؤخرا؛ الرئيس التركي عبد الله جول والرئيس الايطالي جورجيو نابوليتانو والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ونائب الرئيس الأمريكي وغيرهم، إلى جانب أن البترا أصبحت وجهة سياحية دائمة لضيوف المملكة والوفود الرسمية التي تزورها.
كما أصبحت البترا مقصدا لنجوم الفن والغناء ومنجي الأفلام في العالم، حيث صور على أرض المدينة العديد من الأفلام العالمية، أهمها؛ انديانا جونز والحملة الصليبية الأخيرة، سندباد وعين النمر، ابن النمر الوردي، الصراع المميت: الإبادة، العاطفة في الصحراء، مهمة إلى المريخ، عودة المومياء، كاجارا، وغيرها.
***البترا تتطلع نحو مزيد من التنمية والتطوير
تميز البترا ليس بقصة إعادة اكتشافها وإنما بما تحويه من إرث حضري فريد سواء في المنطقة الأثرية النبطية أو محيطها حيث تحتوي البترا على مواقع تعود للعصور الحجرية، وأخرى تشكل بيئة خصبة لإقامة منتج سياحي متكامل يثري تجربة الزائر.ويدعو مواطنون إلى ضرورة أن تستغل مقومات المنطقة بالصورة المثلى لاستدامة السياحة نحو المنطقة من ناحية، وللنهوض بالبترا في شتى نواحي الحياة، وخصوصا في مجال تطوير البنى والخدمات وجلب الاستثمار والتوسع في تسويق المدينة.
ودعا النائب عن لواء البترا سامي الحسنات، إلى ضرورة استغلال هذه المناسبات بالترويج للمقومات السياحية والاستثمارية التي تمتاز بها المنطقة، والحرص على تنفيذ خطط وبرامج تعنى بتحقيق التنمية السياحية والشاملة في المنطقة، من أجل الوصول بالبترا إلى بلد يحتوي على منتج سياحي متكامل.وقال انه يمكن أن إعادة تقديم البترا إلى العالم بصورة مميزة إذا تم استغلال مقوماتها الأثرية والسياحية والجمالية المختلفة، وإذا تم تكثيف ترويجها كمنتج سياحي وخدمي متكامل.
***دعوة
ألق البترا الحقيقي يكمن بأنها بوابة الأردن الحضارية والسياحية ومدينة ذات إرث حضري فريد وتاريخ عريق، ترتبط باسم "الأردن" الذي احتضنها منذ تأسيس الإمارة لا بأسماء رحالة مروا منها وكتبوا عنها..ولعل الاكتشاف الحقيقي للبترا يتجسد بتعزيز ترويج ارثها الفريد، وربط المكان بمحيطه الاجتماعي الذي حمى البترا ودافع عن إرثها، ونكون بذلك قد أنتجنا سياحة ثقافية متكاملة تروي قصة المكان والإنسان وتثري تجربة السياح.
ويكمن الاكتشاف الحقيقي الآخر للبترا، بالتوسع في إقامة الحفريات الأثرية للكشف عن إرث المدينة المجهول، حيث أثبتت الدراسات العلمية التي عرضها مؤتمر مستقبل التنمية السياحية في إقليم البترا الذي أقامه بيت الأنباط (عام 2010) أن ما يقارب (80%) من آثار البترا غير مكتشفة.والأهم أن نواصل تقديم البترا على أنها "مدينة أردنية" فهي لا زالت تروج من قبل بعض دول الجوار.. وبعض خرائط المواقع العالمية عبر الإنترنت أهملت اسم المكان في عرضها لخارطة الأردن..