مطلوب حل عادل لأزمة رحلات العمرة الإضافية
بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
ليس هناك مجال للجدل أو الخلاف حول حتمية التكامل والتعاون بين مصر للطيران المرفق الوطني للنقل الجوي وبين شركات السياحة المختلفة.
انني أخص بذلك الشركات العاملة في مجال العمرة والحج. في هذا الإطار فقد أحزنني ان يكون هناك خلاف بين جناحي هذه المنظومة يصل إلي حد التلاسن والتشويه. من المؤكد ان هذا النشاط والمستفيدين منه هم الذين سيتحملون في النهاية تداعيات ما وصلت إليه الأمور. الشيء الواجب قوله هو ان لا مفر من التفاهم القائم علي العقلانية والإدراك المشترك لصالح كل الأطراف.
<<<
لاجدال أن حرب البيانات الصحفية التي القت بظلالها علي العلاقات بين قطاع الطيران الوطني وقطاع شركات السياحة الدينية قد اشتعلت بهذا البيان الصادر عن غرفة السياحة والذي استهدف التشهير بمصر للطيران وتوجيه الاتهامات لها بأنها نقضت الاتفاقات ولجأت إلي زيادة الأسعار. ورغم ان القضية تجارية بحتة فقد كان من الطبيعي ألا أرحب بدعوات الاستعداء والتدخل من جانب أجهزة الدولة للضغوط علي مصر للطيران.
ان معني الاستجابة لما تطالب به شركات السياحة إذا ما نظرنا إلي رد مصر للطيران ان يكون هدف هذا الضغط تقديم تنازلات مادية في تحديد أسعار الرحلات. هذا يعني إلحاق الخسائر باقتصاديات مصر للطيران وهو ما لا يمكن لأي مسئول في مصر للطيران ان يوافق عليه إلا في حالة قيام الدولة بدفع قيمة هذه الخسارة وأنا استبعد ذلك تماما.
<<<
تقول شركات سياحة الحج والعمرة في اتهامها لمصر للطيران إنها قامت بزيادة أسعار رحلات العمرة مستغلة في ذلك حالة الاقبال وزيادة عدد المعتمرين الذين قد يتجاوزون أقل من المليون بقليل بعد انتهاء عمرة رمضان. وذكرت هذه الشركات التي أدخلت غرفة السياحة طرفا في نزاعها ان هذه الزيادة ستؤدي إلي مخالفة التعاقدات مع المعتمرين الذين تقدموا إليها وانه من الصعب تعديل الاسعار المتفق عليها معهم. اشارت إلي ان هذه المخالفات تمثل تهديدا حقيقيا لبعض هذه الشركات إلي درجة امكانية اعلان افلاسها واغلاقها.
<<<
ردا علي هذه الاتهامات أكدت مصر للطيران انها لم تلجأ إلي رفع أسعار التذاكر علي الرحلات التي سبق الاتفاق عليها.. قالت ان هذه الأسعار الجديدة تعلمها شركات السياحة وانها تمت بناء علي طلبها لمواجهة أعداد إضافية تقدر بـ٠٠٠٣ معتمر. قالت انه وبناء علي الحاح هذه الشركات لانقاذها من ورطة تعاقداتها نتيجة عدم توافر أماكن علي الطائرات. استجابت مصر للطيران بتدبير طائرات اضافية من طراز الجسم العريض جري سحبها من العمل علي خطوط أخري لنقل هؤلاء المعتمرين. ولأنه لم يكن مخططا لهذه الرحلات مسبقا وبالتالي فان الوقت لم يكن متاحا لعرض الأماكن الخالية في رحلات العودة بالسوق السعودي.
لهذا السبب اصبح محتما ان تعود هذه الطائرات بدون ركاب بعد توصيل المعتمرين إلي جدة. ونفس الشيء بالنسبة للرحلات إلي القاهرة.. الجدوي الاقتصادية تقضي في هذه الحالة تحميل تذاكر السفر الاعباء المالية ذهابا وايابا باعتباره شرطا أساسيا للموافقة علي تنظيم هذه الرحلات الاضافية.
<<<
لقد كنت أتمني تجاوبا مع العقل والمنطق ان يكون هناك فهم مشترك وعادل لظروف كلا الطرفين المتعاركين دون ان تتطور الأمور إلي ان يخسر كل منهما الآخر. حقيقة.. لقد مرت مصر للطيران طوال الشهور الماضية ومنذ قيام الثورة بظروف اقتصادية وداخلية في غاية الصعوبة. وكما هو معروف فإن هذه الشركة الوطنية تعتمد ومنذ سنوات علي التمويل الذاتي لدعم اسطولها والانفاق علي احتياجاتها.. هذا الواقع يعني انها لا تحصل علي جنيه واحد من خزينة الدولة. بناء علي هذا الوضع الذي يعرفه الجميع فقد كان عليها ان تدبر شئونها بصورة اقتصادية تجنبها اعلان الافلاس. هذه الحقيقة تحتم علي مسئوليها مراعاة جميع الخطوات التي تجنبها هذا المصير وهو ما يتطلب الالتزام بالقواعد الاقتصادية.
<<<
في نفس الوقت ورغم الظروف الصعبة التي مر بها قطاع السياحة بشكل عام إلا انه يمكن القول ان النشاط الجزئي المتعلق بالحج والعمرة لم يتأثر. من ناحية أخري فقد كان علي الشركات التي تعمل في هذا المجال ان تراعي امكانات النقل الجوي المتاحة سواء من جانب مصر للطيران أو من جانب الشركات الخاصة التي وصلت طاقة النقل بها إلي حوالي ٠٣٪ من حجم حركة العمرة والحج.
هذه المشاركة بالاضافة إلي ما ينقله الطيران السعودي جعل نصيب مصر للطيران لا يزيد علي ٣٤٪ وفقا للاحصائيات الرسمية.
ان التحرك لمواجهة هذه الأزمة والذي كان يجب ان يضع في الاعتبار هذه الأسس ويتطلب مبادرة تجمع وزيري الطيران والسياحة وبحضور مصر للطيران وغرفة السياحة من أجل ايجاد حل عادل ومتوازن ينقذ الموقف حفاظا علي الصالح العام.