بقلم : محمود كامل … تشتاق مصر كثيراً إلى مصر، ونحن معها مشتاقون لمصر التي كانت مضرب الأمثال قبل أن «نغضب الكل من الكل» لنسمع من الألسنة ما لم نكن نسمع قبل أيام «الغضب» تلك التي اجتاحت -دون أي مبرر معقول- كل الحياة المصرية، حيث يتربص الجميع.. بالجميع، مع أنهم إخوة… وأبناء عم .. وخال؟
ولعل ما يعيننا على صعوبة الحياة المصرية الآن هو أيام طويلة عشناها في «العهد البائد» قبل ثورة يوليو التي استقبلنا صناعها استقبال الفاتحين، وهو ما طمع هؤلاء بكراسي السلطة والحكم التى جذبتهم إلى درجة عدم العودة لمعسكراتهم، ليدخلوا بمصر في دوامة لم تخرج منها إلا عندما قررنا الخروج بثورة يناير التى أردنا بها استعدال كل ما هو معوج وفاسد لندحل بذلك دوامة الفلول والأنصار، و»أسفين ياريس» من فصيل مصرى «أحس بالغربة» فور إزالة «القدم الهمجية» من فوق رقبته ليشتاق من جديد لقسوة أمن الدولة، وجهاز أمن مبارك الجهنمى الذي يشارك الآن بهمة في العودة بمصر من جديد إلى نقطة الصفر. وهو ما لن يكون حتى لو حاربناهم لسنين، بمنطق «ياروح ما بعدك روح».
ولعل ما نحن فيه سببه أن هؤلاء لم يحاكموا بتهمة قتل ألوف المصرين ودفنهم دون عزاء أو إبلاغ للأهل في حفر بالصحراء، وقد أطمعهم ذلك «العفو الأبله» بإمكانية العودة لما كان حيث كان لا فرق بين أموالهم الخاصة ومعهم عصابة مبارك وأموال الخزانة العامة للدولة بمنح شهرية مالية ومساحات أراض لضمان ولائهم للحاكم.. وليس لمصر! وهو ما كان ينبغي المحاسبة عليه بعدالة القانون أو بمشانق الثورة في التحرير لأول مرة بعد «مشانق دنشواي» التى نصبها الإنجليز لمظاليم الفلاحين؟ورغم الفوضى، فإن مصر التي نشتاق إليها سوف تعود، ولابد وأن تعود عندما تبتلع «الكيميا المصرية» كل الطفح الجلدي الذى بدا على وجه مصر الجميل، مصر «الأمن والأمان»، مصر التى تشتاق إليها مصر وبأمر الله -مهما طالت الأيام- سوف تعود!