بقلم : محمود كامل … ولأن حكايات موالد الأضرحة طويلة فإن الحديث عنها يحتاج إلى صفحات كثيرة ليس فيها من الحلال الكثير، بل يتعارض أغلبها مع صحيح الدين، ومنع ازدواج الولاء لله مع آخرين حتى لو كانوا من أولياء الله الصالحين الذين من أجلهم يدفع الفقراء كل ما يملكون من أموال قليلة لصناديق النذور التي لا يعلم أحد حتى الآن مصير أموالها، رغم مظاهر الثراء التي تبدو واضحة على المشايخ الذين يمتلكون مفاتيح أقفال تلك الصناديق دون أن تسألهم جهة حكومية واحدة: من أين لك هذا؟
ولعل من أطرف ما قيل من حكايات حول سرقة صناديق النذور، ذلك اللقاء الذي تم على عداء بين صديقين أحدهما شيخ مسجد به ضريح والآخر قسيس كنيسة مجاورة، ليدور بينهما – بحكم الجيرة – حديث ودي عن الأحوال الأسرية لكل منهما، وتطرق الحديث إلى صندوق النذور بالمسجد، وصندوق نذور الكنيسة وكيفية التصرف في أموالهما، ليتحدث القس عن لجنة شهرية بابوية من الكاتدرائية يُفتح في حضورها صندوق النذور الذي لا تملك مفاتيحه سوى تلك اللجنة التي تحصر الأموال في محضر لترسل إلى لجنة خاصة بالكاتدرائية مسؤولة عن توزيع الأموال على «مدارس الأحد» القبطية مع مرتبات شهرية تصرف لفقراء الأقباط، خاتماً حديثه بسؤال الشيخ: وأنت بتعمل إيه؟ ليرد مولانا: الحكاية أبسط من كده بكتير، أنا أفتح الصندوق كل شهر و«أحدف» كل الفلوس لسقف الجامع ليأخذ الله منها ما يريد، واللي يقع تحت من نصيبي.
وبذلك أضمن وصول حقوق الفقراء إليهم عن طريق ما يحجزه الله لهم الذي يترك لي ما تبقى باعتباري من «العاملين عليها»، ويتصور مولانا «النصّاب الضلالي» أنه أعطى لكل ذي حق حقه، بينما ضمّن المسلمون أصحاب تلك القصة الفكاهية رأيهم فيما يقوم به الشيخ، مقارنة بما قاله «قسيس الكنيسة».. وكفاية لحد كده الكلام على أموال النذور التي يقتطعها الفقراء من قوت عيالهم فيما لا طائل منه!