الدوحة " المسلة " … النهوض بالسياحة القطرية خلال السنوات المقبلة يشغل تركيز واهتمام الحكومة ولذلك كان من الطبيعي والمنطقي أن تخرج ميزانية الدولة لهذا العام لتكون الأكبر وبها جزء كبير مخصص لعملية النهضة السياحية في مختلف المجالات خاصة أن قطر تستعد من الآن لاستضافة الحدث العالمي الفريد وهو مونديال 2022. والحديث عن النهضة السياحية يحتاج إلى متخصصين وعاملين في المجال حتى يكون التقييم أو الحديث في هذا الموضوع له معنى ومغزى.
لذلك فإن تواجد نائب مدير أحد الفنادق الكبرى في الدوحة في أي تجمع يشجع أي إعلامي أن يتحدث معه عن السياحة القطرية بشكل خاص.. هذا بالفعل ما حدث معنا حيث التقينا مع أشرف سيسي نائب المدير العام لفندق شيراتون الدوحة وتحدثنا معه في العديد من الأمور المتعلقة بالسياحة في قطر والنهوض بها وتوقعاته لمستقبلها في ظل هذا النمو الملحوظ في هذا المجال خلال هذه الفترة.. أشرف سيسي الذي يتولى هذا المنصب بأحد أكبر فنادق الدوحة رغم صغر سنة يتميز بالتأني في كل كلمة تخرج منه لأنه دقيق للغاية في ألفاظه ولكن في الوقت نفسه يتحدث بصراحة.. فكان معه هذا الحوار:
¶ في البداية.. كيف ترى المركز السياحي للدوحة بصفتك ممارسا للعمل السياحي في العديد من دول الخليج؟
أعتقد أن المسؤولين في قطر ناجحون حتى الآن في السير بخطى ثابتة لترسيخ الموقع المركزي السياحي للدوحة بالمنطقة, وهذا نتيجة موقع الدوحة كمركز محوري وهام للفعاليات الرياضية العالمية والإقليمية والمؤتمرات الثقافية والاقتصادية، بالإضافة إلى أن قطر تعتبر أكبر دولة مصدرة للغاز المسال في العالم، وهو ما يساعد على بناء قاعدة صلبة ترتقي فوقها معالم سياحية وفندقية تخدم الطلب المتوقع خلال السنوات المقبلة.
¶ كيف ترى التغير الذي يمكن أن يحل على السياحة القطرية خلال السنوات المقبلة، خاصة قبل استضافة مونديال 2022؟
استضافة قطر لهذا الحدث العالمي هي في الأساس إنجاز بكل المقاييس، ولذلك سيكون هناك متطلبات جديدة في المجال السياحي منها مضاعفة عدد الغرف الفندقية لتوائم المتطلبات الدولية من جهة والطلب المنتظر من عشاق ومسؤولي المنتخبات المشاركة بالمونديال الذي سيقام للمرة الأولى بالشرق الأوسط من جهة أخرى، ولذلك فإن المونديال سيكون بمثابة فرصة قوية لأن تتغير جميع معالم السياحة في قطر.
¶ وهل سيكون للفنادق دور في تنمية القطاع السياحي خلال هذه الفترة التي تسبق المونديال؟
بالطبع سيكون للفنادق دور كبير في تنمية القطاع السياحي وجذب السياح من الأفراد والشركات ورجال الأعمال إلى الدوحة خلال السنوات المقبلة, خاصة أن قطاع السياحة في مختلف دول العالم يحتاج إلى بنية تحتية قوية تخدم القطاع, وهو ما يتواجد في قطر بشكل كبير.
¶ وما الدور الذي من الممكن أن تقوم به الهيئة العامة للسياحة في قطر من وجهة نظرك؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد أن أوجه تحية خاصة إلى المسؤولين عن الهيئة، حيث إنني ألاحظ بشكل جاد وفعال مدى الحرص والجدية من قبل الهيئة خلال هذه الفترة سعيا لتنشيط السياحة بالتعاون مع الفنادق بالدوحة.
أما عن الدور الذي يمكن أن تقوم به الهيئة فهو كبير ومتشعب ومتطور في الوقت نفسه، ولذلك فإن الهيئة العامة للسياحة في قطر محقة في توجهاتها لتسويق الدوحة حاليا على أنها وجهة لرجال الأعمال والمؤتمرات، وكذلك لسياحة التوقف التي تعتبر الباب الواسع الذي من خلاله سيتم جذب أكبر عدد من الزوار والسياح إلى الدوحة وبشكل متزايد.
