مسقط "المسلة" …. يضع الكثير من أبناء محافظة ظفار العمانية أيديهم على قلوبهم خوفا على مصير أكبر موسم سياحي تشهده سلطنة عمان ومنطقة الجزيرة العربية عندما سيتوافق شهر رمضان هذا العام مع ذروة ما يعرف في محافظة ظفار "بموسم الخريف".
وتتحول محافظة ظفار في منتصف شهر تموز/يوليو إلى جنة حقيقية حين تكتسي باللون الأخضر، وتنخفض درجات الحرارة فيها إلى عشرين درجة مئوية في النهار وعشر درجات في الليل، في وقت تبلغ فيه درجة الحرارة في بقية أرجاء الجزيرة العربية 50 درجة مئوية ويزيد في بعض الأحيان. إلا أنه مع بدء شهر رمضان يوم 21 تموز/ يوليو فإن التوقعات تشير إلى أن زوار الموسم والمهرجان السياحي السنوي سيشهدون تراجعا كبيرا في ظل حرص أبناء دول الخليج الذين يشكلون الرقم الأكبر في المهرجان على قضاء شهر رمضان في بلدانهم. وقررت بلدية ظفار أن تقدم فعاليات مهرجان صلالة السياحي ليبدأ يوم21 من حزيران/ يونيو ويستمر إلى يوم 21 تموز/يوليو وهو اليوم الأول من شهر رمضان، والبداية الحقيقية لموسم الخريف حيث تتراجع درجات الحرارة، وتبدأ الأمطار الموسمية.
وقال مجيد بن سعيد الشنفري من محافظة ظفار "سنتكبد هذا العام خسائر كبيرة.. تبقى فرصتنا الوحيدة في ما بعد شهر رمضان"، إلا أن مجيد يستدرك بالقول "لكنها فترة بسيطة لن تستمر إلا خمسة عشر يوما حيث ستبدأ المدارس وسيعود الناس إلى بلدانهم".
ويعول أبناء محافظة ظفار كثيرا على الدخول التي يحصلون عليها من استثمارات مرتبطة بالحركة السياحية، سواء كانت في الاستثمار في العقارات والشقق المفروشة، أو في بيع الهدايا والبخور، وبقية مستلزمات السياح.
رغم ذلك إلا ان بلدية ظفار تستعد هذا العام بشكل كبير في التجهيز لاستقبال السياح وتركز البلدية في مشاريعها على تطوير وتحسين شبكة الطرق الرئيسية بمدينة صلالة عاصمة المحافظة من خلال تنفيذها مشاريع ازدواجية الطرق لعدد من الشوارع الرئيسية بمدينة صلالة مما يساهم في انسيابية الحركة المرورية والتخفيف من حدة الاختناقات المرورية خلال موسم الخريف .
وتشهد محافظة ظفار تطورا ملحوظا في مشاريع البنية الاساسية التي يجري تنفيذها حاليا كمشروع وحدة القلب ومشروع توسعة مطار صلالة ومشروع محطة تحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية ومشروع مستشفى السلطان قابوس الجديد ومشروع تطوير مدينة حاسك بالإضافة الى المشاريع الاستثمارية المتوقع تنفيذها قريبا كمشروع الأرصفة وتوسعة محطة الشحن العام بميناء صلاله ومشروع تطوير شاطئ المغسيل ومشروع تطوير منطقة الحافة ومشروع انشاء حديقة الالعاب المائية بصلالة ومشروع المدينة الطبية الذي سيتم تنفيذه قريبا وسيساهم في
انشاء نمط جديد للسياحة وهي السياحية العلاجية . ويشتمل مشروع المدينة الطبية على خدمات سياحية وعلاجية بالإضافة إلى المراكز التشخيصية التي ستتوافر بالمدينة منها مركز لزراعة الأعضاء ومركز الغسيل الكلوي ومركز إعادة التأهيل الطبي وكلية للطب البشري وكلية للتمريض ومركز للأبحاث والدراسات بالإضافة إلى مركز صحي للطب البديل وشقق فندقية وسكن للأطباء والعاملين .
ويمثل مشروع المدينة الطبية أكبر مشروع للبنية الاساسية الطبية الخاصة في السلطنة لما يتمتع به من موقع جذاب ليكون مركزًا صحيًّا من الدرجة الأولى يخدم المجتمع المحلي وسوق السياحة العلاجية العالمية في المنطقة ويعزز مكانة السلطنة كوجهة مفضلة للسياحة الطبية في جميع أنحاء العالم.
كما يجري حاليا في محافظة ظفار تنفيذ العديد من المشاريع الاستثمارية الكبرى منها المرحلة الاولى من مشروع منتجع شاطئ صلالة ومشروع منتجع جزيرة السودة احدى جزر الحلانيات ومشروع المجمع التجاري السياحي الذي يعد من أهم المشاريع الترفيهية والتسوق في صلالة ويقع على أرض مساحتها 65 ألف متر مربع على شارع الرباط في منطقة الوادي وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع حوالي 27 مليون ريال عماني .
ويضم المجمع التجاري 7 محلات كبيرة الحجم و34 محلا متوسط الحجم و46 محلا صغير الحجم و16 مقهى عالميا و6 محلات متخصصة في نشاط بيع العصائر والمشروبات الباردة و10مطاعم للوجبات سريعة .. وبالإضافة إلى سوق مركزي عالمي و3 صالات سينما وصالة للبلياردو والبولينج وصالة لألعاب التسلية الالكترونية .. كما يتضمن المشروع شققا فندقية ذات فئة 3 و 4 نجوم وعددها 168 شقة .
