بقلم : محمود كامل
كثير من الخلق هذه الأيام «لا يعجبهم العجب، ولا الصيام في رجب» في نوع من «البطر بالنعمة» مع أن أغلب هؤلاء «لا يتعاطون الصيام» أصلا، ولا علاقة لهم بالجوع أو بالعطش، ناهيك عن الصبر على المكاره، بما في ذلك مشكلات كل بيت من أمور الزوجية والأولاد، يضاف إليها «قطع الرحم» مع القريب والنسيب عند أي بادرة لطلب المعونة في «ندالة» خالصة لوجه الشيطان الذي هو إبليس الذي «أبى واستكبر»، ومع ذلك فهو رفيقه الدائم وإن أنكر هو ذلك!.
وبوسوسة الشيطان يهيئ لصاحبه أنه مالك الحكمة وحده، وأن كل ما يقوله الآخرون مجرد «هراء» «لا يودي ولا يجيب»، ومن ثم فإن تجاهل كل ما يقولون هو نوع من الحكمة التي يحتكرها، وخلال مشوار حياة هذا الصنف من الناس يفقدون أصحابهم واحدا واحدا، وذلك أن المرء يستأنس دائما بالحديث مع صاحبه باعتبار أن الإنسان -كل إنسان- «حيوان اجتماعي» بطبعه، وأن تبادل الأحاديث بين الناس يخفف عليهم الكثير من هموم الحياة!
ولا يكتشف هؤلاء مرارة الوحدة إلا عند اقتراب المشوار من النهاية – حيث لا أهل في الجوار ولا أصحاب- حتى الزوجة والأولاد قد انصرفوا تماما عنه وإن كانوا حاضرين بوجودهم الجسدي في نفس السكن، ليظل هو بينهم غريباً في وطنه وسكنه معزولاً عن كل الأحباب، بل وحتى الشيطان – صديق عمره وصاحبه- ينصرف عنه فلا يوسوس إليه مثلما كان، ذلك أن المهمة قد تمت لقرب الرحيل، حيث يتبرأ الشيطان منه عند «حساب الرحاب»، ليتعذب في أيامه الأخيرة أي عذاب، فإذا أتى يومه وساعته، شمر الجميع سواعدهم ليسرعوا به – في همة ونشاط- إلى مضجعه الأخير، ليعودوا من المهمة وقد تنفس الجميع الصعداء بزوال «الغمة» خاصة عندما يحس عياله بأنهم قد ولدوا من جديد بعد رحيل ولي الأمر الذي لم يكن أكثر من ولي للشيطان!