¶ هل نفهم من ذلك أنك تشجع الخطط التي يقوم بها الرئيس الجديد للهيئة؟
أعتقد أن قرار تعيين عيسى بن محمد المهندي رئيسا للهيئة يفتح نافذة الأمل بإمكانية تعديل مسار قطاع السياحة المحلي بالخطط والبرامج الكفيلة بجعل الدوحة وجهة سياحية إقليمية فيما تتمتع البلاد بأفضل المستويات العالمية من حيث الأمن والاستقرار فضلا عن تقدير أهل البلاد للزوار القادمين وهذا لا يمنع من الإشادة بالجهد الكبير الذي قام به الأخ النعيمي رئيس الهيئة السابق.
¶ حدثتنا عن التعاون ما بين الهيئة والفنادق لتنشيط عملية السياحة في قطر.. هل من تفاصيل أكثر؟
نحن كفنادق نعتبر موسم الصيف من المواسم التي إلى حد ما تشهد بعض الركود، ولذلك فإنه قبل بداية هذا الصيف قامت الهيئة بحملة تسويق قوية للغاية في دول الخليج من أجل تشجيع الأشقاء الخليجيين على زيارة الدوحة في فصل الصيف, بل قامت الهيئة بتحمل جميع النفقات المادية لهذه الحملة، وهذا الأمر بالتأكيد أثر بالإيجاب على فنادق الدوحة.
¶ وهل تعتقد أن زيادة عدد الفنادق بالدوحة يسهم في إخراج القطاع من ركود فصل الصيف؟
بالطبع لا.. فمجموع الفنادق بكافه مستوياتها الموجودة في قطر لا تزال قليلة بالمقارنة بالخطة المستقبلية التي وضعتها الدوحة خلال السنوات المقبلة, وحتى موعد المونديال, وبالتالي فإن التوسعة في الفنادق ستكون إجبارية، وفي الوقت نفسه فإن كثرة الفعاليات الرياضية والاقتصادية طوال العام في قطر لا تؤثر على نسبة الإقبال في الصيف, ولكن الذي يؤثر هو موسم الإجازات فقط خلال هذه الفترة.
¶ وهل تشعر بأن هناك نموا ملحوظا في البنية التحتية السياحية بكافة أشكالها؟
أعتقد أن ميزانية الدولة الجديدة لهذا العام خير دليل على ذلك، حيث تم تخصيص مبالغ كبيرة للغاية من أجل البنية التحتية والتي تختص السياحة بجزء كبير منها، وبالتالي فإن التطور في المناطق السياحية وفي نوعية العملية السياحية ملحوظ، وسيكون ملحوظا بشكل أكبر مع بداية العمل في الكثير من الإنشاءات المعتمدة في الميزانية الجديدة العام المقبل. ويجب أن نتفق على أن تأسيس البنية التحتية يحتاج إلى وقت وجهد وثبات في اتخاذ الخطوات، ولذلك فإنه مع زيادة المعروض من الأماكن السياحية ستكون هناك زيادة في الطلب.
¶ وهذا النمو الملحوظ والمتوقع خلال الفترة المقبلة هل يقابله تشجيع للاستثمار السياحي الخاص من الدولة؟
من دون شك فإن الدولة بكافة مسؤوليها تهتم بقطاع السياحة بشكل كبير وتعمل على تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي، فحسب معلوماتي تمنح تراخيص لإقامة منتجعات سياحية وفنادق، وهذه الجهود تهدف إلى جعل القطاع السياحي في الدولة أحد العناصر الرئيسة في تحقيق التنمية, ولذلك فإنه من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة زيادة حجم الاستثمارات السياحية للإيفاء باحتياجات مونديال 2022 التي تتطلب بناء آلاف الغرف الفندقية.
¶ ومع هذا النمو الملحوظ هل توافق على الرأي القائل إن سياحة المؤتمرات تعتبر هي المحرك الأساسي للمرافق السياحية في قطر؟
أعتقد أن هذا الكلام صحيح بنسبة كبيرة للغاية، حيث الملاحظ خلال السنوات الأخيرة أن هناك نموا متزايدا للدوحة في هذا المجال، حيث تستقطب الدوحة المؤتمرات العالمية والكبرى في شتى المجالات التي تقام حصرا فيها، وهي ميزة تختص بها الدولة، وتنعكس إيجابيا على دور الضيافة فيها، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على العملية السياحية، ويكفي أن هناك مرافق ضخمة في الدوحة تساعد على نمو القطاع السياحي.
¶ وهل ذلك يساعد على زيادة عملية المنافسة بين فنادق الدوحة؟
بالتأكيد يساعد على زيادة عملية المنافسة، ولكن الواقع الفعلي هو أن فنادق الدوحة تكمل بعضها البعض في العملية السياحية بشكل عام، والفنادق المتوقع دخولها خلال السنوات المقبلة ستكون منافسة وبقوة لتلك الموجودة حاليا، وهذه المنافسة تعتبر صحية ومفيدة للغاية للسياحة بشكل عام.
