القدس "المسلة" … تواصل إسرائيل سباقها مع الزمن لتغيير معالم القدس الإسلامية من خلال مشاريع عمرانية يؤكد الفلسطينيون أنها تهويدية ترتدي حلة سياحية.
وآخر هذه المشاريع المخطط الذي أقرته بلدية الاحتلال في القدس أمس لإقامة عمارة بمساحة ثلاثة دونمات وسط بلدة سلوان بجوار مسجد عين سلوان باسم "بيت العين" بمبادرة وتمويل "جمعية إلعاد" الاستيطانية.
ويشمل المخطط العمراني إقامة "المتحف الأثري" و"مظاهر دينية" وهو جزء مكّمل لمخّطط حكومي يدعى "الهيكل التوراتي" الذي أقر قبل نحو ثلاثة أشهر لإقامة مبنى تهويدي ضخم في حي وادي حلوة.
وسيقام "متحف التوراة" عند المدخل الشمالي لبلدة سلوان، قبالة الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة على مساحة تسعة دونمات.
وتوضح مؤسسة الأقصى للوقف والتراث أن قرارا حكوميا إسرائيليا صدر قبل أيام معدودة يحمل رقم 4654، ويقضي ببناء مواقع تحمل "الجذب التوراتي" في القدس خاصة في المواقع الأثرية التاريخية.
وتحذّر المؤسسة من هذه المشاريع التهويدية وتبعاتها الخطيرة على المسجد الأقصى، وتنوه إلى أنها تندرج ضمن مخطط لتطويقه من الجهة الجنوبية والغربية بسبعة أبنية تهويدية ضخمة تشكل "مرافق الهيكل المزعوم"، ومراكز لنشر الرواية التوراتية والتلمودية المزعومة للقدس المحتلة.
وردا على سؤال للجزيرة نت يؤكد مدير مؤسسة الدراسات العربية في القدس خليل توفكجي أن إسرائيل تعمل عبر هذه المشاريع لربط التاريخ والدين بالسياسة بهدف إعادة تشكيل التاريخ المقدسي برؤية إسرائيلية، ويضيف أن "الاحتلال يغتال القدس وتاريخها بغطاء سياحي".
احتلال الوعي
ويشير توفكجي إلى أن الاحتلال يتجه نحو بناء سلسلة متاحف ومزارات أثرية وسياحية على غرار المتحف القائم تحت الأرض في باب العامود من أجل رواية قصص داود وسليمان على مسامع آلاف الزائرين الأجانب ضمن حربه على الوعي، ويرى أنهم يسعون من خلال ذلك إلى طمس تاريخ الأقصى وقبة الصخرة واختلاق روايات يهودية للمكان.
وردا على سؤال آخر يوضح التفكجي أن المؤتمر الإسلامي الأخير في العاصمة القطرية الدوحة لم يوقف مخططات التهويد الجاري تنفيذها على الأرض، لافتا إلى تقصير الفلسطينيين والعرب والمسلمين في حق القدس.
ويضيف "نحن نغدق على القدس الدعم اللفظي فقط وهي بدون أي مرجعية منذ رحيل ابنها عبد القادر الحسيني، فيما هي ذات أفضلية قومية بالنسبة لإسرائيل فتشهد عمليات تهويد يوميا".
وهذا ما تؤكده أيضا مؤسسة الأقصى للوقف والتراث التي كشفت أنّ الاحتلال ينفذ هذه الأيام أكبر حملة حفريات أسفل المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه منذ 150 عاما.
ويشير المتحدث باسم المؤسسة محمود أبو عطا للجزيرة نت إلى أن هذه الحفريات تتزامن مع حملة تزييف غير مسبوقة للموجودات الأثرية بهدف إيجاد مدينة يهودية مزعومة في جوف الأرض وعلى سطحها في محيط المسجد الأقصى المبارك.
وجاءت اعترافات الاحتلال بذلك خلال تقديم درع تقديرية وجائزة "حارس صهيون" لما يسمى "سلطة الآثار الإسرائيلية" ومديرها العام ضابط سلاح المدفعية السابق في جيش الاحتلال يهوشع دورفمن من قبل جامعة بار إيلان.
حفريات كبرى
وعممت "سلطة الآثار" نشرة خاصة بهذه المناسبة تضمنت مقالات وتقارير تفاخر بحملة الحفريات الكبرى حول المسجد الأقصى في السنوات الأخيرة.
وأوضح أبو عطا أن حملة الحفريات الكبيرة المذكورة تهدف لحفر شبكة من الأنفاق أسفل المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه وتأسيس حيّز افتراضي تضليلي لمدينة يهودية في عمق الأرض وعلى سطحها في المنطقة الملاصقة والمجاورة للمسجد الأقصى.
كما يلفت إلى أنها بموازاة البناء التهويدي تدمر بشكل منهجي الموجودات الأثرية التاريخية الإسلامية والعربية مع حملة تزييف وتهويد للموجودات الأثرية وادعاء باكتشاف غير مسبوق لموجودات أثرية عبرية من فترة الهيكل الأول والثاني المزعومين.
في المقابل قال عضو الكنيست إبراهيم صرصور (من القائمة العربية الموحدة) في اقتراحه لحجب الثقة عن الحكومة الإسرائيلية اليوم إن التوراة جاءت في كثير من قصصها مؤيدة للرواية التاريخية الفلسطينية.
ونوه صرصور إلى أن التوراة أيضا تؤكد دائما أن فلسطين وطن قد سكنه الفلسطينيون منذ 5000 سنة، أي قبل وصول اليهود إليها في زمن موسى عليه السلام وخليفته يهوشع بن نون