السياحة الداخلية في الأردن
عمان " المسلة " … ازداد اهتمام الأردن بالسياحة الداخلية وضرورة تفعيلها على جميع المستويات، نظرا لعدم ثبات السياحة الدولية وما تشهده المنطقة من أوضاع سياسية وأمنية مضطربة، ونظرا لما تحققه السياحة الداخلية من منافع على المستوى المحلي سواء للمواطن أو المستثمر، وتطوير قطاع العمالة في مجال السياحة، إضافة إلى دورها في تعزيز الهوية الوطنية وتقدير الإرث الحضاري الثقافي والطبيعي.
لكن هل فعلا هناك ترويج فعال للسياحة الداخلية في الاردن؟ وهل المؤسسات أصحاب العلاقة تقوم بدورها بفعالية في هذا المجال؟ وهل الأسعار تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن الأردني مقارنة مع السائح الأجنبي او المواطن المغترب القادم للاردن خلال موسم الاجازات؟.
تستحوذ السياحة الداخلية في الدول المتطورة على غالبية الأنشطة السياحية؛ فهي تشكل حوالي 90 % من إجمالي النشاط السياحي في هذه الدول.وهذا يعني في المقابل أن السياحة الخارجية تسهم بحوالي 10 % فقط من إجمالي الأنشطة السياحية على المستوى الدولي.وفي الأردن فإن الدور الذي تقوم به السياحة الداخلية في النشاط السياحي ما يزال محدوداً.
وهذا يشير إلى أن إسهام السياحة الداخلية في صناعة السياحة الأردنية ما يزال في حدوده الدنيا.ويمكن القول إن نسبة مساهمة السياحة الداخلية في المملكة كان خلال العقد الماضي في حدود 7 % من إجمالي النشاط السياحي فيها، مما يتطلب ضرورة مضاعفة جهود القطاعين العام والخاص لتوسيع إسهام السياحة الداخلية في دعم النشاط السياحي داخل الأردن.
تتميز المملكة بعناصر جذب سياحي، وميزات تنافسية طبيعية تتمثل بوجود منطقة البحر الميت التي تعتبر اخفض نقطة بالعالم، كما تعتبر المملكة مزارا للحج المسيحي والاسلامي نظرا لوجود منطقة المغطس والكنائس القديمة، وتوفر القلاع والمقامات والأضرحة في معظم مناطق الاردن. عدا عن توفر المناخ المناسب والجبال والمحميات التي تتميز بتنوع حيوي هائل، على الرغم من صغر مساحة الاردن والعديد من نقاط الجذب السياحي الاخرى إلى جانب عنصر الامن والاستقرار السياسي في الاردن، مما يوفر بيئة مناسبة للسياحة.
ولضمان تشجيع السياحة الداخلية في الاردن لا بد من الاستثمار في جميع المقومات السياحية، وتوزيع السياحة الداخلية على جميع انحاء المملكة، مع ضرورة توفير بنية تحتية وفوقية ترقى الى تقديم منتج سياحي مميز، كما لا بد من التركيز على تطوير المرافق والتسهيلات السياحية في جميع المواقع، وتوفير أماكن خاصه للجلوس وتنظيم حركة السياح في الموقع، من خلال إبراز المعلومات الخاصة باستخدام الموقع وان تكون متاحة للجميع، بما فيها اسعار الدخول والخدمات المقدمة وانظمة واجراءات الزيارة للموقع، وساعات الزيارة وغيرها من الاجراءات التي يفتقدها الزائر، وهذا بدوره يتطلب وجود مركز للزوار في كل موقع سياحي، لضمان تقديم جميع المعلومات التي يحتاجها الزائر قبل دخوله الموقع السياحي او الاثري.
ولضمان استدامة الموقع لا بد من وجود ادارة موقعية لكل موقع أثري أو سياحي، تلتزم بتنفيذ خطة عمل سنوية مع موازنة مستقلة، كما يجب على الإعلام ان يلعب دورا بارزا في ترويج مواقعنا السياحية وتشجيع السياحة الداخلية، حيث لوحظ في الآونه الأخيرة اهتماما من قبل وسائل الاعلام بجميع انواعها في هذا المجال، الا اننا نتطلع الى اعداد وتنفيذ برامج مميزة تعرض في وسائل الاعلام بشكل مستمر.
ولا بد من التركيز على دور الشباب في الجامعات والمدارس من خلال تاسيس اندية وتنظيم رحلات، للتعرف على مواقعنا السياحية وفي هذا المجال يجب رفع مستوى الوعي السياحي والبيئي لدى هذه الشريحة الكبرى في مجتمعنا اتجاه اهمية وقيمة مواقعنا الاثرية والسياحية، حيث نلاحظ هناك العديد من التصرفات والسلوكيات الخاطئة في مواقعنا التي تعكس ضعفا في الوعي الثقافي والسياحي اتجاه هذه المواقع.
كما اقترح إعطاء المواطن الاردني خصما تشجيعيا تفضيليا ومجموعة من الحوافز والمزايا التشجيعية على جميع الخدمات السياحية المقدمة، مع ضرورة إعطاء المواطن الاردني خصما ضريبيا على الخدمات والمنتجات السياحية المقدمة، وخاصة على خدمة الاقامة في الفنادق حيث اصبحت الفنادق في الاردن تقتصر على شريحة معينة، ولضمان تسهيل هذه الخدمة لا بد من توفير اسعار تتناسب والقدرة الشرائية للمواطن الاردني، ونظرا لصعوبة فرض هذا الامر على المستثمر فإني اقترح هنا اقامة مشاريع سياحية وطنية محلية تنفذها مؤسسات الدولة الاردنية، التي تمتلك القدرة على الاستثمار، حيث يعتبر الاستثمار في مجال السياحة استثمارا مضمونا يدعم الاقتصاد المحلي ويقلل من نسب البطالة.