بقلم : محمود كامل
من بين العبارات الكثيرة التي فقدت محتواها ومعناها هذه الأيام عبارة: مع احترامي لسيادتك، سواء كانت بداية لنقاش، أو في وسط نقاش يدور بين مجموعة من المعارف -ولا أقول أصدقاء- وعليك عندما تقطع تلك العبارة نقاشك ألا تتوقع بعدها خيراً، ذلك أنها مقدمة لتسفيه كل ما قلت، ومدخل إلى عدم الاحترام لأي مما قلت، حتى لو كانت العبارت الواردة في عقبها مجرد «هلضمات» كلامية فاقدة المعنى والمضمون.
ومن بين الاتفاقات غير المكتوبة بيني وبين الأصدقاء الحقيقيين هو عدم استخدام تلك العبارة «اللولبية» في أي حوار بيننا إلى درجة أن مجرد قولها -إذا ما نسي أحد الأصدقاء الاتفاق غير المكتوب- هو مقدمة لموجة عارمة من الضحك، ليرد الموجه إليه الكلام بالقول «هيَّ حصّلت كمان قلة الأدب للدرجة دي»، ليعتذر القائل بأنه نسي ما اتفق عليه ليسأل: طيب ينفع «مع عدم احترامي لسيادتك» لنرد جميعاً في صوت واحد «آدي أصول الكلام»!
وقد اتفقنا فيما بيننا إذا فرض «واحد غتيت» نفسه على الشلة أن تبدأ الحديث معه بتلك العبارة الشهيرة في إعلان -فيما بيننا- أن المذكور قد أهدر دمه، وعلينا جميعاً «أن نخبط فيه» إلى أن يرحل، ولا يفكر مرة أخرى في فرض نفسه علينا، إلى درجة أن «كروكيه نادي هليوبوليس» الذي نجتمع فيه يومياً أصبح يعرف شلتنا بأنها مجموعة (مع احترامي لسيادتك)، التي أصبحت -بطول التسمية وانتشارها- مثل الـ»سبراي» الذي يمنع الناموس، وإذا ما لاحظنا أن أحد هؤلاء يلف حولنا ويدور في شوق للاشتراك فيما نناقش فإنه يكفي أن نناديه: (مَ تيجي «يا مخدم» تشترك معانا)، لنتلقى إجابته: (لأ.. أنا مْرَوَّح)!