الدمام …. أخذت قطاعات السياحة في دول مجلس التعاون الخليجي تولي الرحلات البحرية اهتماماً أكبر، وبدأت تنمو في السنوات الأخيرة بانتظام متجهة إلى وجهات مختلفة داخل وخارج منطقة الخليج، تشمل دول أوروبا وأمريكا ودول شرق آسيا وأفريقيا، بينما استقبلت بعض الموانئ الخليجية أكثر من 2.56 مليون سائح بحري خلال السنوات القليلة الماضية.
ويقدم قطاع السياحة البحرية رحلات منتظمة مميزة انطلاقاً من جزيرة المرجان وكورنيش الدمام وكورنيش الفناتير وقلعة بوماهر وميناء راشد، لمدة أسبوع إلى وجهات مختلفة في منطقة الخليج العربي وخليج عُمان، أما الرحلات العالمية فتكون على الغالب مددها من شهر فما فوق تقريباً، وتعتبر الرحلات الداخلية غير مكلفة مقارنة بكلفة إجازة لمدة أسبوع تشمل الإقامة وتكاليف الطعام في فنادق ومنتجعات.
وتستهدف معظم دول الخليج الأسواق الجديدة للسياحة البحرية، مثل الهند والصين وروسيا ودول الكومونولث، كذلك دول أوروبا الغربية، لا سيما ألمانيا وأمريكا الشمالية.
الخليج وجهة مفضلة
هناك عوامل عدة تجعل من دول الخليج وجهة مثلى للرحلات البحرية، منها توفر المواقع المفضلة، وسهولة تمديد الإقامة منذ بداية الرحلة أو في نهايتها، كذلك الاستثمارات الضخمة والمناخ الدافئ ونقاط الجذب السياحي التي تعد مصادر جذب مهمة للسياح.
ففي المملكة العربية السعودية، تشهد المنطقة الشرقية تطوراً ملحوظاً في مرافقها السياحية، خاصة الواجهات البحرية التي تسعى الرياض إلى جعلها محطة جذب للسياح ممن يرغب بالمتعة والراحة والترفيه، حيث بدأت الشركات السياحية في المملكة مؤخراً باستثمار الجزر والواجهات المطلة على البحر، والتخطيط لدعم وتطوير السياحة البحرية.
وتنطلق الرحلات السياحية عادة في السفن التي تتكون من طابقين مكيّفة ومحاطة بنوافذ خارجية كبيرة، ومنها مقسمة إلى غرف عائلية مطلة على البحر مباشرة، ومنها مفتوح على الهواء، حيث تقوم السفينة، التي تتسع لـ60 شخصاً، برحلات يومية مجدولة كل ساعة تقريباً، في جولات سياحية حول كورنيش الدمام والواجهة البحرية.
أما السفن الحديثة فتتسع لنحو 200 شخص تقريباً، وتقدم خلال الرحلة برامج مختلفة؛ كألعاب ومسابقات للكبار والأطفال، وجوائز وهدايا، وفرق شعبية تقدم الأهازيج الوطنية، وغيرها.
وتتميز المراكب بتصميم زجاجي من جميع الاتجاهات، وهو ما يعطي منظراً جميلاً، كما تتميز أيضاً بوجود شاشات عرض لرؤية أعماق البحر، بالإضافة إلى مطعم يقدم جميع الأكلات البحرية.
وتنطلق بعض الرحلات البحرية من جزيرة المرجان، الواقعة على امتداد كورنيش الدمام، وتتمتع بإطلالة جميلة، وجلسات رائعة على ضفاف البحر، وتبعد جزيرة المرجان عن كورنيش الدمام 1800 متر، وتتصل بها بجسر ممهد، كما أن بعضها يدور في جميع أنحاء بحر كورنيش الفناتير.
