بقلم : محمود كامل
من أيام «أحمس» طارد الهكسوس، والحكومات تتعامل معنا على أننا سكان «شقق مفروشة»، أو مستأجرو «دكاكين بالجَدَك»، أو «شاغلو» كبائن مصيف على شط البحر، وأننا لسنا مواطنين، رغم علم كل تلك الحكومات -الفرعون منها والعسكري- بأن «كل قرش» يجري في شرايين الاقتصاد هو ناتج جهدنا وضرائبنا، وعوائد مرافق ومنشآت يملكها الشعب، لعل أهمها «قناة السويس»، وزيارات المتحف وأهرامات الجيزة، وغير ذلك باعتبارنا ملاك الوطن وكل ما على أرضه، إلا أن كل السلطات التي تتولى أمرنا -غصباً عنا- تتعامل معنا على أننا «شوية عيال قُصّر- من فاقدي الأهلية، ولم نبلغ بعد «سن الرشد» ولن نبلغه، مع مفهوم لا يتزحزح بأن «اللي مش عاجبه يخبط راسه في الحيط»، إلا أنهم -والحق يقال- تركوا لكل فرد حرية الحائط اللي يعجبه لخبط رأسه.. «ديمقراطية بأه»!
ولأنني مدمن قراءة صحف لمدة تزيد كثيراً عن «نصف قرن»، فإن تلك الصحف تلزمه عبارة «تفقع المرارة» تحت صورة كل لقاء يتم بين مسؤول حكومي وزائر أجنبي مهم -بما في ذلك لقاءات القمة- تقول إنه قد جرى خلال ذلك اللقاء بحث «العلاقات الثنائية» بين البلدين، وسُبُل دعمها وتقويتها في المجالات كافة، بالإضافة إلى الأمور «ذات الاهتمام المشترك».ولأنني من ذوي الحالات الخاصة -في مجال الذكاء المحدود- فإنني في الحقيقة لم أفهم -طوال تلك السنين- الفرق بين «العلاقات الثنائية» والأمور «ذات الاهتمام المشترك»، غير أن الفهم الوحيد الذي استقر لدي هو أن كل مباحثات تتم بشأن بلدي لابد وأن تظل سرّاً عليّ، وأنه ليس من حقي أن أعلم فحواها أو نتائجها، لنعلم بعد ذلك -فور قراءة أسرار النظام الذي سقط- أن أغلب تلك المحادثات كانت تدور حول «عمولات المسؤول» من الزائر حول أرض بألوف الأفدنة «بسعر بخس»، أو بيع مصنع أو شركة لديها أراضٍ تساوي القيمة المدفوعة ثمناً مائة مرة على الأصل.. «استثمارات بأه»!