بقلم : محمود كامل … نقرأ كثيراً -إن لم يكن يومياً- عن سطو عصابات مسلحة في مصر على كابلات لمترو الأنفاق تعطل حركة الناس إلى أعمالهم لساعات طويلة، أو توقف إنتاج مصانع متوجهين للعمل بها، وعصابات أخرى تسرق كابلات كهربائية أخرى تقطع بها الكهرباء عن مواقع كثيرة بعضها مصانع للإنتاج تعمل بالكهرباء.
إلا أننا لم نسمع أبداً عن القبض على أحد من أفراد العصابات التي استمرأت سرقة الكابلات في كل مكان طمعاً في ثمن بيع النحاس المصنوعة منه تلك الكابلات، وهو ما يعني أن على كل جهة تمتلك الكابلات أن تدبر بملايين الجنيهات كابلات بديلة، حتى لا يحتج الناس بالتظاهر وقطع الطريق عن الخدمة الغائبة بسبب السطو على تلك الكابلات، مع احتمال أن يكون أفراد عصابة السرقة من بين المهيجين لتلك التظاهرات طمعا في كابلات جديدة يتم تركيبها لتتم سرقتها من جديد.
ولعل أكثر ما يثير الدهشة لدينا، ولدى كل المواطنين هو «غياب كامل» لعقاب عصابات اللصوص التي تهرب من مواقع الجريمة التي تصلها الشرطة وأجهزة الأمن دائما.. بعد الفرار، ذلك الفرار بالغنيمة دون عقاب لابد وأن تعده تلك العصابات وكأنه «دعوة» لمزيد من السرقات، ذلك أن الجريمة التي تمر دون عقاب تمثل دعوة ضمنية لمزيد من تلك الجرائم المعفاة -بالحنية الأمنية- من كل عقاب.
صحيح أننا نعتقد أن وزير الداخلية المصري الحالي يبذل جهداً فوق الطاقة لترميم جهاز الشرطة وإعادته للخدمة من جديد، إلا أن الرجل يواجه في مهمته تلك كثيراً من المصاعب التي تتولاها قيادات شرطية تم الاستغناء عنها ضمن عملية التطهير، ومعهم قيادات أمن دولة لن تستغني بسهولة عن «الفتّة» التي كانت تغترف منها طوال حكم مبارك المطرود، وكل هؤلاء -إذا كنا نريد استقرارا أمنياً- هم أولى بالمتابعة وقطع الدابر، بتحويلهم إلى محاكمات جنائية -وليس إلى مساءلات داخل الجهاز- تنتهي غالباً بـ«لفت النظر» ناهيك عن أن أغلبهم في المعاش بينما هم مصرون على البقاء في الخدمة رغم أنف الجميع!