أما في الدوحة، فكل من يذهب إلى هناك يعرف قيمة المراكب الحديثة والتقليدية التي ترسو على طول الكورنيش أو ميناء الدوحة، حيث يلاقي ركوب المراكب في الكورنيش رواجاً كبيراً بين الناس، وعادة ما تكون قيمة الركوب فيها زهيدة قياساً مع الأماكن الأخرى، حيث تكون مبالغ الإيجار قابلة للتفاوض، كما يمكن الحصول على تخفيضات لعدد الزبائن الكبير.
ومن التجارب التي يفضلها الركاب هي الرحلات في قوارب "الباربكيو دونات" في النادي الدبلوماسي، التي تأخذهم في نزهة بحرية في جميع أنحاء منطقة الخليج الغربي، وترافقها وجبات الإفطار أو الغداء أو العشاء، بحسب وقت الركوب.
وفي الإمارات، شكل عام 2006 نقطة تحول في قطاع السياحة البحرية مع بدء شركتي "عايدا" و"وستا كروز" العالميتين عملياتهما في دبي لتنضم إليهما عام 2010 شركة "رويال كاريبيان"، بوجود خمس شركات عالمية تتخذ من دبي مركزاً لعملياتها باستخدام سبع سفن بحرية، حيث تنظم إدارة سياحة السفن البحرية في منطقة الخليج بصورة دائمة أسبوعاً ترويجياً في بعض الأسواق، منها الصينية، كما تظهر الإحصائيات تزايداً ملحوظاً على الرحلات البحرية من قبل السياح الصينيين.
وبدأ قطاع السياحة البحرية في دبي أواخر التسعينات، في وقت افتتحت فيه الدائرة أول مبنى مخصص لاستقبال السفن السياحية عام 2001، واستقبلت الإمارة حينها 17 سفينة، حملت على متنها نحو 7000 سائح بحري، وفق المدير التنفيذي في دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي، حمد بن مجرن.
ويستقبل "ميناء راشد" باستمرار سفناً سياحية ضخمة من "كوستا سيرينا"، و"آيدا ديفا"، و"أماديا"، و"إم إس سي أوركسترا"، و"كوستا نيوريفييرا"، وعلى متنها 25 ألف سائح تم استقبالهم في محطات السفن السياحية خلال عطل نهاية الأسبوع، ويستوعب الميناء حالياً ست سفن في وقت واحد ضمن ثلاثة مبانٍ.
وفي المنامة، أخذت شركات السياحة البحرية مؤخراً بإطلاق خدماتها وعروضها لتنشيط فعالياتها داخل المملكة، مثل تنظيم الرحلات البحرية والوجبات العائلية الخاصة، والسير نحو الجزر البحرية، بالإضافة إلى رحلات أعياد الميلاد والزواج، حيث تتخللها الكثير من الألعاب المائية.
وتسعى المنامة من خلال إطلاق الرحلات البحرية إلى إنعاش قطاع السياحة أكثر، خصوصاً مع دخول مجموعة من القوارب واليخوت المزودة بتجهيزات السلامة والأمان والملاحة البحرية مع طواقم مرخصة ومؤهلة ومدربة على ارتياد البحر.
وتنطلق الرحلات البحرية إلى قلعة بوماهر في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2013، حيث تتجه القوارب يومياً من متحف البحرين الوطني إلى قلعة بوماهر، التي تعتبر نقطة الانطلاق لبدء رحلة استكشاف طريق اللّؤلؤ، والتّعرف بواسطة مجسّم موجود داخل مركز المعلومات على المباني التي تعود إلى عهد اللّؤلؤ المتناثرة على امتداد أزقّة المحرّق العريقة، وتشكّل طريقاً ومتحفاً طبيعياً.
وطريق اللؤلؤ هو موقع مكوّن من عدة أجزاء متسلسلة ومتّصلة، تمثّل تاريخ صيد اللّؤلؤ في الخليج العربيّ، والممتدّ على 7 آلاف سنة، وقد تمّ إدراج هذا الموقع على قائمة التّراث الإنسانيّ العالميّ لمنظّمة اليونيسكو في يونيو/حزيران 2012، إذ أصبح المعلم البحريني الثاني على القائمة العالمية بعد موقع قلعة البحرين التي أدرجت عام 2005.