وللسائح أن يتصور مكانا في الجزيرة العربية ـ حيث درجات الحرارة لا تنخفض عن 45 درجة في الفترة الممتدة من نيسان/ إبريل إلى نهاية آب/أغسطس ـ درجة حرارته دون العشرين، له أن يتصور جبالا شاهقة يكسوها اللون الأخضر وتحيط بها الأنهار من كل مكان فيما السماء تهدي الأرض بعض رذاذ يدغدغ وجنتي الزائر كمداعبة مجانية في مدينة الضباب والجمال.
ومدينة صلالة التي تقع على مرمى حجر من اليمن تبعد عن العاصمة مسقط بحوالي 1200 كم وللسياح من عشاق السفر البري أن يقضوها في 10 ساعة وسط طريق صحراوي يشاهد من خلاله الكثير من قطعان المها العربية والغزلان والعديد من الحيوانات البرية، كما له أن يستخدم أحدى طائرات الطيران العماني في رحلة لا تستغرق أكثر من 45 دقيقة . ورغم طول مسافة الرحلة البرية إلا أنها تحمل من المتعة الكثير والكثير فقبيل وصولك إلى صلالة تشعر بقسوة الطقس وتبدأ بصعود جبال صلالة أو ما يعرف بالخط الأخضر حتى إذا ما استويت في الأعلى تتغير معالم الحياة تماما، فالرمال تتحول إلى بساط أخضر، والحرارة العالية إلى جو بارد ومعتدل مقارنة بطقس الجزيرة العربية .
ويعتبر الكثيرون مدينة صلالة وهي العاصمة الإدارية للمحافظة ظفار والتي تقع في أقصى الجنوب العماني أرخص المصايف في المنطقة خاصة وأن كل مقومات السياحة العائلية موجودة ومتاحة .
وفي السنوات القليلة الماضية تحولت مدينة صلالة إلى أهم مصيف للعائلات الخليجية خاصة بعد أن عملت سلطنة عمان إلى الاهتمام بالمدينة سياحيا .
تغيب الشمس عن المدينة حوالي ثلاثة شهور ولا تكاد تظهر، فيما تنخفض درجة الحرارة إلى عشرين درجة في النهار وإلى عشر في الليل، وتتحول الجبال الشاهقة إلى خضراء بعد أن تنمو الأشجار الخضراء وتنزل الأنهار التي كانت قد توقفت عن الجريان وتكثر الشلالات، وتتدفق عيون الماء الطبيعية العذبة . أما البحر الممتد على طول محافظة ظفار التي تنتمي إليها مدينة صلالة فيعطي الطبيعة الساحر أبعاد خيالية لا تنتمي إلا لحكايات ألف ليلة وليلة .
ويعمل مهرجان خريف صلالة المصاحب للموسم السياحي على التعريف بالتراث العماني والثقافة الإنسانية والحضارية التي شهدتها المنطقة . وقبل عامين افتتح في مدينة صلالة متحف أرض اللبان والذي يضم بين أروقته وردهاته الكثيرة تاريخ إقليم ظفار منذ ملايين السنين وصولا إلى العهد الحديث .
ورغم أن المقومات السياحية في مدينة صلالة طبيعية ولا دخل للعامل البشري فيها إلا أنه ومع توجه سلطنة عمان إلى تحويل السياحة إلى مصدر من مصادر الدخل القومي فقد شهدت محافظة ظفار نقلة نوعية فكثرت الفنادق بنجومها المختلفة إضافة إلى الشقق الفندقية والفلل التي عادة ما تستقطب العائلات من مختلف بقاع العالم نظرا لأسعارها المنخفضة والتي لا تتجاوز 140 دولارا في اليوم وتكثر في مدينة صلالة الكثير من المنتجعات السياحية التي تقدم للسائح كل ما يحتاجه ليكتمل جمال المشهد السياحي .
رغم ذلك فإن الكثيرين وخاصة أبناء المحافظة يفضلون قضاء موسم الخريف في السهول الخضراء من خلال إقامة المخيمات الجماعية القريبة من أماكن الاحتفالات لتسهل مشاهدة العروض والمهرجانات التي تكثر في سهل أتين. وتتوفر السيارات الرباعية الدفع لدى العديد من المكاتب السياحية بسائقين لديهم المعرفة والخبرة بالطرق والاتجاهات، لتتيح للسياح التجوال في الأودية والمناطق الوعرة، للتمتع بالمناظر الطبيعية البكر.
وفي فصل الخريف يكسو البساط النباتي الأخضر الشريط الجبلي لمحافظة ظفار والذي يضم جبالا شاهقة مثل جبل سمحان وسلسة جبال القمر وجبال القرا. وتشتهر ظفار بوجود القبور والأضرحة والمزارات الدينية مثل قبر النبي أيوب، وقبر النبي صالح وقبر النبي عمران، وموقع ناقة النبي صالح عليهم السلام، ومقابر عصر ما قبل الإسلام.
ويعتبر سهل أتين في الشمال من صلالة من أهم الأماكن التي تقام بها المهرجانات والاحتفالات، ومقصد سائحي دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تقام الخيام التي تغطي كامل هذا السهل الأخضر، ليشاهد الجميع البرامج المنوعة المقامة خلال الموسم السياحي. ويتوفر في صلالة خليط من الأسواق التراثية والحديثة، ويلاحظ مرتاد الأسواق الشعبية احتواءها على العديد من البضائع التراثية التي يمكن شراؤها، كاللبان والأنواع المتعددة من البخور والعود والعطور الظفارية والمباخر والأدوات التقليدية التي تستخدم في البيت العماني، ومزيج من الكماليات القديمة والحديثة والصناعات التقليدية، فيما تجد محال خصصت للحلوى العمانية التي تجد لها إقبالا من قبل السواح.