¶ ولكن هناك شكوى بأن أسعار فنادق الدوحة عالية بالمقارنة بدول الخليج المجاورة رغم أن عدد الفنادق الموجودة كبير للغاية بالمقارنة بمساحة الدوحة الصغيرة.
أعتقد أن هذا الكلام غير صحيح ومبالغ فيه، حيث إن الأسعار ليست مرتفعة بالمقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي، وهنا يجب التأكيد على أن السعر لا بد أن يتماشى مع جودة الفندق ونوعية الخدمة ورؤية الزبون في الوقت نفسه، وكل فندق يقوم بوضع معايير للأسعار من وجهة نظر الزبون ليقيم الأخير مدى توافقها مع الخدمات المقدمة له.
¶ وماذا عن قطاع السفر والذي يعتبر مرتبطا بشكل كبير مع الفنادق؟
كل الأرقام تشير إلى أن قطر تحتل مكانة بارزة كوجهة سياحية مميزة في قطاع السفر العالمي، وذلك بفضل استراتيجية هيئة السياحة الرامية إلى إلقاء الضوء على الأنشطة المتنوعة التي تستضيفها الدولة، والتي تقدم كل ما يحتاج إليه المسافر العصري من فنادق فاخرة ومعالم تراثية والعديد من النشاطات والمرافق الترفيهية.
¶ وماذا يحتاج قطاع السياحة في قطر من وجهة نظرك؟
القطاع السياحي في قطر يحتاج إلى التوسع في بناء المدن الترفيهية والمجمعات التجارية، بالإضافة إلى تطوير الشواطئ الممتدة على سواحل الخليج, خاصة أن التوسعات الفندقية التي تشهدها الدوحة تخدم الطفرة التنموية الكبيرة التي تنعم بها الدولة، كما أن التوسعات في البنية التحتية تضاعف قدرات قطر في استضافة الفعاليات العالمية في شتى المجالات.
¶ وهل المعارض والمؤتمرات تلعب دوراً في نمو صناعة السياحة المحلية؟
بالفعل فإن المعارض والمؤتمرات أصبحا يلعبان دورا رئيسا في نمو وتطور صناعة السياحة المحلية، حيث أصبحت الدوحة الوجهة المثلى لإقامة واستضافة أكبر المعارض والمؤتمرات الدولية، ويكفي أن الدوحة تمتلك أكبر مركزين لاستضافة المعارض والمؤتمرات في منطقة الشرق الأوسط، الأول تم افتتاحه بالفعل وهو مركز المؤتمرات المعروف، والمركز الثاني عالمي وتابع للهيئة العامة للسياحة ومن المقرر افتتاحه بداية العام المقبل.
¶ وهل يساعد اقتصاد البلد في تحقيق كل هذه النهضة الحالية أو المستقبلية للسياحة حتى لو كان الطقس الحار في الصيف عاملا مؤثرا على العملية السياحية؟
لا أحد ينكر أن الاقتصاد القطري يعد واحدا من الاقتصادات الخليجية والعربية التي حققت نموا وتقدما ملحوظا على الصعيدين العربي والعالمي خلال السنوات الماضية، وذلك بفضل السياسات الرشيدة التي انتهجتها القيادة القطرية، ما يؤهل دولة قطر لتكون جسرا من جسور التواصل والتلاقي بين الاقتصادات العربية والأوروبية، وكل ذلك له مردود إيجابي على عملية النهضة السياحية بغض النظر عن وجود مشاكل في أي اتجاه، والدليل على ذلك أن هناك بعض مواسم الصيف يكون فيها الإقبال السياحي أكبر من أي موسم آخر، وهذا كلام طبيعي ومنطقي ومفهوم سواء للمتخصصين أو غير المتخصصين.
¶ كيف تنظر إلى السياحة القطرية خلال السنوات المقبلة ومع اقتراب موعد استضافة المونديال؟
قبل الحديث عن نظرتي هذه لا بد من التأكيد على أن السياسات الاقتصادية الواعية لدولة قطر تنطلق من قاعدة راسخة تتمثل في بناء مجتمع رائد ومتطور، يمتلك مقومات وآليات التقدم والرقي، وهذا يجعلني أؤكد أنه خلال 5 سنوات فقط ستكون قطر السياحية مختلفة تماما عن أي مكان آخر في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن الرغبة موجودة والإمكانات متوفرة والخطط تم اعتمادها، ولم يبق سوى التنفيذ وفقا للخطة المعتمدة.