عمان "المسلة "…. تراجعت السياحة القادمة من أوروبا واليابان وروسيا والولايات المتحدة إلى المنطقة العربية، وتأثرت الأردن سلبيا، على المستوى السياحي، بالأوضاع في مصر، فالسياح كانوا يحضرون ضمن عروض تشمل زيارة مصر والأردن، أو سوريا والأردن، وذلك ليس مشكلة في حد ذاته، فالوجهات السياحية يمكن أن تكون في كثير من الأحيان مزدوجة، مثل النمسا والمجر، أو ايطاليا وسويسرا.
..ضمن هذا السياق؛ فالمشكلة هي في تعويض الموسم السياحي من خلال السياحة العربية والتي تتركز في فصل الصيف، وتجهيز خطة طوارئ لاستيعاب السياح العرب الذين أصبحت الأردن تمثل وجهتهم الوحيدة، تقريبا، لهذا الصيف.
أعلن أكثر من بلد خليجي توجهه لحصر سفر مواطنيه إلى لبنان، والأردنيون يتمنون أن تتعافى لبنان، حيث أنهم في صدارة السياحة العربية إلى هذا البلد، الذي جرت العادة على تسميته بسويسرا الشرق، والأوضاع في سوريا ومصر للأسف ليست مشجعة، ولا يمكن لأي أسرة خليجية أن تحظى بفرصة لإقامة طويلة في تركيا أو قبرص، لأنها تقصد أولا السياحة العائلية، ولأن رحلاتها طويلة نوعا ما، لدرجة أن بعضها يستغرق فصل الصيف بأكمله.
أعداد السياح المتوقع
تصعب التقديرات حول أعداد السياح المتوقع أن يقصدوا الأردن في الأسابيع المقبلة، والسائح الخليجي عادة ما يتوجه للأردن لأسباب ثقافية وعاطفية، بمعنى، أنه لا يأتي بقصد مشاهدة الآثار أو حتى التمتع بالشواطئ، ولكنه يهرب من أجواء القيظ في الخليج العربي في هذه الأشهر من السنة، ليحظى بفرصة الحصول على نسمة من الهواء العليل على روابي عمان وجرش وعجلون والسلط.
السائح الخليجي عادة ما يقصد الأردن بسيارته نظرا للترابط الجغرافي الذي يربطنا في الأردن بدول الخليج، وعلى ذلك فإن خطة طوارئ عالية المستوى يجب أن توضع لإدارة السير في عمان في أسابيع فصل الصيف، الذي يوازي العطلة المدرسية الصيفية في دول الخليج، وهي أطول بشهر كامل على الأقل من العطلة المدرسية في الأردن، وبجانب ذلك ستتقاطع هذه العطلة مع شهر رمضان الكريم.
التكيف مع متطلبات الموسم
الفرصة المتاحة أمام الفنادق الأردنية من فئات الخمسة والأربعة نجوم لتثبت قدرتها على التكيف مع متطلبات الموسم السياحي، والمشكلة في هذا القطاع الفندقي أن إداراته الأجنبية كثيرا ما تتوقف أمام فوارق ثقافية تتطلبها السياحة العربية، ولذلك، فإنها تفضل أن تعتمد على طريقة عملها التقليدية المتبعة في السلسلة الفندقية صاحبة العلامة التجارية، دون أن تحاول أن تعطي حلولا مبتكرة لاستيعاب مزاج سياحي مختلف، وهو ما تمكنه مصر سابقا من تجاوزه، فالفنادق المصرية تتسم بالمرونة، ففي الصيف حيث يتوافد السياح من الأردن ولبنان إلى شرم الشيخ، تتحول الفنادق إلى احتفاليات عربية الطابع، بينما ترتدي القبعة الأخرى، مع الشتاء وقت أن تتحول شرم الشيخ إلى جهة أساسية لدى السياح الروس والأوروبيين الهاربين من العواصف الثلجية إلى شمس البحر الأحمر.
الطاقة الاستيعابية للسوق السياحي الأردني لن تتمكن من استيعاب التدفق السياحي لهذا الصيف بسهولة، ولكن ليس أمام الأردنيين إلا تطبيق النموذج التركي، فعلى الرغم من ارتفاع الأسعار في تركيا بشكل عام، فإن فنادقها وحتى الناقل الجوي التركي، يحتفظ دائما بأسعار مناسبة، فالسياحة في تركيا مصممة أساسا لخدمة القطاعات الاقتصادية، بمعنى أنها تستقطب السياحة بالملايين لتحريك جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى، ولذلك فالمرافق السياحية تحظى بخدمات تفضيلية من الحكومة التركية.
الموسم السياحي القادم هو فرصة لبناء سمعة متميزة للقطاع السياحي في الأردن، وذلك يتطلب أن تتحرك الجهات المعنية بصورة ايجابية، وعلى المدى البعيد، يجب أن تتم (أردنة) القطاع السياحي الأردني، ليس على مستوى الكوادر الشابة، ولكن على مستوى القيادات في الفنادق والمرافق السياحية المهمة، وهذا هو التحدي الأساسي.
قرى سياحية ومحميات طبيعية
فالخصوصية الأردنية، والثراء الثقافي، يجعل الأردن، خليطا من المحافظة التي تتناسب مع السياحة العائلية، ومرة أخرى، منفتحا، يلائم السياحة الأوروبية والأمريكية، وهذه الفلسفة جعلت شرم الشيخ المقصد الأساسي للسياحة في المنطقة، علما بأن سيناء لا تكتسب من المقومات السياحية سوى الشواطئ، بينما المعادلة الأردنية أكثر ثراء، فعلى مقربة من الشواطئ توجد المناطق الأثرية، ويوجد البحر الميت الذي يعد في حد ذاته، ثروة غير مستغلة، نتيجة رؤية سياحية قاصرة ومحدودة لاستثماره، في المقابل توجد الجبهات الجبلية التي يمكن أن تتحول إلى قرى سياحية ومحميات طبيعية تشكل مقصدا للسياحة الخليجية تحديدا.