بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
ليس جديدا القول بأن السياحة.. صناعة الأمل قد تعرضت ومنذ قيام ثورة ٥٢ يناير للصدمات والانتكاسات المتتالية. كان من الطبيعي وعلي ضوء الاحصائيات ان ينعكس ذلك علي قائمة الخسائر التي مُنيت بها موارد الدولة والمقدرة بخمسة مليارات دولار.
وقد شاءت الأقدار أن يتولي مسئولية وزارة السياحة في هذه المرحلة العصيبة منير فخري عبدالنور. ومع ما يتم تناوله حاليا حول التشكيل الوزاري الجديد والذي مازالت ولادته متعثرة قدمت حكومة الدكتور كمال الجنزوري كشف حساب عما انجزته خلال فترة تواصل مسئولياتها. في هذا الإطار وبمرجعيته السياسية دعا وزير السياحة الصحفيين السياحيين إلي لقاء ليتحدث فيه عن مسيرة صناعة الأمل علي مدي الشهور الستة التي مضت من العام الحالي. وكما هو معروف فقد تقلد منير فخري عبدالنور منصبه منذ نجاح ثورة ٥٢ يناير واستمر مواصلا لمهامه علي مدي ثلاثة تكليفات لرئاسة الحكومة بدأت بالفريق أحمد شفيق ثم الدكتور عصام شرف ثم أخيرا حكومة الدكتور الجنزوري.
ورغم الظروف الصعبة جدا والتي تضاف إليها حساسية صناعة السياحة لكل ما يهز أو يؤثر علي الاستقرار.. بذل الوزير جهودا جبارة لضمان تواصل الحركة السياحية. جاء ذلك إيمانا من جانبه بأهميتها في دعم الاقتصاد وادراكا لدورها في حل ما يتصل بمشاكلنا الاجتماعية ومنها علي سبيل المثال مشكلة البطالة.
وقد تعودت وفي أحلك الظروف التي مرت بها هذه الصناعة الواعدة ان أجده متفائلا. كان يؤكد لي دائما أن أهمية السياحة الاقتصادية تجعلها محصنة ضد أي تهديدات أو سوء تقدير خاصة ان أنشطتها لا تمس بالقيم والأعراف المصرية باعتبار أنها مقصورة علي السياح ووفقا لما يتماشي مع دياناتهم وسلوكياتهم. يضاف إلي ذلك ان جوهر ما تهدف إليه السياحة هو توفير الاستمتاع بإمكانات مصر التاريخية والطبيعية التي حباها بها الله وسخرها لتكون موردا لرخائها وازدهارها. وإذا كانت بعض الدول قد انعم الله عليها بالثروات التي يتم اخراجها من باطن الأرض مثل بترول دول الخليج فإن الطقس والتاريخ والحضارة تعد من نعم الله علي مصر التي كان يجب استثمارها لصالح شعبها وتقدمها.
بعد هذه المقدمة التي أراها ضرورية أعود إلي تفاؤل منير فخري عبدالنور الذي أبداه في لقائه بالصحفيين – أمس الأول- والذي عبر فيه بالأرقام عن مبرراته وأسباب هذا الشعور الذي يعكس في نفس الوقت شعورا بالنجاح في أداء مهمته لصالح الوطن. قال ان عدد السياح الذين زاروا مصر خلال الشهور الستة من هذا العام ودون حساب كل من يحمل جواز سفر مصريا بلغوا ٥ ملايين و٠٥٢ ألف سائح بزيادة قدرها ٧٢٪ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. اضاف بأن نسبة الزيادة كانت ٤٣٪ في الشهور الأربعة الأولي ولكنها تراجعت بنسبة ٧٪ نتيجة للأحداث التي شهدتها الساحة والمرتبطة بفعاليات الانتخابات التي شهدتها مصر والخوف من انعكاساتها.
ان ما يثير الاهتمام في الأرقام التي أعلنها وزير السياحة وتدعو إلي التحليل والبحث كما قال هو زيادة عدد السياح الروس بنسبة ٩٧٪ وبولندا ٦٦٪ وألمانيا وهولندا وسويسرا ٣٣٪ والدانمارك ١٧٪ والنرويج ١٠١٪ والسويد ٩٥٪. في نفس الوقت ارتفع عدد السياح القادمين من المشرق العربي بنسبة ٦٣٪ عن عددهم في نفس الفترة من عام ١١٠٢.
من ناحية أخري فقد اثارت الاحصائيات المتعلقة ببعض الأسواق الكبيرة مثل انجلترا وفرنسا بعض القلق نظرا لما حققته سواء من تراجع مثل السوق البريطاني ٧٪.. والسوق الفرنسي الذي ارتفع ولكن بنسبة ضئيلة جدا لا تتجاوز الـ1.1٪، وقد أرجع الوزير هذه النتائج إلي الحالة الاقتصادية في البلدين بالاضافة إلي اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في فرنسا.
ورغم هذه المؤشرات السلبية المحدودة بين الأسواق السياحية المتعاملة مع مصر فإن التوقعات تؤكد ارتفاع أرقام الحركة السياحية لتصل إلي ما يزيد علي ٢١ مليون سائح في نهاية العام.. انه يعتقد ان هناك فرصة للوصول بها إلي نفس معدلات عام ٠١٠٢ الذي يمثل عام الذروة حيث بلغ عدد السياح ما يزيد علي ٤١ مليون سائح حققوا موارد ٥.٢١ مليار دولار.